منوعات

عمولة 5% على حسابات التّوطين فهل تطال القطاع العام؟

وزّع مصرف لبناني كتاباً توجّه فيه إلى شركات القطاع الخاصّ التي توطّن لديه أجور موظفيها، كجزء من تحديث الشّروط المصرفيّة جاء فيه: نرجو أخذ العلم بأنّ خدمة توطين الرّواتب ستخضع اعتباراً من ١ آذار إلى عمولة ثابتة بنسبة 5 ٪ من مجموع الرواتب المحوّلة إلى حسابات موظفيكم، وسيتم خصم هذه العمولة من حسابكم لدينا في تاريخ كل أمر دفع أو حوالة واردة من قبلكم، ويكون موضوعها توطين راتب.

هذا الكتاب وُجّه لشركات القطاع الخاصّ، فهل يطال القطاع العامّ وهل تخطو المصارف الأخرى خطاه؟

 

تقليص المصاريف

يؤكد مستشار إتحاد المصارف العربيّة بهيج الخطيب لـ “أحوال على أنّ بعض المصارف تلجأ إلى هذه العملية بهدف تقليص مصاريفها، في ظلّ الأزمة الحالية التي تواجهها، حيث ابتكرت هذه العمولة الجديدة لمواكبة أزمة انحسار الإيرادات، وخلق مجالات جديدة لتمويل الكلفة التشغيلية للمصارف، خصوصاً وأنّ المصارف اليوم شبه عاجزة عن زيادة أعمالها وأرباحها.

ويتابع، السبب الأبرز لهذه العمولة هو أنّ الموظف اليوم يقوم بسحب كل راتبه من المصرف، ما يؤدي الى ضغط على سيولته، وبالتّالي يضطر المصرف للجوء إلى مصرف لبنان للاستدانة باللبناني، ما يكبّده خسائر اضافية.

قرارت مشابهة

ويضيف الخطيب، المسألة بدأت مع مصرف معيّن، وهناك احتمال كبير إلى أن تلجأ المصارف إلى اتخاذ قرارات مشابهة متعلّقة بمسألة التّوطين.

ويشدّد على أنّ هذا الكتاب موجه للشّركات ولا علاقة للموظف فيه، وهنا يعود القرار إلى المؤسسات التي يجب أن تختار البقاء في مصرف أم لا.

مصير القطاع العامّ

فهل سيمرّ الأمر مرور الكرام كما تجري العادة، خصوصاً وأنّ الرقابة على ممارسات القطاع المصرفي معدومة، في وقت تغيب فيه كل أشكال المحاسبة والمراقبة على المصارف؟ وهل ستطال العمولة القطاع العام؟

الأمر لم يُحسم بعد، إذ على المؤسسات العامة أن تتفاوض مع المصرف الذي يفرض هذا النوع من العمولات. هنا يقول الخطيب: “لا اعتقد أنّ الدولة ستتخذ قراراً بإلغاء التوطين وحكماً سيتحمل الموظف كلفة هذه العمولة؛ لذلك لا بد من إيجاد الحلول المناسبة مع جمعية المصارف بهذا الخصوص.

بيان أقبح من ذنب

وبرّر المصرف قراره من خلال بيان توضيحي، ذكر فيه أنّ المراسلة كانت بينه وبين إحدى عميلاته من الشّركات وليس الأفراد، ولا تعني أنّه سيسجّل أيّ عمولة إضافية على حسابات الأفراد الذين لديهم توطين لرواتبهم. وهذا التبرير غير منطقي، فالمصرف فرض العمولة وحدّد موعداً للتنفيذ بغض النّطر عمّا لو تحمّل القرار الشّركة أم الموظّف.

ابتزاز مالي

وكان لرابطة المودعين موقفاً حازماً من القرار،  حيث أكد عضو رابطة المودعين المحامي عدنان نعمة على أنّ العمل الذي قامت به إدارة انتركونتينانتل بنك يندرج في إطار الابتزاز الماديّ لأرباب العمل و الموظفين، وهو نوع من أنواع الخوّة والتّسلط التي يمارسها المصرف منذ بداية الأزمة لهضم جزء كبير من حقوق العملاء، عبر زيادات غير قانونيّة أو إجبارهم على توقيع بعض البنود التي تعفي المصرف من المسؤولية؛ فيما رد وتبرير المصرف جاء أقبح من الذّنب الذي ارتكبه.

وكانت الرابطة قد وجّهت بياناً الى إدارة المصرف، معتبرة أنّه بعد أن وصلت إلينا رسالة من مصرفكم، موجّهة إلى إحدى الشّركات حول موضوع توطين المعاشات للموظفين، وإعلامها بفرض عمولة بنسبة 5% من مجموع الرواتب المحوّلة على حسابات موظفيها، فإنّنا نطالبكم بتبرير هذه العمولة على مثل هذه الحسابات، خاصةً وأن أي من هذه العمولات أو الزيادات غير القانونيّة غير ملحوظة في عقود فتح الحسابات، والتي يستنسب مصرفكم فرضها، أصبحت من قبيل الخوّة المبنيّة على ابتزاز المودعين والاحتيال عليهم، بعد إساءة الأمانة بودائعهم، والتي وإن كانت موجّهة إلى ربّ العمل الذي تحتجزون وديعته، إلا أنّها ستطال الموظّف مباشرة براتبه الذي تدنت قيمته أصلا بسبب ​الأزمة​ المصرفيّة والنّقدية، مع التّأكيد على أنّه لا يحق للمصرف تعديل عقد مع عميل بشكل أحادي ومن دون موافقة الطرفين.

وأنذرت الرابطة في بيانها المصرف بوقف هذه العمولة فوراً، وإلا “ستلجأ إلى إنذاركم بشكل قانوني، وإتخاذ كافة الإجراءات بحقكم ومنها تقديم شكوى إلى لجنة الرقابة على ​المصارف​ وإخباراً الى المراجع القضائية المختصة بحقكم.”

استكمال للسّرقة

بدوره، يشير النّاشط في المرصد الشعبي لمحاربة الفساد المحامي علي عباس، إلى أنّ إقدام المصارف على فرض عمولة 5% على رواتب الموظفين الموطّنة هو إستكمال لنهج سرقة أموال المودعين الذي تنتهجه المصارف بغطاء من حاكم مصرف لبنان ومن السّلطة. فبعد منع المواطنين من سحب ودائعهم وقيام المصارف بفرض هيركات واقعي على سحوبات من حسابات الدّولار بالليرة اللبنانية، وبنسبة وصلت إلى ٤٠% فقط من  سعر السّوق، ها هم  يمسّون برواتب الموظفين ليستعملوها في عملياتهم المصرفيّة مع باقي المودعين، أي أنّهم يسرقون من راتب الموظف ليسددوه على ديونهم وعملياتهم. ويؤكد أنّ اللبنانيين لن يسكتوا على هذا القرار، الذي ما هو إلا فاتحة لقرارت مشابهة ستتخذها باقي المصارف قريباً.

ناديا الحلاق

 

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى