مجتمع

قطع الطّرق يسبّب موت مواطنين ويازا تطالب القضاء بالتحقيق

وكأنّ الموت هو القدر المحتوم على اللّبنانيين كيفما ولّوا وجوههم، الياس رزق مرعب ونعمة رومانوس نعمة، ضحيتان جديدتان على الطّرقات اللّبنانية، وهذه المرّة السّبب قاطعو الطّرق، الذّين لبسوا ثوب الثّورة زورًا، ليفجعوا أهاليهما وعائلاتهما ومدينة زغرتا بموتهما.

وفي التّفاصيل فإن عددًا من الشّبان الذّين دأبوا في السّاعات الماضية على قطع الطّريق على أوتوستراد الهري- البترون، استقدموا شاحنات كبيرة لقطع الطريق بشكل نهائي ليل أمس، دون أن يضعوا أيّ إشارات تحذيرية، لتنبّه السّائقين إلى أنّ الطّريق مقطوع بالشّاحنات، وبالتّزامن مع انقطاع الإنارة عن الأوتوستراد السّريع، صودف مرور الشّابين مرعب ونعمة على الأوتسوتراد، ليتفاجآ بوجود شاحنة تقطع الطّريق، ولم تفلح مكابح سيارتهما بإيقافها، لتصطدم بالشّاحنة ويفارقا الحياة على الفور.

موجة من الامتعاض شهدتها مواقع التّواصل الاجتماعي، حمّلت قاطعي الطّرق المسؤولية، كذلك القوى الأمنية، إذ تقع عليها مسؤولية تأمين سلامة النّاس على الطّرقات، وإعلامهم بالطّرقات المقطوعة، حتى لا يتفاجأ السائقون فور وصولهم أنّ لا سبيل لهم إلّا الموت، أو الانتظار لساعات في حال نجاتهم، حتى يأذن (الثّورجيّون) للناّس بالعبور.

رئيس جمعية اليازا المحامي زياد عقل نعى الضّحيتين، وطالب عبر “أحوال” القضاء بالتّحقيق بملابسات الحادث المأساوي، وسأل: كيف لشاحنة أن تغلق طريقًا دوليّة دون إشارات تحذيريّة؟ وأين كانت القوى الأمنية لتحذّر المواطنين من وجود شاحنة بعرض الطريق؟ وكيف لطريق دولي أن يكون مظلمًا بهذا الشّكل؟ إذ لا يوجد إنارة نهائّيًا على الأوتوستراد، وشدّد عقل على أنّه لا يجوز قطع الطّريق على النّاس تحت أيّ ذريعة، وينبغي أن يبقى مسرب للسّائقين.

وطالب القضاء بوضع يده على القضيّة وعدم التّساهل مع المتسبّبين به، إذ لا يجوز أن نخسر شبابنا على الطّرقات بسبب مخالفة جسيمة، مطالبًا إيّاه بتطبيق المادة 550 من قانون العقوبات، والتي تنصّ على أنّ من يتسبّب بموت شخص آخر بفعل مقصود ولو عن غير قصد القتل، يعاقب بسنوات من السّجن.

الجريمة المروّعة التّي أودت بحياة الياس مرعب ونعمة نعمة، تذكّرنا بالجريمة البشعة التي أودت بحياة المواطنين حسين شلهوب وسناء الجندي في الخامس والعشرين من تشرين الثاني عام 2019 على أوتوستراد الجيّة، بعدما استضمت سيارتهما بعامود إنارة، وضعه المحتجون بعرض الطّريق لقطعها، ما أدّى إلى اشتعال السيّارة بمن فيها، ووفاة شلهوب والجندي ونجاة ابنته بأعجوبة.

قطع الطّرقات سمة اتبعها المواطنون للضغط على السّلطة لتحقيق مطلب ما، أو خطوة لإرسال رسالة إلى جهّة سياسيّة ما، لكن الذي يحصل في لبنان هو العكس تمامًا، فهذه الطّرقات يعبرها المواطنون العزّل للوصول إلى منازلهم أو أعمالهم أو جامعاتهم وغيرها، وحتمًا عندما تقفل فإنّها تقفل بوجههم وليس بوجه السّياسيين، وبطيبعة الحال إن حصل أي تهّور أو سوء تقدير خلال قطعها فالضحايا سيكونون من المواطنين أنفسهم، وليس من السّياسيين، ولربما يستفيق من يلبس ثوب الثّورة على ما تجنيه يداه من قتل عن قصد أو غير قصد لمواطنين أبرياء، لا ذنب لهم إلّا أنّهم ولدوا في لبنان، حيث لا دولة ولا قانون يحميهم.

 

منير قبلان

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى