منوعات

في عصر الانترنت المفتوح… هل يمكن حجب التطبيقات والمواقع الالكترونية؟

عند حدوث أي أزمة، وخاصة في موضوع أزمة الدولار والتطبيقات التي تحدد سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء، يعود الحديث عن حظر هذه التطبيقات والمواقع الالكترونية خاصة بعد قرار صادر عن النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، والذي يقضي بحظر هذه التطبيقات وإتهام البعض المدير العام لهيئة أوجيرو عماد كريدية بعدم تطبيق قرار القضاء. فهل الامر بهذه السهولة؟ وهل الموضوع يتعلّق برفض قرار القاضية لأسباب سياسية؟ وهل من الممكن تقنياً حظر هذه التطبيقات؟
للإجابة على هذه الأسئلة، يجب توضيح عدة نقاط تتعلق بخدمة الانترنت، وكيفية استخدام الانترنت للوصول إلى المواقع الالكترونية وتحميل التطبيقات وغيرها من الأمور.
في معظم دول العالم، تتحكم الدولة والحكومة بخدمة الانترنت، من الحصول على الانترنت من مصدرها، إلى توزيعها على الشركات والمستخدمين. في لبنان، المورّد الأساسي والوحيد للإنترنت هو هيئة أوجيرو، التي تقوم بتوزيعها على باقي شركات موزعي خدمات الانترنت في لبنان (ISP – Internet Service Provider). هذا بالطبع إذا أردنا أن نتناسى شركات الانترنت غير الشرعي في لبنان ومعظم السياسيين والأحزاب الذين لديهم إنترنت غير شرعي وبعض الأحزاب الذين يملكون شبكات اتصالات وانترنت خاصة بهم.
لماذا تعمد الدول إلى السيطرة على الانترنت؟ الأسباب أمنية تتعلّق بالأمن القومي ومحاربة جرائم التجارة الدولية (المخدرات، السلاح، الحيوانات البرية) والارهاب، كما أن هذا الموضوع يؤمّن مدخول ثابت لأي دولة. تستخدم بعض الدول هذه السيطرة لقمع الحريات، وبعضها الآخر يقمع بعض الخدمات، مثل بعض الدول العربية التي تسمح مثلاً باستخدام واتساب لكنها تمنع الاتصال بالصوت أو بالفيديو وذلك لأسباب تجارية وأمنية إذ أن محادثات واتصالات واتساب مشفّرة كما انها تمنع مصادر دخل للدولة عبر الاتصالات الدولية.
بعد كل ما تقدم، كيف يتم حجب المواقع والتطبيقات؟ وهل يمكن الالتفاف على هذا الحجب؟
يجب في البداية فهم كيف تعمل المواقع الالكتروني واختلافها عن تطبيقات الهواتف الذكية. فالمواقع هي عبارة عن برمجيات يتم وضعها على سيرفرات محددة في دولة ما مما يربط كل موقع ب IP معين تابع للسيرفر الموجود عليه، والـ IP هي عبارة عن العنوان الالكتروني لهذا الموقع، وفي حال الحاجة لحجب أي موقع، يتم حظر هذه الـ IP. بالإضافة إلى أنه يتم أيضاً حظر أي موقع يتضمن في رابطه (Link) كلمات محددة مثل كلمات المتعلقة بالمواد الإباحية.
المضحك في الموضوع أنه على سبيل المثال، معظم الدول العربية تقوم بحظر جميع المواقع الإباحية، ورغم ذلك، نرى على الأقل موقع أو موقعين اباحيين من ضمن أكثر عشر مواقع يتم تصفّحها في هذه الدول. نفس الموضوع يطبّق على الدول التي تحجب اتصالات واتساب، فمعظم المستخدمين يتخطّون هذا الحجب عبر ما يسمّى بالـ الشبكة الخاصة الافتراضية VPN (Virtual Private Network) وهو برنامج يمكنّك من الاتصال بسيرفر معيّن في أي دولة تريد، وعندها يصبح عنوانك الالكتروني (IP) من عنوانين الدولة التي تختار وبذلك تتمكن من تخطّي الحجب كونك أصبحت تتصفّح الانترنت وكأنك في بلد آخر.
أما بالنسبة للتطبيقات فالموضوع مختلف كلياً، فالتطبيقات جميعها يتم استضافتها (Hosting) في الـ App Store التابع لـ Apple أو Play Store التابع لشركة Google. وبالتالي لا يتم حجب الـ IP كما يتم عند حجب المواقع. فالموضوع هنا معقّد أكثر ويملك عدة أوجه منها التقني والقانوني والتواصل مع الجهات المعنين من Apple و Google وغيرها ولا يمكن حجب تطبيق بنفس طريقة حجب المواقع. ورغم ذلك، من الممكن ألا تتوصل إلى نتيجة، كما أنه حتى إذا تم التوصل إلى نتيجة، فمن الممكن الالتفاف على الموضوع بعدة طرق.
في الخلاصة، وفي عصر التطوّر التكنولوجي غير المحدود، أصبح موضوع حجب أي موقع أو تطبيق يؤدّي إلى نتائج عكسية ضمن نظرية “كل محجوب مرغوب”، وخاصة أنه، وبظل كل الوسائل التقنية للالتفاف على الحجب، أصبح الحجب لا معنى له. ومن هذا المنطق، يجب البحث في سبل أخرى لمعالجة المواضيع وابرزها في لبنان حالياً تطبيقات سعر صرف الدولار مقابل الليرة التي يتم تحميلها مسؤولية ارتفاع سعر الصرف، رغم ان الأسباب متعددة واعقد بكثير.

رولان أبي نجم

مستشار وخبير في التحوّل الرقمي وأمن المعلومات. مدرّب في الأمور المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات وأمن وسرية المعلومات بالإضافة إلى التسويق الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى