منوعات

أي حكومة ينتظرها لبنان في زمن الانهيارات الشاملة؟

مر أسبوعان على استقالة حكومة الرئيس حسان دياب في شهرها السابِع، وسرعان ما أعلنت القوى السياسية عن موقفها حيال “شكل” الحكومة المنتظرة، فحزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر حددوا سقفهم السياسي برفض “الحكومة الحيادية”، فيما تُنادي قوى سياسية وازنة ومدعومة بموقف من البطريرك الماروني، مار بشارة بطرس الراعي، بحكومة تعددت تسمياتها بين مستقلة أو إنقاذ أو تكنوقراط، إلا أنها تتشارك بإغفال التوازنات التي فرضتها الانتخابات النيابية الأخيرة.

أمام هذا المشهد، يبدو أننا أمام مرحلة ” شد حبال” بين القوى السياسية، خصوصاً أن البلاد تدخل مرحلة الانتظار عند كل استحقاق حكومي، فكيف هي الحال في ظل انهيارات شاملة على الصعيدين المالي والاقتصادي وظروف داخلية ودولية معقدة.

ويبدو أن الأجواء لا تشي بولادة قريبة للحكومة المقبلة، فالمعلومات المتقاطعة تُشير الى أن المرحلة الحالية هي مرحلة وضع الشروط المتبادلة. فالرئيس الحريري ما زال متمسكاً بشروطه السابقة القاضية بإطلاق يديه في تأليف الحكومة، مع الأخذ بالحسبان مصالح القوى الكبيرة، لكن ليس على الطريقة اللبنانية التقليدية بحيث تُسمي الكتل النيابية أسماء وزرائها. كما يشترط الحريري الحصول على ضمانات بعدم عرقلة عمل حكومته وحصر العمل الحكومي بعملية إصلاح اقتصادي شاملة، مع الحصول على دعم خارجي.

وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي جوني منيّر في حديث خاص لـ “أحوال” أن “الحريري يرفض زيارة بعبدا قبل تكليفه ويتمسك بشروطه السابقة بأن تكون حكومة بعيدة عن التمثيل السياسي، في حين أن هدف الرئيس عون حالياً هو إعادة باسيل الى الحكومة المقبلة”، لافتا الى أن “عقدة الموضوع الحكومي داخلية وليست خارجية، خصوصاً أن أولوية الدول الخارجية هي تشكيل حكومة بصرف النظر عن شكلها، والدليل على ذلك هو قبولهم بحكومة الرئيس دياب ليس بسبب اعجابهم بها وانما لأنها تُشكل بديلاً للفراغ”.

اما عن المبادرة الفرنسية فقد اعتبر منير أن “حديث الرئيس الفرنسي عن تشكيل حكومة وحدة وطنية قد فُهم خطأ، فهو كان يقصد ضرورة تمثيل القوى السياسية بما فيها حزب الله، وبالتالي أراد إرسال إشارات طمأنة للحزب”، لذا فإن تباعد وجهات النظر والأولويات بين الرئاستين الأولى والثالثة، الشريكين في تأليف الحكومة، قد يحول دون القدرة على الاتفاق على شكل الحكومة.

من هنا، تلفت مصادر “احوال” الى أن تعذر تكليف الحريري، يجعلنا أما احتمالين مع أرجحية للاحتمال الأول، وهو تشكيل حكومة برئاسة شخصية شبيهة بشخصية دياب وحكومة شبيهة بحكومته.

أما الاحتمال الثاني فسيكون عبر اختيار شخصية يرضى بها الحريري، وبالتالي عدنا الى مرحلة ما قبل تشكيل حكومة الرئيس دياب ولكن بظروف ليست متشابهة، اذ أن ثمة لاعب جديد هو الجانب الفرنسي.

المصادر عينها تقول ان المشاورات يجب أن تظهر نتائجها خلال الأسبوعين المقبلين، لكي تكون الحكومة جاهزة قبل عودة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في أيلول المقبل. وسط ترجيح تكليف رئيس مجلس الانماء والاعمار نبيل الجسر

وفي السياق، رأى المحلل السياسي قاسم قصير في حديث خاص لـ “أحوال” أن “الطرح الجدي هو تشكيل حكومة تكنو-سياسيه برئاسة الحريري، دون التمسك بمعادلة الحريري مقابل باسيل”، مشيرا الى أنه الى جانب العائق الداخلي ثمة آخر خارجي متمثل “برغبة أمريكية – سعودية بعدم تمثيل حزب الله في الحكومة المقبلة”.

يبدو أن تشكيل الحكومة تعترضه العديد من العقبات، وهو يأتي في وقت يعيش فيه لبنان أصعب أيامه بعد الكارثة التي خلّفها انفجار مرفأ بيروت وأودى بخسائر مادية وبشرية هائلة، وتترافق مع أزمة اقتصادية لم تشهدها البلاد في تاريخها، لذا فإن تشكيل الحكومة يتوقف بالدرجة الأولى على ادراك المسؤولين لخطورة الأزمة ودخولها منعطف خطير، وهذا ما يبدو غير متوفر حتّى الآن.

مهدي كريّم

مهدي كريّم

صحافي وكاتب لبناني يهتم بالقضايا السياسية والإقتصادية. حائز على ماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى