منوعات

مسؤولون في البنك الدولي: تجربتنا مع لبنان هي الأسوأ في تاريخنا

"التشاطر" يهدّد قرض دعم "الأسر الاكثر فقراً"

في خضم الإنهيار الذي يعيشه لبنان، يتواصل التخبّط من قبل المسؤولين فيه في الخطوات التي يتخذونها على قلّتها لمقاربة الأزمات التي تعصف به. من آخر تجليات هذا التخبط الملحق Annex الذي أضيف على إتفاقية القرض بين لبنان والبنك الدولي للإنشاء والتعمير لتنفيذ مشروع الدعم تحت عنوان “شبكة الأمان الاجتماعي للإستجابة لجائحة كوفيد-19 والأزمة الاقتصادية” والبالغ قيمته 246 مليون دولار. أضف الى اللغط بشأن توزيع المساعدات المالية بالليرة اللبنانية رغم أن القرض بالدولار ونص الرسالة الذي تم تداوله في الساعات القليلة الماضية الموجّه من ممثلي البنك الدولي والأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي لوزير المال غازي وزني في هذا الخصوص.

في هذا الإطار يؤكد مصدر معني بالقرض لـ”أحوال” أن هذه الرسالة ليست بجديدة بل تعود لأواخر شهر شباط الماضي عقب إجتماع الموقعين عليها مع نائبة رئيس مجلس الوزراء زينة عكر وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الاثنين 22 شباط 2021. تهدف الرسالة لإطلاع وزني على الإتفاق الشفهي بتسهيل صرف المساعدات الإنسانية والتنموية بالدولار مع إستمرار عدم إستقرار سعر الصرف في الليرة اللبنانية وذلك بهدف الحفاظ على القيمة لكل من المستفيدين والمانحين.

كما يؤكد موقعوها إستعدادهم لمناقشة المخاطر المحتملة من إعتماد الدولار أو الليرة مع السلطات اللبنانية التي يطالبونها بإطلاعهم على كيفية المضي قدماً في الظروف التي لا يكون فيها صرف المساعدات الإنسانية والإنمائية بالعملة الصعبة ممكناً أو عملياً، من أجل تأمين سعر الصرف للعملة المحلية التي تتوافق مع قيمتها في السوق المفتوحة أي ما يعرف بـ “السوق السوداء”. كذلك يعربون عن إستعدادهم للمساعدة في التوصل الى آليات الصرف الأمثل من أجل ضمان إستمرارية المساعدة في ظل الظروف الإجتماعية والإقتصادية الصعبة بشكل متزايد.

كذلك، يشددون على الحاجة الملحة لإحراز تقدم في الإصلاحات ولإستعادة إستقرار الإقتصاد كإجراء أساسي لتعافي البلاد حتى يتمكن المجتمع الدولي من مساعدة لبنان، مؤكدين أن الأمر يستلزم إستراتيجية مالية إقتصادية متكاملة تؤدي إلى سعر صرف موحّد ومستدام.

المصدر المعني يوضح أنه تمّ تخطي هذه العقدة في نَص القرض وأردف: “المانحون يسددون لنا بالدولار ما يخلق ثباتاً في قيمة المساعدة التي نقدمها، فيما نحن كنا أمام خيارين: إما الدفع بالدولار للمستفيدين – ولبنان لا يملك دولارات ورقية – أو الدفع باللبناني وفق سعر محدد لصرف الدولار. فتم إعتماد خيار وسطي بحيث نسدّد باللبناني كي نحافظ على الدولار ونحمي الليرة بالدولارات الموجودة، على أن يترافق ذلك مع تشكيل لجنة تجتمع اسبوعياً لتقييم السلة الغذائية إن كانت تحتاج الى مبلغ أكبر أو نوسّع قاعدة المستفيدين. هذا الحل عبر التقييم الدوري إعتمد في نص القرض”.

تابع: “من طلب بالأساس بالتسديد بالليرة لا الدولار هو وزير المال غازي وزني لا حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي بالطبع تلقف ذلك “اجتو شحمة ع فطيرة”. الهدف أن توضع هذه الدولارات في حساب لدى مصرف لبنان لا يمكن التصرف به إلا لمصلحة القرض أي إما لتوسيع قاعدة المستفدين أو للتسديد لهم بشرط ألا يستخدم في منظومة الدعم القائمة التي تحولت الى هدر من دون جدوى فعلية”.

إلا أن المصدر يتخوّف من الخطر الأكبر على القرض الذي قد يؤخر تنفيذه وربما قد يطيح به وهو التعديل عبر الملحق Annex الذي أضيف على الإتفاق من طرف واحد. أردف: “مجلس النواب صوّت على أمر خاطئ ووافق على نص غير صحيح. مع الإشارة الى أن المجلس لا يبرم الإتفاقيات الدولية بل يوافق عليها وعلى القروض لأن لها إنعكاس مالي. لن أتوقف عند مشروع القانون الذي لم يرد وفق الأصول بموجب مرسوم إتخذته حكومة تصريف الأعمال بل بموجب مرسوم موقّع من رئيسي الجمهورية والحكومة وعدد من الوزراء. لكن الخطر الكبير انه تمّ إضافة ملحق Annex إلى ملف القرض من قبل وزيرة الدفاع زينة عكر رداً على تساؤلات النواب من دون المرور بالحكومة ولا الحصول على موافقة خطية من الطرف الثاني في الإتفاقية أي البنك الدولي في إطار “التشاطر” لأن هكذا موافقة قد تحتاج إلى أشهر. لقد ذكر في نص المشروع ان الـ Annex جزء لا يتجزأ من إتفاقية القرض وأن البنك الدولي وبرنامج الاغذية العالمي وافقا كما رئيس مجلس الوزراء ووزارة الشؤون الاجتماعية، فيما في الحقيقة أن البنك الدولي لم يطلع على الـ Annex ولم يتم إرساله له “.


وسأل المصدر:” لقد إستغرق تفاوض الحكومة مع البنك الدولي بشأن القرض أشهراً عدة، فلماذا في اللحظة الاخيرة أسقط الملحق Annex على النص في مجلس النواب؟ أي إتفاقية تحتاج الى موافقة أطرافها ومجلس النواب وافق على نص إطلع عليه طرف واحد ولا تستطيع الحكومة إبرامه في ظل تعديل من جانب واحد”.

كما أشار المصدر الى أن مسؤولين في البنك الدولي يقولون إن تجربتهم مع لبنان في هذا القرض هي أسوأ تجربة بتاريخهم من حيث الخفة في التعاطي. كذلك توقف عند إعتبار بعض نواب “حزب الله” في اللجان النيابية المشتركة أن منظمة الأغذية العالمية وضعت يدها على لبنان وإن وضعنا الشركاء الدوليين في الواجهة تفقد الدولة صدقيتها، ثم موافقتهم على القرض رغم انه لم يتغير شيء في الـ Annex حيث سيتولى ادارة توزيع بطاقات الكترونية مسبقة الدفع للمستفيدين مع مراقبة المعاملات المالية. وسأل: “هل ما جرى في مجلس النواب وتعديل القرض من طرف واحد وما سينتج عنها من تأخير يعزز صدقية الدولة؟”.

في الخلاصة، لا قيمة قانونية للـ Annex الملحق بالإتفاقية والذي أجابت فيه الحكومة على أسئلة النواب ما لم يوافق البنك الدولي عليه. قد تستغرق عملية التفاوض الجديدة معه بشأنه متى إنطلقت نحو الـ6 أشهر في أقل تقدير، والنتيجة غير محسومة. “التشاطر” لن يسد جوع الفقراء وقد يزيد بؤسهم بؤساً. هذا نموذج عن طريقة إدارة الدولة وكيفية هدر الوقت وتفويت الفرص على اللبنانيين وكيفية تشويه صورة لبنان مع المجتمع الدولي.

جورج العاقوري

صحافي ومعّد برامج سياسية ونشرات اخبار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى