منوعات

منصة رياض للجم الدولار… مسكنات ولكن!

الدولار الأسبوع المقبل 9000 والتسعير ينخفض تدريجيًا وفق السوق

بسحر ساحر أخرج حاكم ​البنك المركزي​، ​رياض سلامة​ إجراءاته العلاجية لأزمة أثقلت كاهل اللّبنانيين وامتصت تعبهم وبدّدت أرزاقهم ابتدع التجار والفُجّار ومافيات الدولارات فيها كلّ صنوف استنزاف أموال الناس.

مسكنات حزمة الإجراءات التقنية بحوزة حاكم المال اللّبناني للجم تفلّت سعر صرف الدولار وإنقاذ العملة الوطنية، تهدف، كما يزعم، إلى إعادة الانتظام إلى سوق القطع عبر قيد الجزء الأكبر من العمليات النقدية وتنفيذها عبر المنصة الإلكترونية.

هل كان في وسع المصرف المركزي أن يضبط ارتفاع سعر الدولار في مقابل اللّيرة ولم يتدخل… وماذا تعني ولادة منصة جديدة؟ أين كان هذا الاقتراح حين كان يتم نهب أموال اللّبنانيين؟

أسئلة عديدة تدور حول منصة سلامة الجديدة القديمة، من شأنها تحفيز ​المصارف​ للمشاركة في تلبية سوق العرض والطلب، ويزعم استعداده التدخل عند حصول فوائض أو موجات، وهو ما يكفل إعادة الانتظام تدريجيًا وتضييق هوامش البيع والشراء للعملات منعًا للمضاربات.

أين كان مثل هذا الإجراء في السابق؟ ولماذا لم يتحرك الحاكم بأمر النقد اللّبناني؟ في السياسة ثمة من يحمّل سلامة المسؤولية، وفي ظل معطيات خارجية تقول إن مسؤولين غربيين لا سيما في فرنسا رأوا أنّ حاكم مصرف لبنان يتحمل مسؤولية الفوضى المالية التي يتحمّل تبعاتها الشعب اللبناني. وهذا الخطاب الخارجي كان له ترددات داخلية في القصر الجمهوري وفي حارة حريك والطرفان أرسلا الرسائل المناسبة للحاكم لفعل شيء ما وإلا.

وما كان يدور في الكواليس ظهّره علنًا الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في الخطاب المباشر الموجه إلى حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة بصفته هو من يتحمل وحده مسؤولية ارتفاع سعر الدولار وصولًا إلى القول له: “أنت قادر على إنزال سعر صرف الدولار”. وهذا الموقف المبني على معطيات دقيقة بدليل ما حصل في الأسواق خلال اليومين الماضيين، في موازاة الاجتماع الذي عقد بين رياض سلامة ووزير المالية، وتم خلاله اتخاذ قرار بخفض سعر صرف الدولار، والتهيئة لتعديل سعر المنصة!.

سعر “استرشادي” للدولار: 9 آلاف ليرة

من السياسة إلى النقد، الآليات والمبالغ التي سيقررها البنك المركزي غير مفهومة حتى الآن ولا تمّ تحديد سعر صرف الدولار، ورجح مسؤول مصرفي لـ”أحوال” أن يتم الاعتماد على سعر “استرشادي” للدولار عبر المنصة الإلكترونية، وسيكون حتمًا أقل من الأسعار المبالغ فيها في التداولات الأخيرة للأسواق الموازية والسوق السوداء.

السعر المتوقع في الأسبوع المقبل، قد يكون السقف الذي بلغه ما قبل الطفرة الأخيرة، أي ما يقارب 9 آلاف ليرة، وتحت هذا السقف يتم تحديد هوامش سعرية معتدلة تتولاها المصارف والصرافون تحت مظلة البنك المركزي وحجم تدخله في ضخ السيولة.

في مرحلة لاحقة، يتم إعادة امتصاص كميات كبيرة من الكتلة النقدية الضخمة باللّيرة​، وبما يشمل إعادة النظر بالتعميم 151 الذي يتيح السحب من الودائع ​الدولار​ية لزبائن المصارف بسعر 3900 ليرة. وهذا الموضوع لا يزال موضع اقتراحات متباينة في المجلس المركزي في صرف لبنان​.

منصة المصرف قد تؤدي إلى شبه انتفاء للسوق الموازية

أهمية المنصّة الجديدة بحسب الخبير المالي والاقتصادي وليد أبو سليمان، هي في عدم تحويل المصارف إلى صرافين، بل إلى وسيط يساعد الناس على أعمال المقايضة خارج أعمال الابتزاز الجارية حاليًا في السوق الموازية، ويقلّص حجم تأثيرات العوامل السياسية. واعتبر أن منصة مصرف لبنان في حال إنجازها بشكل شفاف قد تؤدي إلى شبه انتفاء للسوق الموازية.

زاد النقد المتداول من 10 آلاف مليار ليرة في بداية 2020 إلى حدود الـ 30 ألف مليار ليرة في نهاية 2020 بارتفاع نسبته 194% خلال العام وذلك في سياق تنقيد العجز في المالية العامة من قبل مصرف لبنان.

وفي هذا الإطار فإن نجاح المنصة، بحسب أبو سليمان يتطلب أيضًا العمل على تقليص الكتلة النقدية المتداولة باللّيرة، أو كبح تحوّلها إلى طلب على الدولار، وهذا يتطلب أن يفرض على المصارف والصرافين ضخّ سيولتهم بالليرة في السوق، بما يمنع طبع المزيد من الليرات.

الاحتواء الجذري لتفلّت الدولار رهن بتطورات سياسية

منصة المصارف، هي ليست جديدة، لطالما كانت موجودة قبل الازمة. عملها تحديد سعر الدولار كل لحظة، المتداول في السوق من خلال الصيارفة او البنوك، تحت اشراف مصرف لبنان، الذي يتدخل لضبط سعره عند اللزوم، من خلال ضخ دولارات وتحديد سعرها.

رئيس قسم الأبحاث لدى بنك عودة الدكتور مروان بركات، لم يجد مبررات اقتصادية للعب في سعر صرف الدولار في السوق السوداء والارتفاع الكبير مؤخرًا، “إنها مرتبطة بالتوقعات والمضاربات الظرفية” يقول لـ”أحوال”.

وبالنسبة إلى حجم الأموال المتداولة في السوق السوداء، أكّد أنّها “ضئيلة جدًا لا تتعدّى بعض الملايين من الدولارات ما يجعل السوق تفتقر إلى السيولة والفعالية وسعر الصرف فيها يفتقر إلى الأسس العلمية”.

واعتبر أنّ الاحتواء الجذري لتفلّت الدولار رهن بتطورات سياسية تعيد الثقة إلى اللّبنانيين وتحدّ من تهافتهم على تخزين الدولار في المنازل في غياب المخارج الاقتصادية الإصلاحية.

أين لجنة الرقابة على المصارف؟

في ظل كل ذلك يُطرح سؤال حول مصير لجنة الرقابة على المصارف، التي عينتها حكومة حسان دياب مع مفوض الحكومة لدى مصرف لبنان؟

في10/6/2020 عيّن مجلس الوزراء رئيس وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف، مهمة اللجنة التحقق من حسن تطبيق النظام المصرفي المنصوص عليه في قانون النقد والتسليف على المصارف إفراديًا وفق الاصول.

ويجب على اللجنة أن تقوم بالتدقيق الدوري على جميع المصارف دون التقيد، إذا رأت ذلك، بإحكام الفقرتين 1 و2 من المادة 149 من القانون المذكور.

وتمارس اللّجنة صلاحيات الرقابة الممنوحة لحاكم مصرف لبنان ولمصرف لبنان بموجب قانون النقد والتسليف والصلاحيات المعطاة لها بموجب هذا القانون. كما يحق لها أن تضع لأي مصرف برنامجًا لتحسين أوضاعه وضبط نفقاته وأن توصيه بالتقيد به. لكن لا أحد يملك جوابًا على حال المولود المفقود.

التدهور اللّافت في سعر الصرف في الأسبوعين الأخيرين ارتبط بشكل أساسي بالضبابية السياسية المحلية، خصوصًا في ظلّ التجاذبات الداخلية المرتبطة بتشكيل الحكومة. وعندما يتعثّر التشكيل يرتفع سعر صرف الدولار في السوق السوداء وعندما تتعزّز آمال التشكيل ينخفض سعر صرف الدولار في السوق السوداء كما حصل في اليومين الماضيين.

لكن يبقى دائمًا من يحدد سعره هو العرض والطلب. وتبقى المشكلة في مدى قدرة مصرف لبنان على تأمين السيولة اللازمة لتأمين حاجات الاستيراد التي لا يؤمنها مصرف لبنان بدولار الـ 1520.

 

رانيا برو

رانيا برو

صحافية وكاتبة لبنانية. عملت في مؤسسات اعلامية لبنانية وعربية مكتوبة ومرئية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى