صحة

نقيب الصيادلة لـ “أحوال”: الصّيدليات نحو الإقفال

في بلد ينخر مفاصلَه سوسُ الفساد والاستهتار ممن يُفترض أنّهم مؤتمنون على حياة المواطنين، لم يعد من العجيب سماعُ خبرِ وقوع تضاربٍ وصدامٍ بين مواطنين من أجل الظّفر بكيس عدس أو حليب.. ولم يعد غريباً مشهد اصطفاف السّيارات بطوابير أمام محطات الوقود لاستجداء قطرة من البنزين.. ولم يَعد من المستغرب أن تُصبح ربطة الخبز، قوت الفقير في أعراف أهل الأرض، رهينة القرارات الرعناء.

في بلد أصابه الوهن بعدما فتك به فيروس الدولار، لم يَعد الاغلاق يشمل فقط المؤسّسات التجارية والصناعية والعقارية والسياحية، بل طال الأمن الصّحي للمواطن وتحديداً القطاع الدوائي.

إذ منذ أكثر من عام والصّيدليات تعاني من أزمات عديدة تفاقمت مع استفحال أزمة الدولار، ما وضع الأمن الدّوائي للمواطن في مهبّ الرّيح.

نفتح لنقول: الدّواء مفقود!

“إذا بقي الحال على ما هو عليه نحن حكماً ذاهبون إلى الإقفال القسري”، هي صرخة تحذيرية أطلقها الصيدلي الدكتور محمد جابر عبر “أحوال”، ليختصر ما تعانيه الصيدليات في لبنان بنقطتين:

  • عدم توفّر الدواء
  • تسعير الدواء على سعر الصرف الرسمي “1500 ل.ل”

ويشير جابر إلى أنّ الشركات المستوردة للأدوية وضعت سقفاً معيناً لكمية الأدوية المخصّصة لكلّ صيدلية ما أدى إلى شحّ كبير في الدواء وأن الكميات التي يتسلمونها كلّ شهر لا تكفي إلّا لأيام قليلة “والفترة الباقية نفتح لنقول للناس أن الدواء مفقود”.

من ناحية أخرى، يلفت إلى معاناة فقدان القدرة التشغيلية بفعل تآكل المداخيل مقابل المصاريف، فالأدوية مسعّرة على أساس سعر الصّرف الرّسمي والمصاريف على سعر السّوق السّوداء، وهو ما دفع بالكثير من الصيدليات إلى العمل بدوام جزئي والبعض الآخر إلى الإقفال التّام.

ولا يخفي جابر وجود قطبة مخفية في قضية تسليم الشّركات الادوية للصيدليات، متسائلاً إذا كان الشركة تسلم قطعة واحدة من دواء معين لكل صيدلية (عدد الصيدليات في لبنان يصل إلى 3500 صيدلية) فهل من المعقول أنها تستورد فقط 3400 علبة؟ ومن هنا يرى ضرورة إيجاد الحلّ المناسب للقطاع الّذي يُعدّ الخطّ الأول الموجود على تماس مع المواطنين، بحيث أصبحت الصّيدلية ملجأ المريض الأول مع انشغال المستشفيات والاطباء بجائحة كورونا.

مئات الصّيدليات أُقفلت.. والحبل على الجرّار!

القطاع الدوائي برمّته على شفير الهاوية، مستوردين وصيدليات، هكذا اختصر نقيب الصيادلة الدكتور غسان الأمين وضع الصّيدليات في لبنان.

أكثر من 600 صيدلية من أصل 3500، معظمها من الصيدليات الّتي تعد صغيرة، أُقفلت والحبل على الجرّار يؤكد الأمين ل”أحوال”.  وفيما يشدّد على أن هذا الوضع يشكّل استنزافاً للصّيدليات، يؤكد في المقابل أن صيدليات كبرى قد تضطر إلى إقفال أبوابها.

أسباب وحلول

العديد من الأسباب أدّت مجتمعة إلى تدهور الحال، وعلى رأسها سعر صرف الدولار.

وفي هذا الإطار، يشير الأمين إلى أن تسعير الأدوية على سعر صرف “1500 ل.ل” يضاف إليها شحّ الدواء عاملان أدّيا إلى تراجع كبير في الأرباح المحقّقة للصيدلي، وبالتالي تراجع القدرة التشغيلية.

ومن هنا كانت مطالبة النقابة حكومة تصريف الأعمال بالتوقيع على خطة ترشيد دعم الدّواء التي أقرّتها اللجنة المختصة لبحث هذا الملف ووضعها قيد التّنفيذ. وهنا يعتبر الأمين أن الحكومة، وإن كانت بمرحلة تصريف الأعمال، عليها أن تتدخل عندما يُهدَّد القطاع الّذي يشرف على الأمن الدوائي للمواطن بالموت التدريجي.

كما طالبت النقابة وزارة الصّحة بتعديل جعالة الصّيادلة بما يتيح لهم الحفاظ على الحدّ الأدنى من رأسمالهم بعد ارتفاع الأكلاف التّشغيلية بشكل جنوني مع ارتفاع سعر صرف الدّولار (تُسمّى جعالة وليس ربحاً، يشرح الأمين، لأن الصيدلي لا يضع تسعيرة الدّواء ولا يحدّد هو الأرباح إنّما يتسلّم الدّواء مسعّراً)

 ارتفاع الدّولار يهدّد بفقدان الأدوية

يعاني اللبنانيون منذ فترة من فقدان عدد كبير من الأدوية، لكنّ هذه الحال مرشّحة للتفاقم إذا ما واصل الدّولا ارتفاعه الجنوني.

وعليه، يتخوَّف الأمين من فوضى في سوق الدّواء، بحيث يحلّ الدواء المزوّر والمهرّب ومنتهي الصّلاحية مكان الدّواء الشرعي والمرخّص، وبالتالي حصول مضاربات على الأدوية الأساسية المسجّلة بوزارة الصحة.

شبح رفع الدّعم يبدو أنه يسلك طريقه، يتسرّب إلى يوميات المواطنين  بطرق ملتوية والتفافية والمعنيون نائمون، وغارقون في سبات عميق فهل من يحرّك ساكناً قبل فوات الأوان. فالدّواء ليس ترفاً والصّحة ليست لعبة!

منال ابراهيم

 

 

 

منال ابراهيم

صحافية لبنانية. تحمل الإجازة في الإعلام من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى