مجتمع

ربع مليون طفل عامل في لبنان والأرقام مرشّحة للارتفاع

النائب ميشال موسى لـ "أحوال": عدم تطبيق القوانين ساهم في انتشار هذه الظاهرة

ظاهرة عمالة الأطفال ليست حديثة، لكن اللافت أن هذه الظاهرة بدأت في التزايد في السنوات الأخيرة ولم تعد تقتصر على أطفال تتراوح أعمارهم بين 14 – 17 سنة،  فالمشهد اليوم أكثر قسوة حين بات أطفال تتراوح أعمار بين 10 – 13 سنة يعملون في مهن صعبة كالحدادة وتصليح السيارات وأعمال البناء وغيرها من الأعمال الخاصة بالكبار.

قوانين تمنع عمالة الأطفال

في عام 2002 دشنت منظمة العمل الدولية اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال لتركيز الاهتمام على مدى إنتشار ظاهرة عمل الأطفال في العالم، والعمل على بذل الجهود اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة، ففي كل عام في 12 حزيران/ يونيو، يجمع اليوم العالمي الحكومات ومؤسسات أرباب العمل والعمال والمجتمع المدني، بالإضافة إلى ملايين الأشخاص من جميع أنحاء العالم لإلقاء الضوء على محنة الأطفال العاملين وكيفية مساعدتهم.
وتنص اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها لبنان عام 1991 على “حق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيراً أو أن يمثل إعاقة لتعليم الطفل، أو أن يكون ضاراً بصحة الطفل أو بنموّه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي”، لكن الواقع مختلف وأرقام الأطفال العاملين لا يبشر بالخير، خاصة أن عمل هؤلاء الأطفال يخالف القوانين اللبنانية والاتفاقيات والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الطفل.
رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية، النائب الدكتور ميشال موسى قال لـ “أحوال”: القوانين اللبنانيّة تمنع عمالة الأطفال، ولبنان وقّع على اتفاقية منع عمالة الأطفال والقانون اللبناني واضح في هذا الأمر حيث يعاقب صاحب العمل في حال كان يعمل أطفالاً لديه، لكن نتيجة الظروف الحالية وعدم القدرة على متابعة الأمر من قبل السلطة التنفيذيّة صار هناك خللاً وبأساليب مختلفة.
يضيف، هناك أطفالاً يعملون رغم صغر سنهم ولا توجد طريقة إلا بضبط المخالفات ومعاقبة المشغّلين من قبل السلطة التنفيذية والأجهزة الأمنية، لكن هناك تراخي لأسباب مختلفة منها الفقر والوضع الاقتصادي والإهمال من الدولة وهذا خطأ كبير يجب معالجته ويحتاج إلى ضبط، وخاصة أن القانون ينظّم العمل للذين تبلغ أعمارهم 16 سنة، بحيث لا يتم استغلالهم في أعمال تحتاج إلى تعب وجهد، وتحت عمر 16 سنة يمنع تشغيله في أي مهنة، كما أن التسرّب المدرسي ممنوع وهناك قوانين تمنع التسرّب المدرسي وتتم معاقبة الأهل في هذه الحالة.
ويلفت موسى إلى هناك جانب آخر من عمالة الأطفال وهو ما يطلق عليه “أطفال الشوارع” أي المتسولين وهذا الأمر يحتاج إلى معالجة، لأن هناك من يشغّلهم في هذه المهنة ويستغلهم، وخلال الفترة التي كنت فيها وزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية وضعنا خطّة للتخلص من هذه الظاهرة، وكان هناك اجتماعات بين وزارات العدل والشؤون الاجتماعية والعمل والقوى الأمنية وتم افتتاح مركز في الكحالة لكي يتم تعليمهم أكاديميا ومهنياً ورعايتهم لكن للأسف لم تتم استمرارية هذا الموضوع وانتهى رغم نجاحه.
وقال: اليوم مطلوب تطبيق القوانين، وعدم تطبيقها يؤدي إلى الزيادة في أعداد الأطفال الذين يعملون في مهن شاقة ومختلفة، ومن ضمن القوانين منع التسرّب المدرسي واستمرار الأطفال في الدراسة إلى حين تمكنهم من اختيار مهنة يتيحها القانون.

حوالي 250 ألف طفل يعملون في قطاعات مختلفة

على الرغم من عدم وجود إحصاءات دقيقة لعدد الأطفال العاملين إلى أن العدد يُقدّر بحوالي 250 ألف طفل، هذا ما أكدته مديرة جمعية دار الأمل هدى حموية قرى لـ “أحوال” وقالت: نحن جمعية تهتم بحقوق الطفل والمرأة منذ 50 سنة، ونقوم بمساعدة الأطفال وخاصة المتسربين من المدارس حيث يخضعون لبرامج تعليمية وتربوية كي نمنع توجههم للعمل في سن مبكرة، ونحميهم من الاستغلال وخاصة ما يطلق عليهم تسمية “أطفال الشوارع”.
تضيف، بالإضافة للتعليم نقوم بتعليم الأطفال مهن يستطيعون القيام بها من خلال برنامج تدريب مهني، لأنه لا يجوز أن يكون الطفل يعمل في تصليح السيارات أو في أعمال البناء وهو في سن دون 16 سنة، والقوانين تفرض على الطفل أن يتعلم وحتى إذا اضطر للعمل نتيجة الوضع الاقتصادي المنهار يجب أن يعمل في مهنة بسيطة تناسبه، ونستقبل هؤلاء الأطفال في مراكزنا القريبة من المناطق والأحياء الفقيرة مثل النبعة وصبرا وطرابلس.
تلفت إلى أنه لا يمكن سلخ الطفل عن عائلته لذلك نقوم بتوعية الأهالي الذين يدفعون أطفالهم للعمل نتيجة الضائقة الاقتصادية وحاجتهم للمال لتأمين احتياجاتهم الغذائية، وخاصة أن الأطفال الذين يعملون بسن صغيرة قد يتعرضون للاستغلال المادي أو الجنسي.
وتختم بالقول: الوضع الاقتصادي والمعيشي الحالي لم يمر سابقاً على لبنان وهذا من أول الأسباب لعمالة الأطفال، والدولة غائية كليّاً حتى وزارة الشؤون الاجتماعية غير موجودة ولا تنجز أي عمل بخصوص الأطفال، والخط الساخن في الوزارة لا أحد يجيب عليه.

أسباب عمل الأطفال

يُعدّ الفقر وسوء الأوضاع الاقتصاديّة من أبرز العوامل المُؤدّية لعمل الأطفال حيث يقوم بعض الأهل بزجّ أولادهم في أعمال مختلفة دون الالتفات للمخاطر التي تحيط بها، في هذه الحالة يعتمد الأهل على الطفل من أجل المساهمة في جزء من نفقات الأسرة ولكن المشكلة تتفاقم في حال انفصال الوالدين وَخصوصاً في حال مرض أو عجز أو موت أحدهما إذ يصبح الطفل هو المصدر االرئيسي لدخل الأسرة.
كذلك تدني المستوى الثقافي للعائلة وتفشي الأميّة بين أفراد الأسرة وعدم إدراك قيمة وأهميّة التعليم في كافة مجالات الحياة، وبالتالي فإن الطفل سيفقد الحافز للتعليم، وهناك أُسر ريفيّة َوبدويّة تعتقد أن عملَ الطفل “مفخرة ورجولة”.
ومن أهم الأسباب أيضاً، عدم الالتزام بالقرارات الدوليّة وعدم تطبيق قوانين حظر عمل الأطفال كما هو الحال بالنسبة لقانون الزاميّة التّعليم.

خليل العلي

صحافي ومصور فلسطيني يعمل في مجال الصحافة المكتوبة في عدة وسائل إعلامية عربية وفلسطينية، عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى