منوعات

الانتخابات الفرعيّة “بروفا” لقوى 17 تشرين واختبار نوايا للسلطة

حرّك اتصال رئيس مجلس النواب نبيه بري الهاتفي بوزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي في 18/2/2021 مياه الإنتخابات النيابية الفرعية الراكدة بعدما كان رئيس الجمهورية ميشال عون أرجأها في 10/9/2020 عقب التشاور مع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب وبغطاء من هيئة التشريع والإستشارات إلى ما بعد 1/1/2021 بذريعة تداعيات إنفجار بيروت في 4/8/2020 والتعبئة العامة ضد جائحة كورونا والإختلاط الذي يمكن أن يحصل في الدوائر الانتخابية. فشدد بري على ضرورة إجراء الإنتخابات النيابية الفرعية تطبيقاً للمادة 41 من الدستور التي تنص على “إذا خلا مقعد في المجلس يجب الشروع في إنتخاب الخلف خلال شهرين. ولا تتجاوز نيابة العضو الجديد أجل نيابة العضو القديم الذي يحل محلّه. أما إذا خلا المقعد في المجلس قبل إنتهاء عهد نيابته بأقل من ستة أشهر فلا يعمد إلى إنتخاب خلف”. فيما أكد فهمي لبري السير بهذه الإجراءات ودعوة الهيئات الناخبة في أواخر آذار المقبل كحد اقصى أي عملياً بعد إنتهاء مهلة تصحيح القوائم الانتخابية.

توقيت دعوة بري حمل أكثر من علامة إستفهام، ففيما تؤكد أجواء عين التينة أنها ناجمة عن حرصه على التوازن الطائفي الذي إختلّ بشغور تسعة مقاعد مسيحية ومقعد درزي واحد من جهة وإصراره على تطبيق القانون وأن يكون المجلس مكتملاً من جهة أخرى، سأل البعض: لماذا لم يسارع الى هذه الدعوة فوراً بعد 1/1/2021؟ هل هي من باب رفع العتب وإظهار الحرص على تطبيق القانون؟ أم هي لـ”زكزكة” “النائب جبران باسيل و”التيار الوطني الحر” الذي يُحكى عن تراجع شعبيته ولحشره بخوض إستحقاق أشبه بمغامرة؟ ألم يكن هناك خلال طائفي منذ إستقالة 7 نواب مسيحيين ونائب درزي؟ ألم يتفاقم اليوم خطر كورونا الذي كان أحد أسباب التأجيل سابقاً؟

إذا صدقت الوعود ولم تكن الإنتخابات راكدة في مستنقع وحول السياسية الذي يغرق به تشكيل الحكومة، فصناديق الإقتراع ستفتح في حزيران – لأن الدعوة يجب أن تصدر قبل 60 يوماً من إجرائها – لملء الشواغر بعد إستقالة ثمانية نواب ووفاة نائبين جراء إصابتهما بكورونا.

فوفق الفقرة الرابعة من المادة 43 من قانون الإنتخاب الذي حمل رقم 44 تاريخ: 17/06/2017 “تجري الإنتخابات النيابية الفرعية لملء المقعد الشاغر على مستوى الدائرة الصغرى العائد لها هذا المقعد، وفقاً لنظام الإقتراع الأكثري على دورة واحدة، وتُحدّد مراكز الاقتراع ضمن هذه الدائرة بقرار من الوزير. أما إذا تخطّى الشغور المقعدين في الدائرة الانتخابية الكبرى، إعتمد نظام الإقتراع النسبي وِفق أحكام هذا القانون”.

تفرض الإنتخابات الفرعية تحديات عدة أمام الطبقة الحاكمة أكان لناحية الخطوات الواجب إتخاذها بوجه مخاطر كورونا أو لناحية تأمين التكاليف المادية لإجرائها في ظل الإنهيار المالي القائم، لكن الأهم أنها تشكّل إختبار نوايا لمدى جدية السلطة وسط بدء الترويج لإمكان عدم إجراء الإنتخابات النيابية بموعدها والسعي كي ينتخب مجلس النواب – الذي سيكون منتهي الصلاحية – رئيس الجمهورية العتيد بعد تمديد ولايته.

كما أن هذه الإنتخابات تشكّل “بروفا” ثلاثية لقوى 17 تشرين:
1- من حيث الحجم، تشكّل فرصة مميزة كي تثبت وجودها وتؤكد لقوى السلطة وللعهد مشروعيتها المستمدة من الناس فيما حراكها منذ 17 تشرين أفقد هذه السلطة مشروعيتها التي إكتسبتها في إنتخابات عام 2018.
2- من حيث الفعالية، تشكّل محطة رئيسية كي تظهر قدرتها على التعبئة ليس فقط في العالم الإفتراضي وعلى وسائل التواصل الاجتماعي بل عبر حشد الناخبين وحضهم على الاقتراع لمرشحيها.
3- من حيث التحالفات، تشكل مناسبة لتظهر الثورة أنها موحدة وغير عاجزة عن تنظيم صفوفها وخلق مساحة مشتركة بين أطيافها بل بإستطاعتها الإلتفاف حول ترشيحات موحدة وواضحة المعالم متخطية خلفياتها التي أفقدتها زخمها الذي كان قائماً في 17 تشرين الاول 2019 والتي تخطت الأمور التنظيمة الى أمور جوهرية أكان من حيث الموقف من “حزب الله” وسلاحه ودوره أو من النظام الإقتصادي في لبنان.

الإنتخابات الفرعية هي الإختبار الأساسي للقوى الثورية وإمتحان لثقتها بذاتها وبإقتراع الناس لها وبقدرتها على تنظيم صفوفها كما أنها “روداج” لمكنتها الإنتخابية، فهل ستقبل التحدي في صناديق الاقتراع – مع خيار الإستقالة الفورية بعدها كي لا تشارك السلطة الحاكمة بانتظار إعادة إنتاجها في إنتخابات شاملة – أم ستتحاشى هذا الإختبار تحت ذرائع وحجج واهية؟

جورج العاقوري

صحافي ومعّد برامج سياسية ونشرات اخبار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى