منوعات

المملكة تحت المجهر الدولي: هل يتحرّر الحريري من قيد الأم بي أس؟

حقيبة الداخلية محور آخِر مساعي تشكيل الحكومة

الجمود الذي خيّم على تطورات ملف تشكيل الحكومة خلال الأسبوع الأخير، ولا سيّما بعد كلمة الرئيس المكلّف سعد الحريري والتي اعتبرها مكاشفةً للّبنانيين حول عثراتِ مَهمّة التأليف وتأكيدًا على لاءاته المرفوعة، وبعد ردّ رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل الذي خلا من أيِّ دفعٍ بالملف نحو الأمام، كسرته زيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى بكركي.

لقاء اللّواء إبراهيم والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي جاء في إطار السعي إلى جمع جهود العاملين على تقريب وجهات النّظر بين بعبدا وبيت الوسط، وهو ما تُرجم عمليًّا بلقاء ابراهيم برئيس الجمهورية ميشال عون والاتصال الذي جرى بين الحريري والراعي.

هدف هذه التحرّكات هو إيجاد حلٍّ يؤدي إلى تشكيل حكومةٍ وفق صيغةٍ ترضي أو على الأقل لا تكسر أيًّا من الطرفين المعنيّين مباشرةً: بعبدا وبيت الوسط. وآخر المقترحات حكومةٌ بغضّ النّظر عن عدد وزرائها، لا ثلث ضامنًا فيها لأحد، بل ثلاثة أثلاث، ومحورها وزارة الداخلية. فهل يوافق رئيس الحكومة المكلّف على أن تكون وزارة الداخلية من حصة رئيس الجمهورية، ومن جملة ثلث عدد وزرائه أو الوزراء الذين يدورون في فلكه؟

موقف الحريري لم يُحسم بعد، وهذه الجولة من المفاوضات لم تنتهِ بعد، وحتى اللّحظة هي مستمرة، وتشير المعلومات إلى زيارة أخرى مرتقبة يلتقي خلالها المديرُ العام للأمن العام البطريركَ الماروني. وفي هذا الإطار، يرى مراقبون أنّ تصريحات البطريرك الراعي التصعيدية الأخيرة جاءت في وقتٍ غير مناسب، ولا سيّما أنّ الأخير يقوم بجهودٍ واعدة على خط تشكيل الحكومة.

بالعودة إلى الرئيس المكلّف، فكلّ زياراته إلى الدول العربية وغير العربية التي كان ظاهرها حشد الدعم لمساعدة لبنان، وآخرها زيارته إلى دولة الإمارات العربية المتحدة حيث التقى ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، لم تستطع أن تعبّد الطريق أمامه إلى الوجهة المقصودة، ورحاله لم تحط في الرياض. ولكن اليوم، وبعد الحدث المفصلي الذي طغى على الساحة الدولية متمثلًا بقرارِ نشر تقرير الاستخبارات الأميركية الذي خلُص إلى أنّ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وافق على عملية في اسطنبول لاعتقال أو قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018، هل يحرّر الحريري نفسه من عبء انتظار أن ترضى السعودية عنه؟ وهل يستغل انشغال الرياض في لملمة ما بعثرته الإشارة الأميركية الصريحة إلى تورط ابن سلمان في جريمة اغتيال خاشقجي وفي إعادة برمجة حساباتها مع واشنطن ليدفع قدمًا نحو تشكيل حكومةٍ بعد أكثر من 4 أشهر على تكليفه؟

مؤخرًا تشهد المنطقة تطورات جدّية قد تسبق تحولاتٍ جذرية في المشهد الذي يعكس سياسة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تجاه دول المنطقة، ولا سيّما في ما يتعلّق بالخطر المستجدّ المحدق بالعلاقات الأميركية – السعودية من جهة، وبالإشارات التّطمينية التي ترسلها الولايات المتحدة تمهيدًا للعودة إلى الاتفاق النووي.

نعم، عقدة تشكيل الحكومة اللّبنانية داخلية، لكنّ أحدًا لا ينكر أنّ دفعًا أو ضغطًا من الخارج أو حتى تغاضيًا من قبل دوله عن الدهاليز اللّبنانية قد يسهم في إخراجها من عنق الزجاجة. لذا، إنّ طرح اليوم من شأنه أن يفسح المجال أمام كلٍّ من بعبدا وبيت الوسط لتحقيق المطالب المعقولة من دون نعنّتٍ، ولكن يبقى السؤال: هل يستفيد اللّبنانيون من الإعصار الذي يضرب المنطقة ويقلب الحسابات فيها ليخرجوا من خلف متاريسهم ويحلّوا معضلة “ابريق الزيت”؟.

 

 

 

 

آلاء ترشيشي

آلاء ترشيشي

مذيعة ومقدمة برامج. محاضرة جامعية. حائزة على ماجستير في العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى