صحة

ماذا سيخسر لبنان لو حجب البنك الدولي دعمه للّقاحات والقطاع الصحي؟

تغريدة واحدة من المدير الإقليمي لدائرة المشرق في مجموعة البنك الدولي ساروج كومار كانت كافية لإثارة قلق وخوف اللبنانيين، بعد الخروقات التي حصلت جرّاء خضوع بعض النواب للقاح كوفيد_19؛ إذ لمّح كومار إلى إمكانية توقف البنك الدولي عن الاستمرار بتمويل لقاحات كوفيد_19، داعياً الجميع إلى الإلتزام بمعايير وآليات التطعيم.

فمن هو المسؤول فعلياً عن مراقبة سير عملية التلقيح؟ وعلى ماذا تنص اتفاقيات البنك الدولي مع لبنان؟ وماذا سيخسر اللبنانيون في حال أوقف البنك الدولي دعمه للقاحات والقطاع الصحي، كما أوحى المدير الإقليمي؟

نص اتفاقية اللقاحات

بتاريخ 12 شباط 2021، وقّع البنك الدولي والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر  اتفاقية للمراقبة المستقلة لحملة التطعيم ضد كوفيد_19 في لبنان.  وخوّلت هذه الاتفاقية جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، بصفتهما وكالة مراقبة الطرف الثالث، وحمّلتهما مسؤولية المراقبة المستقلة لامتثال توزيع التطعيم للخطط الوطنية والمعايير الدولية، ومتطلبات البنك الدولي من أجل ضمان التعامل الآمن مع اللقاحات، وكذلك الوصول العادل والمنصف للجميع.

ومن شأن هذه الإتفاقية أن تغطي بدء تنفيذ اللقاحات التي يتم شراؤها بتمويل من البنك الدولي، من خلال إعادة تخصيص 34 مليون دولار أميركي في إطار مشروع المرونة الصحية الحالي في لبنان، لمساعدته في مواجهة ارتفاع غير مسبوق في حالات  كوفيد_19. وكانت إعادة التخصيص هذه أول عملية يموّلها البنك الدولي لتمويل شراء اللقاحات، حيث تغطي أكثر من مليوني فرد؛ حيث يغطي هذا التمويل شراء 1.5 مليون لقاح (750 ألف فرد) من شركة فايزر في المرحلة الأولى.

وفقًا للاتفاقية، يتحمّل أيضاً الاتحاد الدولي وإدارة سلسلة توريد لقاحات كوفيد 19، بالإضافة إلى إدارة اللقاحات في مواقع التطعيم، مسؤولية الإشراف على توزيع اللقاحات من منظور الضمانات الفنية والبيئية والاجتماعية. وهذا يشمل على سبيل المثال لا الحصر، التخزين، وصيانة المخزون ودرجة الحرارة عبر سلسلة التوريد، وتقديم الخدمة في مواقع التطعيم، وأهلية متلقي اللقاح والتقاط وجهات نظر من تمّ تلقيحهم وردود الفعل، على أن تمتد الاتفاقية حتى ديسمبر 2021، وقد يتم تمديدها حسب الحاجة.

بتاريخ 21 كانون الثاني 2021، وافق البنك الدولي على تخصيص 34 مليون دولار أميركي في إطار مشروع المرونة الصحية القائم في لبنان لدعم اللقاحات، حيث واجه منذ ذلك التاريخ زيادة غير مسبوقة في انتشار فيروس كورونا المستجد، مع تسجيل أرقام قياسية حينها بحوالي 5،500 حالة مؤكدة يوميًا منذ بداية الفيروس. وتُعتبر هذه أول عملية يموّلها البنك الدولي لشراء لقاحات، بهدف تأمين اللقاحات لأكثر من 2 مليون مواطن. وأكد البنك في تقريره حينذاك أنّه من المتوقع وصول اللقاحات إلى لبنان بحلول أوائل فبراير 2021.

ونظر البنك الدولي إلى الخسائر البشرية، وتفاقم الأزمة الاقتصادية في أعقاب انفجار ميناء بيروت في أغسطس/ آب الماضي. وذكر البنك الدولي في تقريره أنّ خطة اللقاح تستهدف الفئات ذات الأولوية:

  •  العاملين الصحيين ذوي الخطورة العالية.
  •  من تزيد أعمارهم عن 65 عامًا.
  •  العاملين في مجال الأوبئة والمراقبة.
  •  المواطنين الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و 64 عامًا.
  •  المصابين بأمراض مشتركة.

واعتبر البنك الدولي من خلال إعطاء الأولوية لهذه المجموعات، أنّ برنامج التطعيم في الدولة لديه القدرة على الحد من عواقب الوباء.

وقال رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس في وقتها: “إنّ الوصول العادل والواسع والسريع إلى لقاحات كوفيد_19 أمر بالغ الأهمية لحماية الأرواح ودعم الانتعاش الاقتصادي. وتابع، “هذه أول عملية مهمة وأنا أتطلّع إلى مواصلة دعمنا للعديد من البلدان في جهود التلقيح. ويبقى هدفنا التخفيف من تأثير الوباء من أجل إنقاذ الأرواح وتحسين سبل العيش.”

خطة العمل

استعدادًا لنشر اللقاح، أجرت الحكومة اللبنانية بدعم من البنك الدولي وشركاء آخرين، تقييم الاستعداد للّقاح، وأنشأت لجنة وطنية، وأعدّت مسودة لقاح كوفيد_19. وتضمن المشروع جميع العناصر الأساسية التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية، ومثل جزءًا أساسيًا من استعداد لبنان للتلقيح.

وتضمن المشروع أيضًا إجراءات الاستعداد الرئيسية، وهي: تطوير الخطة الفرعية لنشر اللقاح، الإجراءات التنظيمية الأكثر أهمية لطرح اللقاح، تطوير نظام عبر الإنترنت للتسجيل المسبق للمجموعات ذات الأولوية المؤهلة، تطوير ونشر إجراءات التشغيل القياسية لتخزين اللقاح وتوزيعه وتسليمه، التدريب والإشراف على القائمين بالتحصين وضمان آليات الإبلاغ عن المظالم المتعلقة بالتطعيم ضد كوفيد_19. كما تم إطلاق حملة اتصال عامة لتزويد السكان بالمعلومات حول الأهلية ومواقع التطعيم والتوقيت وسلامة اللقاح وفعاليته.

واعتمد الدعم الأخير للبنان على عمل البنك الدولي السابق الداعم لجهود التطعيم على مدى عقود، بما في ذلك شلل الأطفال والحصبة والإيبولا.  وجمع بين التمويل والخبرة العالمية والتجربة داخل البلد عبر القطاعات لبناء المزيد من المرونة قبل حالات الطوارئ الصحية المستقبلية.

امتيازات من البنك الدولي أصبحت مهدّدة

استجابة لتفشي كوفيد_19 في البلاد، سمح البنك الدولي في مارس 2020 لنفس مشروع المرونة الصحية في لبنان، المساعدة في تعزيز قدرة وزارة الصحة العامة على الاستجابة لأزمة كوفيد_19 من خلال تجهيز المستشفيات العامة وزيادة مستشفياتها، والقدرة على فحص وعلاج الحالات المشتبه فيها. منذ ذلك الحين، ساعد المسار السريع للمشتريات من خلال الموردين المحليين والدوليين، باتباع إجراءات البنك الدولي وبالتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة، في شراء السلع والمعدات التي تشتد الحاجة إليها إلى 45 مستشفى. وشملت هذه المعدات الحماية الشخصية، و 60 جهاز تهوية، و 10 آلات PCR ومجموعات اختبار. بالإضافة إلى ذلك، تم تجهيز 50 وحدة عناية مركزة بأسرة العناية المركزة والمعدات المرتبطة بها، بما في ذلك أجهزة مراقبة العلامات الحيوية ومضخات الحقن ومضخات الشفط ومضخات التسريب وأجهزة إزالة الرجفان وآلات تخطيط القلب. وتم شراء سلع ومعدات إضافية لزيادة السعة وعدد أسرة العناية المركزة حتى 180 سريرًا مع المعدات المرتبطة بها.

وتم تمويل مشروع المرونة الصحية في لبنان من خلال مساهمة قدرها 95.8 مليون دولار أميركي من البنك الدولي للإنشاء والتعمير، ومنحة قدرها 24.2 مليون دولار أميركي من صندوق التمويل العالمي الميسر. وتم إطلاق الصندوق الأخضر للمناخ في عام 2016، وهو يوفّر تمويلًا ميسّرًا للبلدان المتوسطة الدخل التي تستضيف أعدادًا كبيرة من اللاجئين بمعدلات مخصصة عادةً لأشد البلدان فقراً.

وتتخذ مجموعة البنك الدولي، وهي أحد أكبر مصادر التمويل والمعرفة في البلدان النامية، إجراءات واسعة النطاق وسريعة لمساعدة البلدان النامية على تعزيز استجابتها للوباء. وهي تدعم تدخلات الصحة العامة، وتعمل على ضمان تدفق الإمدادات والمعدات الحيوية، وتساعد القطاع الخاص على الاستمرار في العمل والحفاظ على الوظائف. وأتاحت مجموعة البنك الدولي ما يصل إلى 160 مليار دولار على مدى 15 شهرًا تنتهي في يونيو 2021 لمساعدة أكثر من 100 دولة على حماية الفقراء والضعفاء، ودعم الأعمال التجارية، وتعزيز الانتعاش الاقتصادي. ويشمل ذلك 50 مليار دولار من موارد المؤسسة الدولية للتنمية الجديدة من خلال المنح والقروض الميسرة للغاية و 12 مليار دولار للبلدان النامية لتمويل شراء وتوزيع لقاحات كوفيد_19.

 

لطيفة الحسنية

لطيفة الحسنية

صحافية متخصصة في الإعلام الرقمي. أطلقت حملة لمكافحة الإبتزاز الالكتروني عام 2019، تناولت تدريب الضحايا على كيفية التخلّص ومواجهة جرم الابتزاز تضمنت 300 حالة حتى تموز 2020. عملت كمسؤولة إعلامية في منظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى