منوعات

المحكمة الدّولية الخاصّة بلبنان: 800 مليون دولار والنتيجة… شاهد ما شافش حاجة

لم يكن اللبنانيون يتوقّعون، أقلّه الفريق الذي كان يعوّل على المحكمة الدّوليّة الخاصّة بلبنان، أن تكون جلسة النّطق بالحكم في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، هزيلة بالشكل والمضمون، والافتقار إلى الأدلة والبراهين، فكانت الجلسة نسخة مكرّرة عن جلسات سبق وتابعها اللبنانيون عبر شاشات التلفزة، دون أي إضافات أو أدلّة جديدة، إلا أنّ المفاجأة كانت في تبرئة حزب الله وسوريا، كما كلّ المتّهمين في القضية، وحصر كل الاتهامات بالمتهم سليم عياش.
كانت المحكمة مفاجئة بهزالتها، وضعف أدلّتها، بعد 15 عاماً على وقوع جريمة الاغتيال، وبعد أكثر من 800 مليون دولار دفعت للمحكمة، وبعد محاولات زرع الفتنة بين اللبنانيين، وشيطنة طرف لأهداف سياسية. لم تقدّم المحكمة أي معلومات، وظلّت الأمور غامضة.
لا إجابة عن هويّة الجهة التي اشترت المتفجرات.
لا إجابة عن هوية الشخصين المجهولين اللذين قاما بشراء سيارة الميتسوبيشي.
لا إجابة عن هويّة الشخص الذي قام بتنفيذ العملية الانتحارية.
لا إجابة عن هوية الجّهة التي تقف وراء الانفجار بعد تبرئة حزب الله وسوريا.
في بداية الجلسة، سرد قاضي المحكمة الدولية وقائع، ورد فيها أنّ المتّهمين سليم عياش وحسن مرعي ومصطفى بدرالدين استخدموا شبكات اتصالات للتنسيق لاغتيال الحريري بعد مراقبته بشدة، إلا أنّه أكّد أنّ المحكمة لم تتوصّل إلى معرفة ماذا دار في الاتصالات بين المتّهمين، وعليه بقيت الإدانة مستندة إلى داتا الاتصالات، فبرّأت الجميع واستثنت عياش.
كما اعتبرت المحكمة أنّه كان لحزب الله وسوريا استفادة من اغتيال الحريري، لكن لا يوجد دليل على مسؤولية قيادتي الحزب وسوريا في الاغتيال، كما أكّدت على أنّ أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله والشهيد رفيق الحريري كانا على علاقة طيبة في الأشهر التي سبقت الاغتيال.
عن المتفجّرات لم تكشف المحكمة أكثر مما كان يعرفه اللبنانيون منذ 15 عاماً، فورد في سردها الوقائع أنّ المتفجرات تم تحميلها في مقصورة شاحنة ميتسوبيشي سُرقت من اليابان وبيعت في طرابلس لرجلين مجهولي الهوية.
أما عن الانتحاري أبو عدس الذي سجّل فيديو اعترف فيه بتنفيذ عملية الاغتيال، فقد استنتجت غرفة الدرجة الاولى في المحكمة، أنّه ليس هو الانتحاري الذي نفذ الاعتداء، وأنّ الغرض من الفيديو كان صرف النظر عن الفاعلين الحقيقيين وبث الخوف في نفوس اللبنانيين.
كما أكدت على وقائع اختفائه قبل شهر من اغتيال الحريري، واعتبرت أنّه من غير الإمكان أن يكون هو قد قاد الشاحنة، مستندة إلى معلومة أنّه لا يجيد قيادة السيارات، وهي النظرية التي بنت عليها لنسف فرضية أن يكون أبو عدس بالفعل هو الانتحاري الذي نفّذ الجريمة.
وعن اختفائه، رأت المحكمة أنّ ما من دليل موثوق يربط أيا من المتهمين بدر الدين وعنيسي وصبرا باختفاء أبو عدس، ولم تقدّم أي معلومة عن مصير أبو عدس وذهبت باتجاه الاعتقاد أنّه مات بعد اختفائه.
باختصار، لم تقدّم المحكمة أي معلومة جديدة، إلا أنّ الحكم كان مفاجئاً للجميع، خصوصاً من توقّع إدانة لحزب الله، تأتي استكمالاً للحصار الدّولي عليه، وهو ما أخذه مؤيّدو المحكمة في اتجاه رفع اتهام التسييس عن الحكم الصادر عنها.

-اللبنانيون يسخرون من المحكمة
على موقع “تويتر” كان مؤيّدو المحكمة ومعارضوها ممتعضين من أدائها، شبّه الكثيرون منهم الجلسة بمسرحية “شاهد ما شافش حاجة” لعادل إمام، وذهب البعض إلى إطلاق النكات منها أنّه لحظّنا أنّنا دفعنا الـ800 مليون دولار عندما كان الدولار بـ1500 ليرة لبنانية.
وتساءل كثيرون “هل دفعنا كل هذه الملايين لنخرج باستنتاجات كنا نعرفها منذ سنوات؟ وهل الحقيقة هي بالمعلومات المبتورة التي أوردتها المحكمة كما سبق ووردت في التحقيقات اللبنانية بعد أشهر من وقوع جريمة الاغتيال؟”.
وشكّك مؤيدو المحكمة بالحكم الصادر عنها لناحية تبرئة حزب الله والنظام السوري، واضعين الأمر برمّته في خانة الصفقات السياسية، متسائلين كيف لمحكمة أن تدين عنصر في حزب، وتبرّىء الحزب نفسه؟ ومن أين أخذ هذا العنصر أوامر الاغتيال؟ ومن نفّذ الاغتيال وكيف؟ ولماذا لا تزال المحكمة تبحث في نقطة الصفر في وقت أنه من المفترض أنّنا وصلنا إلى النهاية؟”.
أما معارضو المحكمة بالأساس، فقد سخروا من حصر كل الاتهامات بسليم عياش، متسائلين كيف لرجل واحد أن يخطّط وينفّذ جريمة بحجم جريمة اغتيال الحريري؟ وكيف أن المحكمة في جلستها الأخيرة لا تزال تستخدم تعابير مثل لا نعرف وليس لدينا دليل؟ وكيف برّأت المحكمة أبو عدس لمجرد أنّه لا يجيد قيادة السيارات علماً أنه اختفى قبل جريمة الاغتيال بشهر وكان بإمكانه تعلّم القيادة طوال هذه الفترة؟
كما برز موقف لافت للوزير السابق وئام وهاب الذي طالب المحكمة الدولية بردّ الملايين التي دفعها اللبنانيون وكتب ” تمخض جبل المحكمة فأنجب فأراً . مليار دولار دفع لبنان لنستمع إلى تحليل سياسي سخيف .
١- أولاً المطلوب إعادة المال المنهوب من قبل المحكمة.
٢- لم تستطع المحكمة أن تزيد شيئاً على إستنتاجات الأجهزة اللبنانية.”


بدوره علّق النائب جميل السيد على مجريات المحكمة والحكم فكتب
“ضيعان ال٧٠٠ مليون دولار يللي ضاعوا من الشعب اللبناني على هالمحكمة الدولية!
ضيعان ١٥ سنة من ٢٠٠٥ ل ٢٠٢٠ يللي راحوا من عمر لبنان وأهلو على لعبة كذب وإبتزاز سياسي من فريق الدجل ١٤ آذار!
ضيعان تعبك يا رفيق الحريري على عيلة ومستشارين كنت ترعاهم بعيونك وباعوا دمّك لمحمد زهير الصديق…”.

أما الموقف البارز فكان للرئيس السابق سعد الحريري، الذي أكد من لاهاي أن “هذه اللحظة انتظرناها على مدى ١٥ عاما، وهذه اللحظة تذكرنا أنّه مهما حصل نبقى عائلة واحدة، وجعنا واحد وقلبنا واحد، وهذا عهدي لوالدي الشهيد وأزيد على جملته الشهيرة “ما حدا أكبر من بلدو”، إنه “ما حدا أكبر من قرار اللبنانيين للحقيقة والعدالة، وما حدا أكبر من العدالة.”.


وكان لافتاً التهدئة بعد صدور الحكم، إذ أن نقاش اللبنانيين بقي في إطار مواقع التواصل الاجتماعي، في قرار مشترك اتخذته الأطراف المعنية منذ أيام، ترجم بهدوء على الأرض.

إيمان إبراهيم

إيمان إبراهيم

صحافية لبنانية، خريجة كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. كتبت في شؤون السياسة والمجتمع والفن والثقافة. شاركت في إعداد برامج اجتماعية وفنية في اكثر من محطة تلفزيونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى