حقوق

لعنة المصارف تلاحق أصحابها وشكاوى جديدة بحقهم هذا الأسبوع

هل يدخل قرار القاضية أماني سلامة حيّز التّنفيذ قريباً؟

منذ أن أقامت المصارف في لبنان قاطعاً بوجه حسابات المودعين، واحتجزتها منذ عام 2019 من دون وجه حق، وطوّقت سحب الودائع بالدّولار، وهرّبت ما استطاعت تهريبه إلى الخارج؛ بدأت الدّعاوى القضائيّة بحقّ المصارف تتوالى في عدد من المحاكم المحليّة والدوليّة، لأسباب مرتبطة بسوء الأمانة والإفلاس الاحتيالي والتخلّف عن تسليم الودائع لأصحابها.

وبعد أن فقد المودعون الثّقة بالقضاء اللّبناني وقدرته على إيقاف النّزف في قيمة ودائعهم، ها هو قرار قاضي التحقيق الأول في البقاع_ القاضية أماني سلامة، يغيّر المعادلة ويعيد الثّقة تدريجيّاً، ويسجّل سابقة في تاريخ الدّعاوى الجزائيّة المرفوعة بوجه المصارف ورؤساء مجالس إدارتها؛  إذ قضى القرار بوضع إشارة منع تصرّف على عقارات جميع المصارف، وعقارات رؤساء مجالس إداراتها وحصصهم وأسهمهم في عدد من الشركات، داخل الأراضي اللّبنانية وخارجها. فمتى يدخل القرار حيز التنفيذ؟

المحاكمة لا تسثتني موظفي المصارف

قرار القاضية سلامة صدر بناء على بيانات نفي ملكيّة، وهذه البيانات تتضمّن معلومات دقيقة، ما يتطلب تحويل القرار بكل تفاصيله إلى الدّوائر العقاريّة كي يتمّ وضع إشارة منع تصرّف على كل عقار على حدة. كما وتتطلّب المرحلة المقبلة تقديم مستندات ورسوم وطوابع، وبذلك يكون القرار قد دخل حيّز التّنفيذ. “ابتداءً من الأسبوع المقبل سنباشر بالخطوات المطلوبة”، بحسب مؤسس تحالف “متحدون” المحامي رامي عليق.

ويضيف عليق، سيتم متابعة ملفات نفي الملكيّة، لذلك طلبنا الدّعم من كل شخص قادر على تقديم المساعدة. فهدفنا هو تغطية كلّ المصارف العاملة في لبنان دون استثناء؛ وهذا لن يطال فقط المدراء وأعضاء مجالس الإدارة، بل أيضاً عدداً من الموظفين الأساسيين في المصارف، كونهم يمتلكون جميع البيانات المصرفيّة.

طلب منع سفر

ويشير عليق إلى أنّ المحاميّة سينتيا حموي مديرة مكتب “متحدون” قد تقدمت بطلب رفع السّريّة المصرفيّة ومنع السّفر لهؤلاء، خصوصاً وأنه بحسب المعلومات المتدوالة، إنّ المدّعى عليهم يسرحون ويمرحون على متن طائرات خاصّة بشكل يومي دون حسيب ولا رقيب، ما قد يؤدي إلى مزيد من عمليّات التّهريب.

وينوّه عليّق باستجابة القضاء مؤخراً، الأمر الذي تُرجم بقرارت صائبة، لا سيّما بعد الخطوة الجريئة التي قامت بها القاضية غادة عون، حيث شجّعت وحفزّت التّصدي للفساد بكل أشكاله. “وبالتالي بدأنا نحصل على نتائج ملموسة، ولأول مرة يتم التّفاوض مع المصارف كي يحصل المودع على وديعته بالطّريقة والعملة التي وضعها بها.”

شكاوى على الطّريق

ولفت عليق إلى أنّ “متحدون” بصدد التّحضير لمزيد من الشّكاوى والدّعاوى المقدمة من قبل المودعين، والتي تبدأ اعتباراً من بداية هذا الأسبوع مع أفراد من صرخة المودعين، على أن يخطي كل صاحب وديعة وصاحب حق خطاهم.

ودعى عليق القضاء اللّبناني إلى التّحرك بشكل جدّي، كي يضبط عمليّات التّهريب والإفلاس الاحتيالي والجرائم التي ارتكبت على حساب الودائع، من قبل أعضاء ورؤساء مجالس الادارة والموظّفين النّافذين وغيرهم؛ وطمأن اللّبنانيين بأنّ الحقوق ستعود لا محال.

شكوى سويسرا

أمّا بالنّسبة للشّكاوى المرفوعة أمام المحاكم الخارجية، فقد رُفعت شكوى جديدة بوجه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في سويسرا، تقدّمت بها “رابطة المودعين” بالتّعاون مع المجموعات الشّريكة، “بيروت مدينتي”، “لحقي”، “تقدم” وPyramid، أمام هيئة الرّقابة الماليّة في سويسرا FINMA للمطالبة بإجراء تحقيق معمّق مع المصارف السّويسريّة، التي من الممكن أن تكون قد لعبت دوراً مركزيّاً في مساعدة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومقرّبين منه، بحفظ أموال يُزعم أنّها غير مشروعة تدفّقت من سويسرا أو خارجها.

وتقول عضو اللّجنة القانونيّة في رابطة المودعين، المحاميّة دينا أبو زور، إنّ الشّكوى التي تمّ تقديمها إلى هيئة الرّقابة الماليّة في سويسرا، والتي تهدف إلى المطالبة بالقيام بتحقيق مع مصارف سويسرية، يمكن أن تكون قد ساعدت حاكم مصرف لبنان وآخرين مقربين منه، بعد أن حفظت أموالاً قد تكون غير مشروعة، كما وأخرّت تحويلات وتدفقات لأموال من خلالها لشركات لمصلحة الحاكم.

وتتابع، لقد تمّ إرسال الشّكوى وتلقفتها هيئة الرّقابة الماليّة في سويسرا، إلا أنّ التّحقيقات في مثل هذا النّوع من الشّكاوى لا تكون معلنة بل سريّة. وتابعت، إنّنا نتابع تطوّر الملّف وصولاً للتّمكن من الإدّعاء على من يظهره التّحقيق متورّط فعلاً، ومعرفة حجم الأموال التي تمّ التّعامل بها وحجزها، وإذا ما كانت فعلاً تدخل في عمليّات تبييض أموال، وفقا للمعطيات المقدّمة في الشّكوى، وذلك نتيجة لمخالفة قواعد مكافحة تبييض الأموال والتّحايل عليها من قبل هذه البنوك لمصلحة سلامة و المقربين منه.

 قرار مرحلي؟

وفيما يتعلّق بقرار القاضية سلامة الذي برّد قلوب المودعين، تؤكد أبو زور أنّ الرّابطة رحّبت بدخول القضاء اللّبناني أخيراً على خطّ الأزمة اللّبنانية، بعد أن كان شبه غائب أو مغيّب، لناحية أخذ دوره الطّبيعي في مثل هذه الحالات، عبر نصرة المودعين وأصحاب الحقوق والإبتعاد عن التّسييس في القرارات، والتّعاطي في الملف الواضح المعالم في القانون بشكل بعيد عن الإستنسابيّة أو القرارات غب الطّلب.

وتمنت أن تكون القرارات القضائيّة مبنيّة على أسس متينة لتشكّل انتصاراً للمودعين بعيداً عن الاستعراض. وأوضحت، يهمنا أن تأخذ هذه المؤسسة دور السّلطة الفصل في هذا الملف، وتكرّس اجتهادات في المحاكم تصبّ في نفس الإتجاه القانوني لمصلحة المودعين، ما يشكّل أخيراً كسراً لحزب المصارف والسّياسيين الذين يغطونهم.

ولفتت إلى أنّ قرار القاضية سلامة إن ظل يتيماً ولم يُتبع بقرارات شبيهة في المحاكم على مساحة الوطن، ويثبتها قضاة الحكم، فإنّه سيكون مرحلياً ولن يؤتي بالنتائج التي يطمح لها المودعون؛ مشيرة إلى أنّه فيما يخص القضاء وعمله في ملف المصارف، من الضروري ثبوت إستقلاليّته وتحرير نياباته العامّة، ليكون الرّكن الأساسي في مسيرة إسترجاع الحقوق و محاسبة كل المتورطين.

مساندة قانونيّة

شبع الكابيتال كونترول دراسات واختبارات دون جدوى، بين اللّجان النّيابية والقوى السّياسيّة. وقد أفادت مصادر في ​جمعيّة المصارف​ بأن لا اتفاق على صيغة نهائية للكابيتال كونترول، مطالبة بأن تكون التّحويلات إلى الخارج من مصرف ​لبنان​، خصوصاً وأنّ المصارف ترفض المسّ بأموالها في المصارف المراسلة في الخارج، وتؤكد أن ما تملكه المصارف خارج لبنان هو 4 مليار ​دولار​، فيما عليها التزامات للمصارف المراسلة 6 مليار دولار.

في هذا السياق، يشير جورج عازار من المرصد الشعبي لمحاربة الفساد، إلى أنّ المودعين وأصحاب الحقوق لدى المصارف ليسوا مسؤولين بالإطلاق عن مغامرة المصارف وأصحابها وإدراتها المتهمين بالتوسّع بتوظيفاتها، التي تتجاوز كل قواعد العمل المصرفيّ السّليم، كموجب توزيع المخاطر الإلزامي الذي يعرفه كل مستثمر، حيث لم يلتزم معظمها بتطبيق معايير المحاسبة الدوليّة، لا سيما منها IFRS9، وقواعد Basel 3.

ويعزو عازار ذلك إلى نتيجة طمع المصارف بتحقيق أرباح سهلة ووفيرة على حساب ماليّة الدّولة؛ موضحاً، أنّه حتى إذا استثنينا الدّيون باللّيرة اللّبنانيّة واحتسبنا قيمة حصّة المصارف من ديون الدّولة بالعملات الأجنبيّة والتي تقدّر بين 10 مليارات و12 مليار دولار، يبقى السؤال الأساسي: أين تبخّرت باقي أموال المصارف والتي تقدّر ودائعها بما يفوق الـ 100 مليار دولار؟

وأكد أنّ المرصد الشعبي سيساند المودعين قانونيّاً، وسيحارب أي قانون يجافي حقوقهم وسيسعى شعبياً وقانونيّاً لعدم إقراره، وذلك من خلال الشارع والطعن بقانون الكابيتال كونترول إن أقرّ في المجلس الدّستوري.

ناديا الحلاق

 

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى