منوعات

كارثة بيئية تطال الشاطئ اللّبناني مصدرها الاحتلال الاسرائيلي

ما كان ينقص لبنان في هذه الفترة بالذات، أيّ في غمرة وأوج الأزمات الحاضرة من الصحة إلى الاقتصاد وسائر أوجه الحياة، ولا سيّما مع استمرار تفشي جائحة كورونا، إلّا كارثة من نوع آخر، راحت تلوّث بحر صور، والذي يعتبر الأنقى والأنظف في دول حوض المتوسط، وفقًا لتقارير دولية، إذ لا يكاد يتعافى الشاطئ اللّبناني عمومًا من كارثة بيئية لتطاوله أخرى، وكأنّنا محكومون بما ينغِّص على اللّبنانيين عيشهم، ويكدِّر حياتهم، ويهدّد بيئتهم التي يعيشون بين ظهرانيها.

فإلى جانب التلوّث المستمر، والناجم عن مياه الصرف الصحي والتلوّث الذي سببته وتسببه مطامر ومكبّات النفايات الصلبة والسائلة، وصل قبل يومين التسرّب النفطي إلى شواطئ لبنان، ومصدره فلسطين المحتلّة، وتحديدًا  ساحل حيفا في كيان العدو، وكانت الرياح مؤاتية لتحمله التيارات البحرية الجنوبية الشمالية إلى شواطئنا.

 

تلوث نفطي

وفي التفاصيل، تعرّضت قبل أربعة أيام من اليوم شواطئ فلسطين المحتلّة لتلوّث نفطي امتدّ بطول 170 كيلو مترًا، ما أدّى إلى نفوق الكثير من الأحياء البحرية بحسب ما صرّحت به وسائل الإعلام العبرية، والأخطر أنّه هذا تمّ العثور على هذه المواد في 16 موقعًا على شاطئ البحر الممتد من حيفا جنوبًا إلى عسقلان شمالًا، وقد تمّ تحديد مصدر التلوّث بالمتابعة الجوية على مسافة 200 إلى 500 متر في البحر من الساحل حول مدينة حيفا الرئيسية، ورجّحت المصادر نفسها أن تكون إحدى السفن التي مرّت قبالة الساحل قد تسبّبت بالحادثة، فيما يتم التحقيق بالموضوع بالتعاون مع وكالات أوروبية.

وتبحث دولة الاحتلال عن المصدر المحتمل بمساعدة الأقمار الصناعية ونماذج حركة الأمواج لتضييق نطاق البحث من أجل اتخاذ إجراءات قانونية ومقاضاة شركات التأمين للحصول على تعويضات تساعد في مواجهة التداعيات البيئية.

 

من شاطئ الناقورة إلى صور

محليًا، رصد التلوث اليوم صباحًا في المنطقة الممتدة من شاطئ الناقورة جنوبًا وحتى مدينة صور شمالًا وقد وثّق وجود مواد نفطية لزجة ومتكتلة عند الشاطئ وقد باشرت بلدية صور وإدارة محميّتها العمل على رفع التلوث ومسح الأضرار منذ الصباح الباكر.

ولا نعلم إلى الآن ما إذا كان لبنان الرسمي سيتحرّك لجهة فتح تحقيق ومتابعة الحادثة والمطالبة بتعويضات عن هذا الضرر البيئي؟ أم أنّ الحادث سيمرّ مرور الكرام؟ هذا بالإضافة إلى أنّ ثمّة ضرورة لتحرّك رسمي واسع من الوزارات المعنية للمساندة في مسح الأضرار، والمساعدة في عمليات رفع التلوث، علمًا أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب تابع قضية التسرّب النفطي من باخرة للعدو الإسرائيلي الذي وصل إلى الشواطئ اللّبنانية في الجنوب، وكلّف وزيري الدفاع والبيئة في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر ودميانوس قطار والمجلس الوطني للبحوث العلمية، متابعة الموضوع لجهة إبلاغ قوّات “اليونيفيل” لوضع تقرير رسمي في هذا الخصوص، وكذلك لجهة التعامل مع هذا التسرّب وأضراره.

 

دبوق: التخلص من المواد النفطية

في هذا السياق، قال رئيس بلدية صور المهندس حسن دبوق لـ “أحوال”: “نتابع الموضوع منذ يومين، وبدأنا حملة تنظيف وجمع للمواد النفطية بالقدرات المتوفرة لدينا وسنطلق حملة تنظيف سريعة مع المحمية والجمعيات الأهلية”.

وأشار دبوق إلى أنّنا “قمنا بمسح للشاطئ ومسح بحري بالتعاون مع المركز اللّبناني للغطس، ونتابع معالجة الأضرار بشكل سريع، وبما توفر لدينا من إمكانيات ونبحث عن وسيلة بيئية للتخلّص من المواد النفطية التي تمّ جمعها بشكل سليم وآمن”.

 

حمزة: آثار خطيرة على البيئة البحرية

أما نائب مدير محمية صور، حسن حمزة، فقال لـ “أحوال”: “نعمل منذ الصباح الباكر على رفع الأضرار ومسحها، وقد أبلغنا المركز الوطني للبحوث العلمية بالحادثة للتعامل بشكل علمي ورسمي مع الموضوع، لما له من آثار سلبية وخطيرة على البيئة البحرية وعلى السياحة الشاطئية التي تشتهر بها مدينة صور.

 

ضـو: أخطر الكوارث البيئية

وقالت الأخصائية في علم السموم التحليلي الحيوي فرح ضو لـ “أحوال”: “وفقا لتقرير “Oil Tanker Spill Statestics“، نتج عن تسربات النفط في عام 2020 خسارة حوالي 1000 طن من النفط في الطبيعة، على الرغم من انخفاض هذه الكميات مقارنة بالسنوات السابقة، لا تزال تعتبر تسربات النفط من أخطر الكوارث البيئية”.

ورأت ضو أن “لتسربات النفط آثار قصيرة وطويلة الأجل، وطبيعة هذه الآثار مرتبطة بمجموعة متنوعة من العوامل وأبرزها كمية ونوع النفط المتسرّب، وهذه الآثار هي:

  • إختناق الكائنات البحرية بسبب الزيوت الثقيلة التي تؤثر على قدرة الكائنات البحرية على التنفس والتغذية والتنظيم الحراري.
  • تسمم الكائنات البحرية بسبب المواد الكيميائية الأخف وزنا والتي يتم إمتصاصها في الأعضاء والأنسجة والخلايا، وقد تحدث تأثيرات سامة شبه مميتة أو مميتة.
  • إختلال التوازن البيئي بسبب فقدان كائنات بحرية رئيسية لها وظائف محددة في النظام البيئي”.

 

وخلصت ضو إلى أنّه “بالإضافة إلى ذلك، يتأثر الإنسان بشكل مباشر وغير مباشر، وذلك عبر استهلاك المياه والمأكولات البحرية الملوثة”.

 

فاديا جمعة

 

 

فاديا جمعة

صحافية وناشطة بيئية واجتماعية لبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى