منوعات

ثلاثة خيارات تنقذ لبنان من الظلام الدامس

بشّرَ وزير الطاقة ريمون غجر اللبنانيّين بغرقّ لبّنان بالعتّمة الشاملة نهاية الشّهر الحالي إذا لم يُبادِر المسّؤولون لإيجاد الحلّ وتأمين المال اللازم لشراء الفيول.

وأكدت مصادر مطلعة على الملف لـ”أحوال” أنّ سيناريو العتّمة الشاملة واقعيّ إذا لمّ تُحلّ الأزمة خلال أسبوعين. لكن المصادر أوضحت أنه ليست المرة الأولى الذي يواجه لبنان نفاذ الفيول وعدم توافر الأموال لشرائه؛ ثم تولد الحلول في اللحظات الأخيرة. فأزمة الكهرباء كباقي الأزمات مُرّتبطة بالوضع السياسي في البلد وبالتالي الحلّ سياسي.

المصادر تُضيف أن أمام الدولة ثلاث خيارات:

الأول: إقرار موازنة 2021 وحينها يمكن شراء الفيول من موازنة وزارة الطاقة، وهذا غير متوفر في ظلّ حكومة تصريف الأعمال التي لا يمكنها الإنعقاد لإقرار الموازنة.

الثاني: إعطاء سلفة مالية من وزارة المال لوزارة الطاقة بموجب قانون في المجلس النيابي. وفي هذا السياق تقدم نواب “تكتل لبنان القوي” بقانون مكرّر معجّل من أجل إعطاء سلفة أو مساهمة مالية لشراء الفيول. لكن هذا الإقتراح يواجه صعوبات في ظلّ الخلاف السياسي في المجلس النيابي. فأحزاب المستقبل والإشتراكي والقوات وحركة أمل بحسب مصادر عونية يحمّلون وزير الطاقة والتيار مسؤولية أزمة الكهرباء، وتعطيل خطط بناء معامل لتوليد الطاقة وسيعملون على عرقلة إقرار قانون السلفة لمفاقمة الأزمة أكثر وإزكاء نار الشارع أكثر لاستخدامه في الضغط السياسي والحكومي ضد العهد والتيار.

لكن القوى السياسية التي تُشكّل مجلس النواب ستّجِد نفسها مضّطرة لاجتراح الحل ولو بمعجزة لتجنب الغضب الشعبي العارم في الشارع.

الثالث: انتظار نضوج الإتفاق مع العراق لاستيراد النفط العراقي.

 نجم: سلف الخزينة حلول عقيمة 

عضو كتلة المستقبل ورئيس لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النائب نزيه نجم يوضح لـ”أحوال” أنّ “القانون الذي تقدّم به التيار الوطني الحر لا يختلف عن القوانين والحلول العقيمة التي سبق وقدمها، وكلّفت الخزينة مليارات الدولارات سنوياً بدل تقديم مشروع قانون لبناء معامل ومحطات لتوليد الكهرباء”؛ مذكراً بالعروض التي قدمتها شركات أجنبية لبناء معامل تعمل على الغاز بسعر 7 سنت للكيلووات وتبقى ملكيتها للدولة بدل 16 سنت ورفضها التيار”. ويوضح نجم أن “رفع فاتورة الكهرباء تتطلّب تأمين كهرباء 24/24. فلا يمكن رفع تعرفة الكهرباء على المواطن وهو يدّفع في الوقت نفسه فاتورة مولّد خاص”. ويتساءل: لماذا يطلب الوزير مبلغ 1500 مليار؟ فالأمر لا يحتاج أكثر من سلفة 300 مليار ليرة على ثلاثة أشهر ريثما يتم تأليف الحكومة والبدء بخطة الإنقاذ المالي والاقتصادي”. ويلفت نجم إلى أنه من ضُمن مشاريع سيدر لحظَ مشروع بناء معامل لتوليد الكهرباء. فإلى متى سنبقى نُنّفِق الأموال الطائلة من الخزينة لشراء الفيول؟ سيما وأن كُلّ السلف لم تُرَد أي منها إلى خزينة الدولة بل تذهب ولا تعود وهذا أحد أسباب إفلاس الخزينة اللبنانية.

فنيش: نحن مع أي حل يجنب لبنان الظلام

في المقابل، يلفت وزير الطاقة السابق محمد فنيش إلى أنه “من الطبيعي أن يعود الوزير المعني إلى مرجعية مجلس النواب كون الحكومة هي تصريف أعمال ولا تعمل، وذلك لتأمين تمويل لشراء الفيول والمشتقات النفطية وهذا يحتاج إلى قانون. وعلى مجلس النواب في هذه الحالة أن يتجاوب مع الطلب بمعزلٍ عن التجاذبات السياسية وهوية وانتماء الوزير المعني”.

ويُوضِح فنيش إلى أنّ “كل الأطراف تعرف العقد التي واجهت خطة الحكومة لبناء معامل ومناقصات التلزيم؛ ومن غير المفيد العودة إلى تلك الحقبة. اليوم أمامنا أزمة كبيرة وعلينا إيجاد الحل بأقل كلفة ممكنة. فالحكومة لا تعمل ونحتاج إلى فتح  اعتماد إضافي أو سلفة، وهذا يُحل في مجلس النواب من دون استحضار المناكفات السياسية وتحميل الوزير المسؤولية لأنه ينتمي إلى جهة سياسية ما، كما حصل في ملفات أخرى وفي النهاية يدفع البلد الثمن”. وشدد فنيش على أنه “وبعد وضع مشروع القانون على جدول أعمال المجلس النيابي سنُحدّد موقفنا ككتلة الوفاء المقاومة، لكننا بالتأكيد مع أي حل يُبّعِد شبح الظلام عن المواطنين ويؤمّن الكهرباء ليس 24/24 بل بالحد الأدنى وبالتالي كتلتنا النيابية ستؤيّد إقرار السلفة التي يطلبها وزير الطاقة”.

فهل يكون استيراد الفيول من العراق هو الحل؟

عقبات تقنية تؤخر الحل العراقي

كشفت أوساط معنية بملف الكهرباء لموقعنا أن “المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم يُتابع ملف استيراد النفط من العراق ويجري وضع اللمسات الأخيرة على الإتفاق”. كما تكشُف الأوساط أن “الإتفاق أُنجِز مع الحكومة العراقية لكن الإشكالية تقنية تتمحور حول تكرير النفط العراقي الذي لا ينسجم مع حاجة لبنان. لذلك يُكثّف اللواء إبراهيم جهوده مع العراق للتوصل إلى اتفاق مع دول أخرى مثل مصر أو الكويت لنقل النفط إليها وتكريره ثم إستيراده إلى لبنان. وهذا يتطلب بعض الوقت”. وتكشف المصادر أيضاً عن إشكالية أخرى تتمثل بالخلاف على الشركات التي ستسّتوّرِد هذا النفط إلى لبنان إضافة إلى الخلاف على العمولة”.

في المقابل، يُشير فنيش في هذه الإطار إلى أن “الحل العراقي يحتاج إلى وقت طويل ولن ينتهي قبل نهاية الشهر الجاري وبالتالي مضطرون إلى تأمين البدائل المالية لشراء الفيول إلى حين نضوج الحل العراقي”. ويوضح أن “ثلاثة أسباب تؤخر الحل العراقي:

-نوع الفيول العراقي لا يتناسب مع المواصفات التي يحتاجها لبنان.

-يحتاج إلى اتفاقية إطار وعقود لتحديد طريقة الدفع (مالية مؤجلة مع تسهيلات أو تبادلي مع مواد زراعية وصناعية لبنانية) وفترة السماح والمدة.

ويجري التداول بحل أن تتولّى شركة عراقية خاصة أو تملكها الدولة شراء النفط وتكريره وبيعه إلى لبنان.

ويكشف فنيش أنه حتى لو أُنجِز الإتفاق فلن يُغطي أكثر من نصف حاجة لبنان من الفيول”.

محمد حمية

 

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى