منوعات

هل يصل التدقيق الجنائي إلى خواتيمه المرجوّة؟

لا يزال ملف التدقيق الجنائي مثار جدل وتساؤلات واسعة لدى اللبنانيين، الذين علّقوا آمالًا كبيرة على النتيجة التي قد يصل إليها التدقيق في ملفات الفساد والهدر، والذي يشكّل بالنسبة إليهم الخطوة الأهم لمحاسبة الفساد المستشري في كل أنحاء الدولة، إضافة إلى أنّه قد يكون بابًا نحو إجراء إصلاحات جذرية تنتشل الاقتصاد من الانهيار التام الذي تُقبل عليه البلاد.

وفي سياق متصل، أعلنت وزارة المالية اللبنانية الثلاثاء في بيان لها بعد الاجتماع مع شركة ألفاريز، أنّ المصرف المركزي وافق على تقديم كل المستندات والمعلومات التي تطلبها شركة التدقيق الجنائي بدءًا من يوم الجمعة 9 نيسان حتى نهاية الشهر الجاري، مع الالتزام بالتدقيق في حسابات المصرف، وتم الاتفاق على تنشيط التدقيق الجنائي من قِبل جميع الحاضرين من خلال البقاء على تواصل.

 الحجار: لا خيمة على رأس أحد

يقول النائب محمد الحجار لـ”أحوال”: “موضوع مكافحة الفساد لا يحصل من خلال الإعلام، بل من خلال تطبيق القوانين وإجراء إصلاحات إدارية وتزويد القضاء بمعطيات واضحة. من هنا نؤكد أنّ التدقيق الجنائي لن يصل إلى خواتيمه المرجوّة، وعملية الإصلاح التي يرجوها كل لبناني لن تتم إلا من خلال تشكيل حكومة ترعى كل أسس الإصلاح”.

ويضيف الحجار قائلًا: “التدقيق الجنائي ينبغي أن يطال كل الإدارات والمؤسسات العامة، وكل مكان حصل فيه هدر وسرقات ورشاوى وعمليات فساد، ليُساق المرتكب إلى السجن أي إلى مكانه الطبيعي ولا خيمة على رأس أحد”.

ويستطرد الحجار قائلًا: “لا شك أنّ تأخير تشكيل الحكومة وإجراء الإصلاحات اللازمة للحدّ من التدهور الإقتصادي الحاصل، سيؤخر المحاسبة التي لن تتم إلا عبر قيام الدولة، وبالتالي فإنّ المدخل لوقف الانهيار وبدء إخراج البلد من النفق المظلم الذي دخل فيه، ومعالجة المعضلات الاقتصادية والاجتماعية، هو تأليف حكومة من اختصاصيين لا حزبيين في أسرع وقت ممكن، وحكومة بلا ثلث معطل حتى لا يتمكن أيّ فريق من المساومة على القضايا الأساسية التي تُطرح في مجلس الوزراء للبت فيها”.

ويؤكد الحجار أنّ “حكومة بهذه المواصفات سيكون حتمًا المطلوب منها، تنفيذ إصلاحات في كل جوانب الإدارة وهيكليات المؤسسات والقطاع العام والإدارات العامة، وعليها أيضًا تنفيذ إصلاحات قطاعية لأخذ البلد إلى بر الأمان”.

 جباعي: هل من تسوية في التدقيق الجنائي؟

يقول الباحث الاقتصادي والمالي الدكتور محمود جباعي لـ”أحوال”: “إنّ موافقة المصرف المركزي اليوم على تقديم الوثائق والمعلومات التي تطلبها شركة ألفاريز، هو تفاؤل حذر أيضاً وإيجابية حذرة ولكن خطوة جيدة.  ويستدرك، سبق لمصرف لبنان أن تعهّد بتقديم ملفات من قبل ولم يقدمها على مدى أشهر من الآن. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل سيقدم المركزي الملفات ضمن الأطر التي تريدها شركة التدقيق الجنائي وبشفافية مطلقة على جميع الحسابات العامة والخاصة والمصارف والتحويلات؟ أو أنّ المصرف سيعود ويقدّم أوراقًا بحسب ما يراه مناسبًا من دون المساس بحسابات المصارف الخاصة والتحويلات إلى الخارج؟”

ويؤكد جباعي أنّه “بعد حصول تجاذبات عديدة في هذا الملف، نحن محكومون بالانتظار، ونسأل: هل حصلت تسوية معينة في ملف التدقيق الجنائي؟ هل  تعرّض مصرف لبنان هذه المرة لضغوط فعلية، وهل سيقدّم فعليًّا هذه الملفات، أم هذه مواربة جديدة من مصرف لبنان لاكتساب المزيد من الوقت، في انتظار أمر سياسي معين؟ خاصة أنّ التجارب السابقة في ما يخص تقديم المعلومات الشافية للتدقيق الجنائي لا تدعو إلى التفاؤل. فيبقى الانتظار هو سيد الموقف في هذا الملف، لنرى إن كان المصرف المركزي سيكشف من هرّب أمواله إلى الخارج ، وإن كان سيكشف أمام العدالة الدولية والتدقيق الجنائي، الملفات الحساسة في علاقاته مع القطاع الخاص ومع الدولة”.

ويتابع جباعي قائلًا: “لا شك أنّ المواطن فقد ثقته الكاملة ليس فقط بمسألة التدقيق الجنائي، بل بكل ما يحصل في البلاد من تشكيل الحكومة والسياسيات الاقتصادية والنقدية والمالية الخاطئة، إلى سياسات الدعم التي خسّرت المودعين أموالهم. وبالتالي فإنّ التدقيق الجنائي ينبغي أن يكون شاملًا ومتكاملًا، كما أقرّه مجلس النواب للإدارات والمؤسسات اللبنانية. أي أن يبدأ بمصرف لبنان ومن ثم يشمل كل الوزارات وكل الإدارات التي عملت في الدولة على مدة 30 سنة، لأنّ لبنان أُنهك بالفساد وبالهدر المستشري والمتشعّب في كل أنحاء الدولة. وهذا التدقيق سيكون مدخلًا أساسيًّا لحل المشاكل، وحتى لو حصلت تسوية معينة ستكون على مصالح الشعب اللبناني وعلى مصالح المودعين الذين يعانون الأمرّين في الحصول على أموالهم”.

وكان رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون قد أطلق منذ يومين تغريدة له عبر تويتر حذّر فيها مصرف لبنان و وزارة المال من تعطيل ملف التدقيق الجنائي وتحميلهما المسؤولية باسم الشعب اللبناني.

وكان مصرف لبنان حتى اجتماع الأمس، لم يكن قد قدّم البيانات المطلوبة منه لشركة ألفاريز التي كانت قد حصلت فقط على نسبة 42% من المستندات والمعلومات بحسب التصريح الأخير لوزير المالية.

غنوة طعمة

 

غنوة طعمة

صحافية لبنانية. حائزة على الإجازة في العلوم الإدارية والسياسية من جامعة القديس يوسف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى