مجتمع

“ليبان بوست” تشهد الإضراب الأول في تاريخها.. هل يستعيد الموظفون حقوقهم؟

في ظل اشتداد الأزمة الاقتصادية والمالية التي يشهدها لبنان، ومع تراجع القدرة الشرائية بمستويات قياسية، بدأت انعكاساتها الاجتماعية تظهر تباعاً مع توقعات بتصاعدها؛ فالأزمات المتتالية التي تمرّ بها البلاد، وأبرزها والأكثر سوءًا انهيار العملة الوطنية وفقداتها لأكثر من 85 بالمائة من قيمتها، باتت تنذر بانهيار إجتماعي، والذي يرى العديد من الخبراء أنّه بات وشيكاً.

لا شك أن الأيام الصعبة التي يعيشها اللبنانيون نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تعتبر الأسوأ في تاريخ البلاد، ستدفع العديد من الفئات العاملة إلى المطالبة بتحصيل جزء من حقوقهم التي ناضلوا طويلاً لتحقيقها، ليستفيقوا بين ليلة وضحاها على فقدان كل شيء، فبات همّهم الوحيد تأمين قوت يومهم.

إحدى مظاهر هذه الأزمة هي الإضراب الذي بدأه موظفو التوزيع في شركة “ليبان بوست” منذ أكثر من أسبوع، احتجاجاً على تدني قيمة رواتبهم من جهة وعدم مساواتهم مع بعض زملائهم الذين باتوا يتقاضون جزء من معاشاتهم وفق سعر صرف المنصة من جهة أخرى.

هذا الاضراب هو الأول الذي تشهده الشركة منذ تأسيسها، ولم يكن ليحصل لولا تفاقم الأوضاع الاقتصادية والتي باتت نتائجها لا تُحتمل.

يشرح مصدر داخل الشركة لـ”أحوال” أن الموزعين في الشركة تتراوح معشاتهم بين 800 ألف ليرة و1500 ألف ليرة لبنانية، وعملهم يختصّ بتوزيع السلع التي يتمّ بيعها من قبل المنصات الالكترونية المتعاقدة مع ليبان بوست، أو ما يُعرف بخدمة “الديلفري”، موضحًا أن هؤلاء الموظفين يستخدمون سياراتهم الخاصة ودرّاجاتهم النارية الخاصة في عملية التوزيع، حيث يحصلون مقابل ذلك على بطاقة مسبقة الدفع لتعبئة البنزين، ما يزيد من تكلفة الصيانة على عاتقهم.

من هنا، يلفت المصدر عينه إلى أن آلية الحصول على المحروقات باتت غير مجدية اليوم، فمع اشتداد أزمة المحروقات ومشهد طوابير السيارات أمام محطات الوقود، بات أصحاب المحطات يتعاملون بمزاجية مع هؤلاء الموزعين الحاملين لهذه البطاقات، حيث يمتنعون في بعض الأحيان عن قبولها، ما يضطرهم إلى تحمل تكلفة المحروقات على نفقتهم الخاصة دون أي تعويض مقابل ذلك”.

من جهة أخرى، يُشير المصدر إلى أنه وخلال فترات الإقفال العام وحظر التجوّل في البلاد، لم يتوقف قسم التوزيع في الشركة عن العمل، حيث كانت “ليبان بوست” تعمد إلى التحايل على قرارات وزارة الداخلية، حيث كانت تلزم الموزعين طلب إذن تجوّل من المنصّة باعتبارهم “شركة شحن”، مؤكدًا أنه رغم كل ذلك لم يُسجل الموزعون أي اعتراض، إلى أن تم تسريب خبر تقاضي قسم من موظفي الشركة نحو 35% من معاشاتهم وفق على سعر المنصة 3900 ل.ل، فيما تم استثناؤهم من هذا القرار.

وفي سياق متصل، يؤكّد المصدر لموقعنا أن قسم التوزيع في الشركة متوقّف كلياً عن العمل، والمشاورات مع الإدارة وصلت إلى حائط مسدود لغاية اليوم، موضحًا أن مطالبهم تتلخّص بجانبَين أساسيَين هما أولًا الحصول على مساعدة متعلقة بصيانة السيارات والدراجات النارية، وثانيًا مساواتهم مع هؤلاء الموظفين من خلال تقاضي جزء من معاشاتهم وفق سعر صرف المنصة، أي 3900 ل.ل.

على الضفة الموازية، وحرصًا منا على نقل وجهتَي النظر، حاول موقع “أحوال” التواصل مع إدارة شركة “ليبان بوست” لإستيضاح موقفها من مجمل القضية، ولكن دون جدوى.

مهدي كريّم

مهدي كريّم

صحافي وكاتب لبناني يهتم بالقضايا السياسية والإقتصادية. حائز على ماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى