منوعات

هل يأتي لودريان إلى بيروت رافعاً علم “استسلام” فرنسا؟

إن كان تقريب موعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت من منتصف أيار إلى الأسبوع الأوّل فيه قد شكّل مفاجأة، فإن تحجيم جدول أعمال الزيارة قد شكّل صدمة للمتابعين للمساعي الفرنسية، إذ باتت زيارة المسؤول الفرنسي، بحسب ما رشح من معلومات، محدّدة بـ 24 إلى 36 ساعة فقط، ويبدو أن لقاءاته ستقتصر على رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري.

زيارة على قياس البعض

ليس أكيداً حتى اللحظة حصر لودريان لقاءاته بعون وبري، ولكن الأكيد، بحسب مصادر سياسية مطّلعة، أن رأس الدبلوماسية الفرنسية قرر حصر جدول أعماله الذي كان واسعاً وفيه لقاءات عديدة مع مختلف الأطراف، مشيرة إلى أن أسباب التوجّه الفرنسي غير معروفة حتى اللحظة، إنما بكل تأكيد لن يكون الهدف خروج باريس من الساحة اللبنانية.

تلقّت جهات سياسية لبنانية خبر لقاءات لودريان بسلبية كبيرة، إذ اعتبرت أن الفرنسيين يتجهون للتصعيد، وزيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى بيروت لا تهدف لإيجاد حلول، ولا لدفع المسؤولين للتلاقي إنما للتصعيد، وتكشف المصادر أن بعض هؤلاء عبّر عن قلقه من احتمال “استسلام الفرنسيين” وفقدان الأمل في تطبيق المبادرة الفرنسية.

وفي هذا السياق تعتبر مصادر قيادية في “التيار الوطني الحر” عبر “أحوال” أن باريس لا تُريد هذه المرّة تفسير زيارة وزير خارجيتها إلى بيروت على  أنها لدعم شخص محدّد، خصوصاً أن هذا الشخص لم يعد يجد من يغطّيه، مشيرة عبر “أحوال” إلى أن البعض يريد من لودريان أن يزور مقرّ واحد، ويستمع لرجل واحد لاجل اتّهام الآخرين بالتعطيل.

من جهتها ترى مصادر “تيار المستقبل” أن وزير الخارجية الفرنسي يساوي بين المعطّل وغير المعطّل، وهو بحال صحّت المعلومات حول جدول أعماله، وهو ما لم يتم التأكد منه بعد، فإنه لن يخدم هدف الإدارة الفرنسية بتنفيذ ودفع المبادرة إلى الأمام.

بين المنطق والواقع

هناك بالمقابل من يعتقد أن باريس لم تدخل الملف اللبناني لتخرج منه خالية الوفاض، وتعتبر المصادر عبر “أحوال” أن مسألة العقوبات التي تعمل عليها باريس تؤكد أنها بصدد التصعيد لفرض مبادرتها ووجودها، خاصة أنها لجأت إلى خارج الإتحاد الأوروبي لفرض هذه العقوبات او لبحث إمكانية فرضها، بعد أن وجدت معارضة من بعض دول الإتحاد، الامر الذي دفعها للبحث عن شركاء في هذا الامر على رأسهم الولايات المتحدة الاميركية التي قد تكون خير شريك بحال قبلت التعاون مع الفرنسيين، علماً أن الإدارة الأميركية الجديدة غير متحمسة لمسألة فرض عقوبات لعدم جدواها.

وتضيف المصادر: “لا مؤشرات فرنسية بشأن مستقبل علاقتها مع لبنان، ولكن عند الحديث عن أسباب دخول فرنسا بقوّة إلى الملف اللبناني يصبح الحديث عن خروج باريس من الساحة اللبنانية ضرب جنون، لأن مصالح فرنسا هنا كثيرة جداً وهي مستميتة في الدفاع عنها والحفاظ عليها، وهي تبدأ بالثروات النفطية ولا تنتهي عند القطاع المصرفي وقطاع الإتصالات، ومرفأ بيروت مؤخراً”.

تؤكد المصادر أن الفرنسيين يرغبون على الأقل بالبقاء ضمن لائحة الدول المستفيدة من الحل في لبنان، ولكن هذا لا يعني أن الإدارة الفرنسية لا تعاني من الإحباط الشديد جرّاء ضياع فرص عديدة كانت متوافرة لتضمن تفرّدهم بالساحة اللبنانية.

اعتذار الحريري؟

أما على مستوى الملف الحكومي الداخلي، فلا تزال محاولة البطريرك الماروني بشارة الراعي جمع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف قبل زيارة وزير الخارجية الفرنسي صعبة للغاية، وتكشف المصادر أن الحديث اليوم لم يعد حول إمكانية تشكيل الحكومة من عدمها، بل أصبح حول ما إذا كان الحريري سيعتذر أم لا، وما إذا كانت التطورات في المنطقة ستطال لبنان قريباً.

وتضيف المصادر: “بكل تأكيد لا يبدو تيار المستقبل مرتاحاً لتطورات المنطقة وهو يخشى أن يكون التقارب السعودي الإيراني، والسعودي السوري على حسابه، لذلك أصبح خيار اعتذار الحريري وارداً أكثر من أي وقت مضى”.

 

 

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى