منوعات

شركات التأمين أمام خيارين: إما عمل إرهابي ينقذها من الإفلاس أو مقاضاة الدولة اللبنانية

“شيل إمك ع جنب… ما حدا غير شركات التأمين بيتمنالك الخير وما بيتمنى تدقك شوكة”، إعلان الفنان زياد الرحباني لصالح إحدى شركات التأمين قبل سنوات اتّخذ يومها طابعاً كوميدياً، لكنّه اليوم أشبه بحقيقة سوداء، بعد النّكبة التي أصابت بيروت، جرّاء انفجار المرفأ الذي يأتي بمثابة أصعب اختبار تخوضه شركات التأمين في لبنان، التي تجد نفسها أمام أزمة حقيقيّة، مع تقدير الخسائر بما يقارب النصف مليار دولار، ناهيك عن خسائر شركات ما وراء البحار، جراء تدمير سفن وبضائع بالملايين في المرفأ.

-نتائج التحقيقات أولاً
لغاية اليوم، لا تزال الشّركات تنتظر نتائج التحقيقات لتقرّر دفع التعويضات للمتضرّرين.
فقد أكّد رئيس جمعية شركات التأمين اللبنانية إيلي طربيه في تصريح له، أن الشركة تنتظر انتهاء التحقيقات الرسمية وصدور التقرير النهائي من الجهات المعنية، ليتخذ القرار النهائي في مسألة التعويضات استناداً إلى المعطيات التي ترد في التقرير النهائي حول أسباب هذا الانفجار، مؤكداً التزامات الشركات بتطبيق كل شروط التأمين الواردة في بوليصة التأمين.
بدوره أكّد مصدر من داخل شركة “أروب إنشورنس” لـ”أحوال”، أنّ مطالبات التعويض يمكن أن تصل إلى 300 ألف دولار، في حال استبعد التحقيق فرضية العمل الإرهابي.
وأشار المصدر أنّ بوالص التأمين التي تتضمّن “التأمين ضد العنف السياسي”، عادة ما تحصل عليه الشركات متعددة الجنسيات أو الشركات اللبنانية الكبيرة، وأن عدّد البوالص التي تتضمّن هذا البند قليلة جداً، ما يعفي الشركات من خسائر في حال ثبوت أنّ ما يقف وراء الانفجار هو عمل إرهابي.

-لبناني أو دولار؟
من المشاكل التي يواجهها اللبنانيون الذين ينتظرون تعويضات شركات التأمين، ما يشاع عن نيّة هذه الأخيرة دفع التعويضات بالليرة اللبنانية، سيّما أنها كانت ومع انقطاع العملة الصعبة من السوق كانت تتقاضى ثمن بالبوليصة بالليرة. وهو ما تتكتّم عنه الشركات، التي لا تزال بانتظار التحقيقات لتقرّر حجم التعويضات التي ستترتب عليها نتيجة الأضرار الضخمة.

وكان وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني وزير الاقتصاد راوول نعمة، قد طالبا بضرورة إلزام شركات التأمين بتسديد مبلغ فوري للشركات والمستشفيات والمستوصفات والمدارس والجامعات وسكان المنازل المتضررة المشمولين بالتأمين، كدفعة على حساب رفع الأضرار والتعويض. وأن يكون التسديد بالعملة الاجنبية إذ أنّ شركات التأمين المحلية قد قامت باعادة التأمين مع شركات تأمين أجنبية مما سيجلب تدفق ما بين مليار ونصف وملياريْ دولار إلى السوق المحلية.

-آلاف الطلبات على لائحة الانتظار
بحسب أرقام وزارة الاقتصاد، وصل عدد الطلبات التي تمّ تقديمها إلى شركات التأمين حوالي 2500 طلب، تشكل ما قيمته 425 مليون دولار.
وتفيد التقديرات الأوّلية، بأنّ عدد الطلبات سيتخطّى الـ 10 آلاف طلب، ما يعكس حجم الأضرار الكبيرة التي خلّفها الانفجار، وقد دعت الوزارة المواطنين الذين لديهم عقود تأمين لمراجعة شركاتهم للاستفسار حول ما إذا كانت عقودهم تغطّي تكلفة الأضرار أم لا، كما وضعت رقم هيئة الرقابة على التأمين 01/999069 بتصرّف المواطنين لتقديم شكواهم.
وكان وفد من نقابة وسطاء التأمين في لبنان، قد زار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بحضور رئيس النقابة ايلي طربيه وعدد من أعضائها، ورئيسة هيئة الرقابة على شركات التأمين نادين حبال، وعرض الوفد على الرّئيس الواقع الذي نتج عن الأضرار التي خلّفها الانفجار في المرفأ، والصعوبات التي تواجهها الشركات للقيام بواجباتها تجاه الأشخاص المؤمّنين لديها، للتعويض عليهم في ممتلكاتهم ومنازلهم وسياراتهم.
وتحدّث الوفد عن “الإجراءات الواجب اتخاذها كي تتمكن شركات التأمين من دفع تعويضات للمتضررين، لا سيما مع وجود معيدي تأمين مع شركات دولية خارجية”. وهو بحسب إحصاءات وزارة الاقتصاد يبلغ عددهم 90 بالمئة من مجمل عدد المؤمنين.

-الخسائر وصلت إلى الشركات ما وراء البحار

وصلت تداعيات انفجار بيروت إلى شركات تأمين عالمية تواجه اليوم خسائر ضخمة، خصوصاً في حال استبعاد فرضية العمل الإرهابي.

فبحسب وكالة “بلومبرغ” الإخبارية الأميركية، فإن الخسائر المتوقعة لهذه الشركات نتيجة الانفجار الذي دمر أحياء بأكلمها، تصل إلى 250 مليون دولار أميركي، ما قد في أزمة كبيرة لدى الشركات.
ونقلت “بلومبرغ” عن شركة “غاي كاربنتر” المتخصصة في السمسرة، أن قيمة السفن والبضائع المؤمن عليها التي دمرت بالانفجار تزيد على ربع مليار دولار.
كما أعلن كريستوف يوريكا كبير المسؤولين الماليين في شركة “ميونيخ ري” للتأمين في مؤتمر صحفي عبر الهاتف: “نتوقع حاليا أن يشكل هذا الانفجار الكبير خسارة كبيرة لنا”.

أما شركة التأمين “هانوفر ري” التي مقرها ألمانيا، تتوقع خسائر لا تقل عن 10 ملايين يورو، حسبما قال عضو مجلس إدارتها سفين ألتوف الأسبوع الماضي.
وبحسب “بلومبرغ” فإن شركات التأمين مطالبة بتعويض المتضررين من جراء الانفجار، لا سيما أصحاب الصناعات الكبيرة، الذين يرجح الاستجابة لمطالبهم أكثر من الآخرين من أصحاب المنازل والعقارات الصغيرة، طبقا لمذكرة “غاي كاربنتر”.

-هل تقاضي شركات التأمين الدولة اللبنانية؟
إذا بيّنت نتائج التحقيقات أن الانفجار نتيجة عمل إرهابي، ستتنفّس الشركات الصعداء، أما إذا كان الانفجار نتيجة الإهمال، فإنّ الشركات داخل وخارج لبنان ستلجأ إلى خيار مقاضاة الدولة اللبنانية.
فقد أكّد مصدر من جمعية شركات التأمين لـ”أحوال”، أنّ ثمّة توجّه لرفع دعوى على الدولة اللبنانية بصفتها المتسبّب في الضّرر، لمطالبتها بدفع ما تكبّدته من خسائر جرّاء تعويضاتها على المؤّمنين.
وأشار المصدر أنّ هذا الخيار مطروح أيضاً لدى شركات إعادة التأمين الأجنبية، وأنّ الأمور كلّها تبقى رهناً بنتائج التحقيقات، وإلى حينه يبقى مصير المواطن معلقاً بتحقيقات قد تستغرق سنوات طويلة.

إيمان إبراهيم

إيمان إبراهيم

صحافية لبنانية، خريجة كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. كتبت في شؤون السياسة والمجتمع والفن والثقافة. شاركت في إعداد برامج اجتماعية وفنية في اكثر من محطة تلفزيونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى