منوعات

بعد وصفه المسؤولين اللبنانيين باللصوص… هل عدل ماكرون عن زيارة بيروت؟

هل يعود الرّئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت في أوّل أيلول المقبل كما وعد اللبنانيين، أم أنّ القرار اتّخذ بتأجيل الزّيارة التي لم يسبقها أي خطوة إيجابيّة من قبل السياسيين الذين التقاهم باتّجاه تأليف حكومة جديدة تحظى بإجماع وطني؟
وما حقيقة ما يقال عن أنّ الفرنسيين عدلوا عن فكرة المطالبة بحكومة الوحدة الوطنية بسبب الرفض الأميركي وبدأوا بالضغط باتجاه حكومة حيادية؟
وهل سينفّذ الرّئيس الفرنسي وعيده في حال تخلّف المسؤولين عن الإيفاء بالتزاماتهم؟

-فرنسا لم تطالب بحكومة وحدة وطنية
ضجّ الإعلام اللبناني اليوم بأخبار عن سقوط المطالبة الفرنسية بحكومة وحدة وطنية بضغط من الأميركيين، الذي يطالبون بحكومة حيادية يقصى عنها حزب الله.
في هذا الصدد ينفي الخبير في الشؤون الفرنسية والمقيم في باريس تمام نور الدين في اتصال مع “أحوال” ما يتداوله الإعلام اللبناني من أنّ ماكرون طالب بحكومة وحدة وطنية أصلاً ويقول ” الرّئيس الفرنسي لم يتحدّث بالأصل عن حكومة وحدة وطنية، بل دعا إلى تأليف حكومة إجماع، وهي تأتي في مرحلة متقدّمة عن حكومة الوحدة لأنّها لا تشمل القوى الممثلة داخل مجلس النّواب فحسب، كما أنّها لا تحتمل وجود ثلث معطّل ومعارضة من الدّاخل، بل فريق متجانس”.
ويشير نور الدين إلى أنّ ثمّة مشاكل مستعصية في لبنان وأنّ مكافحة الفساد لا تتم من خلال التّصويب بالسياسة، بل بإجماع من قبل الفريق الحكومي، على طريقة المريض الذي لا تحتمل حالته التباحث حول ما إذا كنّا سنعطيه الدّواء أم لا، وإذا لم نعطه الدواء يموت، وهو ما يطالب به الفرنسيون في لبنان.
ويوضح نور الدّين أنّ ثمة مسألتين تؤرق الفرنسيين في الشأن اللبناني، مسألة الجوع المطبق على الشعب اللبناني ومسألة الطبقة السياسيّة الفاسدة، وأي المسألتين ينبغي أن تكون أولويّة، وهل تكون الأولويّة تغيير الطبقة الحاكمة، أم الضّغط باتّجاه استعادة الأموال المنهوبة لتحريك عجلة الاقتصاد.
-ماكرون وصف المسؤولين اللبنانيين باللصوص
ويقول نور الدين إنّ الفرنسيين لا يكتفون بما يسمعونه من السياسيين في مجالسهم الخاصّة، بل لديهم “مجسّات” على الأرض تستمع إلى آراء عامّة الشعب، كما أنّ ثمّة نصف مليون لبناني فرنسي، والذين يجدّدون هوّياتهم الفرنسية هم230 ألفاً وهو رقم كبير.
وعن حقيقة ما يشاع عن أنّ فرنسا تسمّي الحريري ليترأس الحكومة العتيدة يقول “فرنسا لا تتدخّل ظاهرياً بالسّياسة، بل هي حريصة على سيادة لبنان وماكرون كان صريحاً في زيارته الأخيرة إلى لبنان حيث قال للبنانيين أنتم أنتخبتم هذه الطبقة وبيدكم التغيير”.
ويؤكّد نور الدّين أنّ “ماكرون كان صارماً مع السياسيين الذين اجتمع بهم في بيروت، إذ توجّه إليهم مباشرة قائلاً أنتم لصوص، وأنتم تعرفون أنّكم لصوص وتعرفون أنّنا نعرف ذلك، لذا عندما خرجوا من الاجتماع كانت وجوههم متجهّمة”.
أما عن الحريري فيؤكد نور الدين أنّ ثمة لا مبالاة سعوديّة تجاه الحريري، وأنّ فرنسا ترشّح من يحظى بإجماع لبناني.

-حسان دياب معادٍ للسّياسة الفرنسيّة
وعن العلاقة الفرنسيّة الباردة التي كانت تحكم علاقة فرنسا بحكومة الرّئيس حسان دياب المستقلّة يقول نور الدّين إنّ دياب هو الذي كان معادياً للسّياسة الفرنسية، مشيراً إلى أنّه كلّف بـ29 نيسان الماضي بالتّواصل مع دياب لتنسيق مقابلة معه لصالح صحيفة “لو فيغارو”، إلا أنّ مستشاره خضر طالب أبلغه أنّ الرّئيس لا يريد التصريح لأي وسيلة إعلام غربية، ليفاجىء بعدها بأيّام قليلة بمقال لدياب نفسه في صحيفة “واشنطن بوست”، يقول نور الدين “هذا التصّرف تجاه لو فيغارو التي كانت قد خصّصت له صحافياً للحضور إلى بيروت بحال رغب بذلك ولم يرغب بإجراء المقابلة عبر سكايب، وما تبعه من موقف من دياب تجاه وزير الخارجية الفرنسي، يؤكّد أنّ دياب وضع أوراقه بالكامل لدى الأميركيين”.
ويؤكّد نور الدين أنّ دياب سقط في الامتحان لدى الفرنسيين.

-هل ألغى ماكرون زيارته إلى لبنان؟
لغاية الآن لم يصدر عن قصر الإليزيه أي قرار رسمي بشأن الزّيارة المقرّرة إلى لبنن في أوّل أيلول، وعليه فإنّ الزّيارة لا تزال قائمة، فهل يدفع الجّمود على الصعيد السياسي وعدم الاتفاق على شكل الحكومة الجديدة ماكرون إلى تأجيل زيارته؟
يؤكد نور الدين أنّ هذه الزيارة كانت مقرّرة منذ العام الماضي، إلا أنّ انفجار المرفأ دفع بالرئيس الفرنسي إلى إجراء زيارة مفاجئة إلى بيروت، وأنّ أي تعديل جديد لم يطرأ على زيارته المقبلة.
ويشير إلى أنّه في حال تم إلغاء الزيارة دون تحديد موعد جديد لها، سيكون لدى فرنسا ما تعمل عليه على الشّأن اللبناني، من تحقيق بالأموال المهرّبة من لبنان إلى الاتحاد الأوروبي.
كما يشير إلى أنّ فرنسا لا تثق بسياسيي لبنان، وكانت صريحة عند توزيع المساعدات، بإعلانها أنّ هذه الأخيرة لن تصل إلى أيدي المسؤولين، بل إلى المحتاجين مباشرةً عن طريق الجمعيات والمنظّمات المختصّة.

-خوف من صراع فرنسي تركي في لبنان
هل سترغم التعقيدات اللبنانية فرنسا عن التخلّي عن دورها في الساحة اللبنانية؟
يقول نور الدين “فرنسا وعدت أنّها لن تترك اللبنانيين ولن تفعل، الأمر اليوم لا يزال بيد الدولة اللبنانية عبر إجراء إصلاحات من تدقيق مالي في مصرف لبنان وإصلاح قطاع الكهرباء وغيرها من الإصلاحات للحصول على 21 مليار دولار من مؤتمر سيدر والبنك الدولي، وفي حال لم تتم الإصلاحات حينها سينفّذ ماكرون ما سبق وهدّد به المسؤولين اللبنانيين بأنّه سيكون له معهم كلام من نوع آخر”.
ويشدّد نور الدّين على أنّ فرنسا لا تتخلّى عن دورها في لبنان لأسباب عدّة، منها أسباب عاطفية إذ أنّ لبنان هو أوّل دولة تتحدّث الفرنسية في المنطقة يقول “في فرنسا عندما يرسلون فريقاً صحافياً إلى بيروت، لا يحتاجون إلى ترجمة التقرير لأنّ معظم الناس في الطريق تقريباَ يتحدّثون الفرنسية. لبنان كان يتحدّث الفرنسية ولا يزال وهو البلد الفرنكوفوني الوحيد في المنطقة”.
ويتحدّث أيضاً عن البعد التاريخي لعلاقة فرنسا بلبنان يقول “فرنسا تعتبر أنّها هي التي خلقت كياناً اسمه لبنان، بدءاً من نابوليون الثالث الذي ضغط على العثمانيين لحماية لبنان، وصولاً إلى إعلان دولة لبنان الكبير بعد أن كان متصرفية وجزءاً من السلطنة العثمانية. فرنسا اليوم حريصة على استمرار لبنان الذي خلقته وهو موطىء قدم لها”.
ويشير نور الدين إلى الأهمية الاستراتيجية لمرفأ بيروت، الذي يعتبر بوابة فرنسا إلى كل الدول العربية من الأردن إلى العراق ودول الخليج، ويقول “مرفأ بيروت توازي أهميته أهمية قناة السويس، وهو أهم من مرفأ حيفا المرتبط بالكيان المحتل والذي تديره الصين، كما أنّ الموانىء السورية يسيطر عليها اليوم الروس”.
ويأمل نور الدين ألا يصل الصراع التركي الفرنسي إلى بيروت، وألا تستخدم تركيا الجماعات الإرهابية في لبنان يومها نكون قد دخلنا في المجهول.

 

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى