منوعات

سوق مشرقي يضم لبنان إلى الواجهة من جديد

إنّ إقامة سوق اقتصادية مشتركة تضم لبنان وسوريا والأردن والعراق ليست مشروعاً جديداً، بل سبق وطرح في أكثر من لقاء ومؤتمر واجتماع في المنطقة، وذلك في إطار تعزيز التعاون بين هذه الدول المتجاورة جغرافياً وتبادل الخدمات على الصعيدين التجاري والاقتصادي لتحقيق الإكتفاء الذاتي؛ إلا أن عقبات عدة حالت دون ذلك، بحسب ما يقول خبراء استراتيجيون لـ”أحوال” لا سيما الضغوط الأميركية – الخليجية على حكومات تلك الدول، خاصة الحكومتين الأردنية والعراقية للحؤول دون إتصال هذه الدول بسوق مشتركة تعزز مناعتها الداخلية وتقلّل اعتمادها على القوى الخارجية كأميركا والخليج وأوروبا، وبالتالي بناء منظومة مستقلة تعزز قرارها المستقل.

وقد طرحت هذه الفكرة في العام 2018 في لقاء وزير الخارجية اللبنانى جبران باسيل، في العاصمة بغداد، مع رئيس الوزراء العراقى عادل عبد المهدى وتم الإتفاق على إنشاء هذا السوق.

وبحث باسيل آنذاك مع رئيس وزراء العراق تسهيل إجراءات الدخول بين البلدين لتشجيع السياحة وتبادل الاستثمارات، والعمل على إقامة سوق اقتصادية مشرقية تضم لبنان والعراق والأردن وسوريا. وأكدت وزارة الخارجية اللبنانية حينها، أنه تم الاتفاق على عقد اجتماع لوزراء الخارجية والاقتصاد والطاقة فى العراق ولبنان والأردن، وبحث بناء شبكات أنابيب نقل الغاز والنفط وخطوط سكك الحديد لنقل الرمل والبضائع.

إلا أنّ التطورات السياسية في العراق وسقوط حكومة عبد المهدي آنذاك ودخول العراق في أحداث أمنية وسياسية خطيرة، إضافة إلى اندلاع أحداث 17 تشرين في العام 2019 في لبنان وسقوط حكومة الرئيس سعد الحريري ودخول لبنان في فوضى سياسية وأمنية وحصار مالي – اقتصادي أميركي غربي للبنان وانهيارات اجتماعية ونقدية متتالية، أطاح بهذا التوجه المشترك للدول الأربعة.

لكن وبعد سنوات من المعاناة والحصار والسنين العجاف، أُعيد طرح هذا المشروع نظراً للحاجة الكبيرة له لعوامل وأسباب عدة. فالوقائع الجغرافية والتاريخية حاكمة، والحاجة الاقتصادية الملحة للتخفيف من حدة الحصار الخارجي، لا سيما على لبنان وسوريا والأوضاع الاقتصادية الصعبة في الأردن، وحاجة العراق إلى أسواق قريبة لتصريف إنتاجها وحاجتها في المقابل، إلى اقتصادات لرفدها بما تحتاجه من مواد زراعية وصناعية وطبية، جعل السوق المشتركة نقطة تقاطع بينها.

وقد تعزز التوجه نحو هذا المشروع تزاحم المشاريع النفطية في منطقة الشرق الأوسط مع تعويم الثروة النفطية والغازية اللبنانية وتوجه لبنان إلى ترسيم حدوده مع العدو الإسرائيلي في المياه الإقليمية ما يفرض عليه الإلتحاق بسوق مشتركة في المنطقة للتعاون مع الدول المجاورة ضمن سوق نفطية وغازية مشتركة تكون قادرة على فرض معادلتها النفطية على الدول الأخرى، لا سيما إسرائيل على مستوى التنقيب والإنتاج والنقل والبيع.

وسبق أن دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى إنشاء هذا السوق وأيضاً الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

وقد توسع بحث المشروع من الإطار الإقليمي إلى إطاره الدولي مع تطور الدور الذي تلعبه روسيا في الشرق الأوسط، ولا سيما في سوريا ولبنان ما يجعلها شريكاً أو عاملاً مسهلاً وراعياً لهذا السوق.

وخلال زيارته إلى روسيا، أعلن الوزير باسيل​ في ​مؤتمر صحفي​ بأنه “طرح فكرة إنشاء السوق المشرقي الذي يضمّ ​لبنان​ و​سوريا​ و​العراق​ و​الاردن​ وفلسطين​ عند إنشاء ​الدولة​، وكيف لهذا الإطار الاقتصادي أن يسهم إيجاباً باستقرار المنطقة ويساعد بإعادة إعمار سوريا والعراق وبإنهاض لبنان من محنته، وفي هذا الإطار يأتي موضوع ​الغاز​ و​النفط​ بالبر والبحر”.

وخلال مؤتمر صحافي من موسكو بعد لقائه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لفت باسيل إلى أننا ردنا أولاً لمشرقية لبنان وأهميّة دوره ووجوده في هذا المشرق، وكيف أن لبنان بتنوّعه واستقراره يمكن أن يكون عاملاً إيجابياً لإزدهار المنطقة”.

محمد حمية

 

 

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى