صحة

ابتكار أنظمة غذائية جديدة تعمل على الحمض النووي

جذبت جائحة فيروس كورونا تعقيدات الكون منذ لحظة تسيّدها على عرش الكوكب. من هذه التعقيدات مشكلة السمنة، والعمل على طرق جديدة لتخفيفها. فقد حفّز كوفيد الباحثين في مجال التغذية على ابتكار طرق تُستخدَم من خلالها الجينات لتحديد ما يمكن أن تناوله من الأطعمة، بهدف تخفيف الوزن.

هذا، وتظهر عقود من الأبحاث_أنّه على الأقل بالنسبة لمعظم الناس، يكمن درء المرض عبر ممارسة الكثير من التمارين وتناول نظام غذائي غني بالخضروات ومزيج صحي من الدهون والبروتينات والكربوهيدرات. ولكن تم ابتكار برنامج جديد تحت تسمية “علم المورثات الغذائية” يهدف إلى تقديم نصائح شخصية حول أسلوب الحياة بناءً على الحمض النووي لكل شخص.

وعلى الرغم من أنّه لا يزال مجالًا جديدًا للدراسة العلمية، يأمل الباحثون أن تكون خطط الطعام القائمة على التركيبات الجينية أكثر فاعلية من التوصيات الغذائية التفليدية.

شهادات الباحثين في النظام الجديد

في هذا السياق، لفتت بريجيد تيتجمير، اختصاصية تغذية بالطب الوظيفي ومؤسسة bebrigid.com إلى أنّه، “نظرًا للقلق الأكبر بشأن ارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة السكر في الدم بالإضافة إلى السمنة، وارتباطها بفيروس كوفيد -19 الحاد، نتوقع تركيزًا كبيرًا على التغذية الشخصية، باستخدام البيانات من الاختبارات الجينية ومراقبة نسبة الغلوكوز في الدم، لمساعدة الناس في خسارة أوزانهم والحفاظ على أسلوب حياة صحي”.

وبعد عقود من قيام مشروع الجينوم البشري بتحديد جينات البشر، يستخدم العلماء الآن هذه المعلومات لفهم أفضل حول كيفية تعديل الغذاء لدرء الأمراض والمحافظة على وظائف المناعة.

إلى ذلك، يُوصف علم المورثات الغذائية بأنّه نهج وراثي للحياة الصحية، ليس فقط في النظام الغذائي ولكن في أنماط النوم ونمط حياة الفرد بشكل عام.

وقال الدكتور مارفن سينغ، أخصائي أمراض الجهاز الهضمي التكاملي ومؤسس عيادة Precisione: “قد يؤدي اتباع نظام غذائي مقيّد أو نظام يتم مشاهدته على وسائل التواصل الاجتماعي إلى بعض التحسّن، لكنه ليس مستدامًا ولا يعتمد على البيانات. فيما يوفّر علم المورثات الغذائية فهمًا لميولك وأوجه قصورك”. وأضاف، من حيث فقدان الوزن، يمكن أن يوفّر هذا العلم بيانات عن طفرات جينية معيّنة لديك والتي قد تفضل تناول الطعام بطريقة معينة- حتى أنّها تتدخل بأنماط التمارين التي قد تكون أكثر فائدة.”

يمكن الوصول إلى التركيب الجيني للفرد بأخذ عينات من اللعاب من مسحة الخد وإرسالها إلى المختبر. ويشير العلماء إلى أنّ استخدام البيانات يمكن أن يساعد في إبلاغ ذلك الفرد بالأطعمة التي يمكن تناولها لتشغيل أو إيقاف جينات معينة.

وأكدت كريستين كيركباتريك، أخصائية التغذية ورئيسة شركة KAK Nutrition Consulting، على ضرورة النظر إلى حمضنا النووي إذا كنا نريد إنقاص الوزن.

لكن يشير الباحثون إلى أنّ علم المورثات الغذائية جديد ومتطور باستمرار، وقد أخبروا ABC News أنّه لا يزال هناك الكثير لنتعلمه.

وقالت أخصائية التغذية تيتجمير: “يجب إجراء المزيد من الأبحاث حتى نتمكّن من الحصول على إرشادات غذائية أكثر تحديدًا. في الوقت الحالي، يمكن لطفرات معينة في جيناتنا أن تخبرنا أنّه لدينا نظامًا غذائيًا منخفض الدهون المشبعة. ومع ذلك، ما لا نعرفه هو النسبة المئوية.”

هذا، ويحتاج مستهلكو الرعاية الصحية أيضًا إلى توخي الحذر، حتى لا  تقع معلوماتهم الجينية في الأيدي الخطأ – إذ تقوم بعض الشركات بجمع البيانات وبيعها إلى أطراف ثالثة.  لذا، من أفضل الطرق لتجنب التعرض للخداع هو استشارة طبيب، بحسب الباحثين.

المعلوم أنّ النظام الغذائي والتمارين الرياضية هما العلاج الأول المُوصى به لغالبية الأمراض المزمنة، كارتفاع ضغط الدم والسمنة والسكري وارتفاع الكوليسترول. فيما أظهرت الأبحاث أنّ التغذية الشخصية القائمة على الجينات أكثر فعالية في الوصول إلى أهداف إنقاص الوزن على المدى الطويل.

وأضاف العلماء أنّ علم الوراثة هو أداة سلوكية قوية للغاية لتنفيذ تغييرات طويلة الأمد؛ مؤكدين أنّ “الأمر يتعلق بك. إنّها قصتك. ليست شيئًا تقرأه على وسائل التواصل الاجتماعي أو الإنترنت.”

مثال على نجاح علم الموروثات الغذائية

في عيادته، وجد سينغ أنّ المرضى أصبحوا أكثر ميلًا للالتزام بخطط العلاج المصممة وفقًا لعلم الوراثة الخاص بهم، لذا فإنّ الوصول إلى هذه البيانات يساعد في توفير إطار عمل لعلاجات أفضل.

وقال في هذا السياق: ” عادة نوصي باتباع نظام غذائي قليل الملح إذا كان شخص ما يعاني من ارتفاع ضغط الدم، ولكن ضغط الدم لدى الجميع قد لا يستجيب لذلك. وباستخدام المعلومات الجينية، يمكنني معرفة ما إذا كان ضغط دم الشخص سيستجيب بشكل إيجابي لهذا التغيير الغذائي أم لا. وما  إذا كان هناك شيء آخر يتسبب في مرضه”.

وقالت أخصائية التغذية كيركباتريك: “إنّ أفضل طريقة للبدء هي من خلال رعايتك الأولية [الطبيب] وسؤاله عما إذا كان يعرف شخصًا يقوم بعلم الجينات الغذائية، أو إذا كان بإمكانه الحصول على بعض المعلومات حول هذا الأمر”.

وقال الخبراء إنّ استخدام الطعام كدواء في نهاية المطاف قد يساعد في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض خطيرة أخرى مثل مرض الزهايمر أو أمراض القلب.

ويلفت الباحثون إلى أنّ المكمّلات الغذائية أو الطعام الذي نأكله، ليست كافية في كثير من الأحيان، ليشفي الجسد من مرض السمنة، فيما هذا المجال من التعبير الجيني هو حقًا القوة غير العادية لأين تكمن التغذية.

ترجمة عن CNN – ABC:

لطيفة الحسنية

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى