منوعات

 التحالفات السياسية بين السجال الإعلامي والقصف الكلامي

التحالف كما نفهمه هو اتفاق بين فريقين على القضايا الكبيرة ولضرورات قصوى، يتم من خلالها التأكيد عبر الممارسة أهمية التستر والصمت حيال شوائب يتصّف بها أحد طرفيّ التحالف.بينما تتحوّل منصات التواصل الإجتماعي ووسائل الإعلام إلى منصات للتعبير المنفلت لمعظم جمهور الأحزاب في لبنان؛ سنستعرض في هذا التقرير حالات إعلامية بارزة تفضح بؤس الإيديولوجيا على حد قول الفيلسوف “كارل بوبر”.

بؤس التحالف

برز مؤخراً قصف كلامي داخل حلف 14 آذار نفسه، وبين حلفاء 8 آذار أيضاً؛ والأشهر في هذا السجال، النائب والوزير السابق وليد جنبلاط حيث لم يوّفر حليفه سعد الحريري حيناً، ولا حليفه سمير جعجع حيناً آخر، وعلى فترات مختلفة. إضافة إلى مناوشات جمهور حركة أمل لجمهور حزب الله والعكس صحيح، وأشهرها على سبيل المثال انتقادات الإعلامي حسين شمص للحزب والمساجلة معه.

حالات مستجدة

لكن اليوم ثمة حالات مستجدة داخل الجهة نفسها كحال الإعلامي قاسم قصير الذي انتقد وبقسوة حزب الله، وتبعه أو سبقه المحامي جوزيف أبو فاضل الذي لم يوفّر جبران باسيل مؤخراً من إنتقاداته أبداً؛ ولو كان هؤلاء منضوين رسميّاً في الإطار المحسوبين عليه لكانوا طردوا منه مباشرة.

 موقف سلبي

وهناك حالة نافرة جداّ تتمثّل بالقيادي في التيار الحرّ ناجي حايك، الذي أعلن موقفه السلبيّ وعلى مراحل متتالية من حزب الله رغم عقد اتفاق 6 شباط التاريخي بين التيار والحزب؛ ولم يتوانَ الحايك للحظة واحدة عن انتقاد الحزب بخصوص ولاية الفقيه، لا بل إنه فضّل خصميّ التيار السياسيين- رئيس حركة أمل ورئيس حزب القوات- على السيد حسن نصرالله الحليف، في نكران تام للتحالف.

جدوى 6 شباط

من هنا، يبدو أنّ هذا التحالف لم يصل إلى حد تقريب وجهات النظر في القضايا السياسية لدى جمهور الطرفين. والحديث يطول عن إهمال التحالف الحزبي لعملية التقريب بين الجمهورين البعيدين عن بعضهما البعض بدرجات متفاوتة. لكن السؤال هنا يعود إلى جدوى اتفاقية 6 شباط 2006، طالما أنّ بعض قياديه لم يُمنعوا يوما من الخروج إلى العلن والإعلان عن آرائهم المعادية للفريق الثاني.

ما هو معنى التحالف؟

وقد حدث أنّ الدكتور جورج حداد في إحدى مقابلاته على الشاشة البرتقالية بذل جهوداً حثيثة لإقناع مقدمة برنامج بخلفيات مواقف الحزب تجاه حركة أمل. فبدل أن تتصف المحاورة بالموضوعية، بدت كمنشطة سياسية في ندوة برتقالية، بمعنى إنقلاب الأدوار. كذلك حدث الأمر نفسه على الشاشة الخضراء التابعة للرئيس نبيه بري. في ظل كل ذلك يبقى ملفتاً صمت الحزب وقياديه، عن هجوم حلفائه، وتجاوزات معنى التحالف إذ لم يتركوا مناسبة بعد 15 سنة على هذا التحالف إلا واستنفذوها للهجوم.

الحاجة إلى الحليف القوي

فهل أن صمت الحزب يعود لحاجته إلى صوت مسيحي داخلي يقف بوجه الرياح الآتية من المحيط العربي، وهل يعني أنّ الطرف العوني استنفذ حاجته من الحليف القوي؟  أم لأجل حفظ تماسك الساحة الشيعية يصمت أيضاً عن ابتزاز الطرف الشيعي له من جهة ثانية، مقابل استمرار حاجة الحزب إلى ما كان قد عقد تحالفاته لأجله؟

لا سجال

المحلّل السياسي فيصل عبدالساتر يوضح لـ “أحوال” ” أن حزب الله وبيئة المقاومة عموماً لا يريدون الدخول بأي سجال على مواقع التواصل الإجتماعي، فما تقدّم به سماحة السيد في خطابه الأخير من ضرورة التحليّ بالآداب والمسؤولية على مواقع التواصل، وأن لا تتحوّل المنصات إلى مواقع للشتم سواء من الحلفاء أو الخصوم، الذين يريدون استجرار المقاومة إلى هذا المكان”.

اختلافات وتباينات

ويضيف رداً على  سؤال “هذا الأمر يختلف عما هو الحال مع التيار الذي تحدث عنه السيد بكل حب وود وإحترام، وقال إنّ هناك اختلافات وتباينات، وعلينا ألا نظهر ذلك علناً، وكان هذا الكلام موجه لكلا الفريقين، ولبعض المحسوبين على التيار وعلى بيئته، وبما في ذلك ما حصل في الآونة الاخيرة حيث ذهب البعض بعيدا في النقد الذي وصل حد التجريح، بعض الأحيان”.

سرّ الصمت

ويستدرك عبد الساتر بالقول: “مقابل صمت الحزب، الذي يبرر ذلك، بأنه لا يريد الدخول في سجال، ولا بد أن تنطفئ هذه الأمور، وهي زوبعة لن تتعدى أن تكون طفرة ستنتهي؛ هناك صعوبات كبيرة في هذه المرحلة، ولا بد أن بيئة التيار تشعر بشيئ ما سيحصل، ولم يحصل، ويُخيل إليها أن الحزب، في مكان ما، كان يجب أن يكون له مواقف سياسية معينة، لكن هذا لا يُعالج بهذه الطريقة، ولن يذهب بهذه الطريق. لذا على التيار أن يدعو بيئته بشكل أو بآخر إلى وقف هذه الاشكال من التعبير عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.

عقلانية

من جهة ثانية، رأت الصحفيّة والمحللة السياسية سكارليت حداد، أنّ “حزب الله يأخذ الأمور بعقلانية دائماً، ولا يبدي ردود فعل وإنفعال، ويترك من يريد أن يعلّق. وهو يعلّق بطرق خاصة، وكان واضحاً كلام كلّ من السيد حسن نصرالله والشيخ نعيم قاسم من أنّهم يحلّون مشاكلهم داخلياً بعيداً عن الإعلام”.

وأضافت “هم غير مضطرين للتعليق، أو للتعليق على كل ناشط بالتيار، ولو كان قيادياً. وهذا لا يمسّ بجوهر العلاقة، وهم حريصون عليها، وكل واحد يحتفظ لنفسه بهامش معين ليعبّر عن عتب أو رأي. فهذا لا تقدّم ولا تؤخر، لكنّه يضّر الكل؛ المهم أنّ جوهر العلاقة يتم المحافظة عليه”.

سلوى فاضل

 

سلوى فاضل

صحافية لبنانية، تحمل شهادة الدراسات العليا في الفلسفة من الجامعة اللبنانية، تهتم بقضايا حقوق النساء والفتيات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى