مجتمع

مصدر أمني لــ “أحوال”: القرار اتخذ للجم الفوضى واستعادة هيبة الدولة

حملات ومداهمات بقاعاً وشمالاً وتصادم مع الأحزاب المسيطرة

كل المؤشرات تدل على واقع إجتماعي وأمني مختلف سنعيشه إذا طالت الأزمة.
وليس من الصعب على أي مراقب للوضعين المعيشي والإقتصادي وتدني القدرة الشرائية للبنانيين، معطوف على تحلّل سلطة الدولة الضعيفة أساساً، أن يخلص إلى نتيجة مفادها أننا سنكون داخل جزر أمنية تتداخل جهات عديدة في إحكام السلطة عليها.
توليفة من تعصّب طائفي ومناطقي يتلاقى مع طموحات أولئك الذين “يسترزقون” من أوجاع الناس وفقرهم ويخبرون جيداً كيف يستغلون ذلك.

صرخات في بعلبك لضبط الفلتان

ففي بعلبك وبعض مناطق البقاع تعلو صرخات الأهالي لحمايتهم مما يصفونه بــ “الفلتان”. فقد ارتفعت نسبة السرقات والسطو والقتل بشكل مرعب، إضافة إلى المعارك بين تجار الممنوعات التي تدخل فيها الأسلحة الصاروخية، مما يجعل السكان تحت رحمة واقع أقرب ما يكون إلى جهنم.
لكن مصادر أمنية تقول إنها لم تتوقف عن سعيها لبسط سلطة الدولة. وتستند في ذلك إلى ما لديها من بيانات يومية حول تعرض العناصر الأمنية لإطلاق النار أثناء القيام بواجبهم.
إذ قبل أسبوع تعرضت دورية للجيش لإطلاق نار أثناء عملية دهم مطلوبين في منطقة العسيرة في بعلبك، ما أدى إلى إصابة أحد الضباط ومقتل المدعو (ه.ي)، كما أوقفت المدعو (ر.أ).
وقبلها في بلدة حورتعلا في البقاع حيث تمكنت مخابرات الجيش من من توقيف مطلوبين بجرائم قتل أشخاص بينهم معاون في الجيش، وإطلاق نار وقذائف أر بي جي وتسهيل فرار سجناء.
ويظهر من كثافة عمليات الدهم والتوقيف التي تنفذها مخابرات الجيش وفرع المعلومات، أن هناك “انطلاقة جديدة” تتبدى ملامحها في كل المناطق وتحديداً في محافظة البقاع، حيث تتضاعف عمليات السلب والخطف والقتل عن سواها من المحافظات، واحتواءها لأشخاص خارجين عن القانون.
علماً أن هذه المنطقة مهملة تاريخياً وتركت لمصيرها، ما دفع الناس للإحتكام إلى منطق القوة للبقاء على قيد الحياة، وكذا سيطرة مجموعات شكلت عصابات سرقة وتشليح ومخدرات ومطلوبين بمئات مذكرات التوقيف، وهذا كان له أسوأ أثر على الأهالي الذين يريدون حياة كريمة وآمنة.

حملة لإعادة بسط هيبة الدّولة

في حديث لــ “أحوال” يؤكد مصدر أمني أن ثمة حملة أمنية فعلية لإعادة بسط سلطة الدولة، حيث لم يعد هناك أي إمكانية للتراجع أمام الفوضى الحاصلة.
ورغم إقراره بأنه لا يريد أن يتحمّس كثيراً، خاصة أن قرارات شبيهة اتخذت سابقاً ثم عاد كل شيء إلى ما كان عليه، يؤكد أن “مدير المخابرات يقوم بجهد كبير وقوي، والهدف هو عمل أمني نوعي وقوي”.
ويضيف “الجيش لم يتوقف عن القيام بواجبه الأمني خاصة في ملاحقة تجار الممنوعات في البقاع، وهو اليوم يكثف عملياته في بعض مناطق بيروت يقال إنها تحت سيطرة العشائر”.
إختبارات كثيرة ستكون أمام الأجهزة الأمنية في ظل تفشي الفوضى في طول البلاد وعرضها.
خاصة مع تحوّل الكثير من الأسر الى أسر فقيرة نتيجة الكارثة المالية التي حلت بلبنان.
حول هذه النقطة يؤكد المصدر أن هناك نيّة واضحة لوضع حدّ للفوضى، مشيراً إلى أن “العقيد الذي تسلم مهامه في منطقة البقاع يريد العمل بطريقة جديدة ومختلفة مع الملفات الأمنية في المنطقة. بصراحة لن يرحم أي قاتل وخاطف وتاجر ممنوعات”.

صدام مع الأحزاب المسيطرة

ويوضح المصدر في حديثه لــ “أحوال” أن “المعلومات تشير إلى حصول أكثر من تصادم بين العقيد الجديد وبين الأحزاب المسيطرة على منطقة البقاع لأنه يضرب من دون رحمة”، لكن بعد نقاشات وأخذ ورد “رضخت للأمر الواقع. فالجيش لا يقبل بأي تساهل مع الخارجين عن القانون”.
لا يتوقف عمل الأجهزة الأمنية على ملاحقة تجار المخدرات والمطلوبين بمذكرات توقيف عدة، فهي تعمل على ملاحقة الخلايا النائمة للتنظيمات الإرهابية خاصة “داعش”. وتنفذ حالياً عمليات دهم في أكثر من منطقة لبنانية كان آخرها توقيف شخصين في عرسال يرتبطان بتنظيم داعش.
يبدي المصدر خوفه من أن يكون هذا النشاط مؤقتاً، ويقول “لا يمكنني الحسم إن كنا سننجح فعلاً في البقاء على هذا الحماس والضرب بيد من حديد لتعيش الناس في أمان. إن أكثر ما يخيفنا اليوم أن نعود إلى النقطة صفر، ما يعني النظام القديم نفسه، حيث المحاصصات والتسهيلات وإخلاء الموقوفين بواسطة وتدخل حزبي”.
لكن بشكل عام، يؤكد المصدر الأمني أن المداهمات كبيرة وكثيرة وليست سهلة أبداً والجو إيجابي لدى كل فروع المخابرات في لبنان.
ولأن الإقتصاد لا ينفصل عن الأمن الإجتماعي يلفت المصدر إلى ضرورة أن تسير الجهود الحكومية بالتوازي مع العمل الأمني. أي خطة عمل للحدّ من التدهور الإقتصادي، ذلك أن “لا شك في أن عمليات الدهم مهمّة لبسط سلطة الدولة لكن هذا الوضع ليس جديداً. فمنطقة البقاع منكوبة من عشرات السنين وسببها المنظومة الحاكمة. الجيش لا يتحمل مسؤولية. الجيش يقوم بواجبه بالرغم من نقمة البعض عليه، علماً أن الأجهزة الأمنية تدفع ثمن القيام بواجبها دماً. نحن لدينا شهداء. العناصر الأمنية عم تنكب وسط ساحات حرب على قاعدة يا قاتل يا مقتول”.

نانسي رزوق

صحافية منتجة ومعدة برامج تلفزيونية وأفلام وثائقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى