مجتمع

النادي “العلماني” إلى “اللبنانية”.. هل تتكرّر تجربة الجامعات الخاصة؟

بعد أشهر على فوز النوادي العلمانية في 4 جامعات خاصة، وصلت تلك النوادي إلى أهم الصروح التربوية في البلاد، حيث أطلق أكثر من 60 طالبًا وطالبة في الجامعة اللبنانية، النادي العلماني، ليكون جزءاً من “شبكة مدى” التي تُعد بمثابة طاولة حوار بين مختلف النوادي.

وفي حين تمكّنت النوادي العلمانية في الجامعات الخاصة من تحقيق الفوز على نوادي الأحزاب، بعد سنوات من شبه الغياب، فإن تجربة هذه النوادي في الجامعة اللبنانية لن تكون أسهل، في ظلّ غياب الإنتخابات الطلابية منذ عام 2018، واحتكار الأحزاب السياسية لمجالس طلاب الفروع بشكل “متوارث”، بناءً على نتائج انتخابات خيضت قبل 12 عاماً.

وفي هذا السياق، تؤكد طالبة كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية – الفرع الخامس، لارا سرحال، في حديث لـ”أحوال”، أن فكرة إنشاء النادي العلماني في الجامعة اللبنانية لم تكن جديدة، ولطالما راود هذا الحلم الطلاب، إلا أن الظروف السابقة لم تكن تسمح بترجمته، “حيث كان ممنوعاً للنوادي – حتّى غير السياسية- أن تعمل ضمن الجامعة”، بحسب قولها، مضيفة: “ولكن بعد انطلاق ثورة 17 تشرين ونجاح النوادي العلمانية في الانتخابات الطلابية في عدد من الجامعات الخاصة، تشجّعنا على اتخاذ هذه الخطوة”.

من هنا، تذكر سرحال “نادي حقوق الإنسان” الذي أُسّس قبل عدّة سنوات في الجامعة اللبنانية، وتمكّن من القيام بالعديد من النشاطات، “إلّا أن أحد المدراء السابقون أصدر قراراً بمنع هذا النادي من القيام بأي نشاط، بحجّة أن نظام الجامعة لا يلحظ وجود نوادٍ، علمًا أن النظام عينه لا يمنع ذلك، ولكن الموضوع كان استنسابياً إلى حدّ بعيد”، بحسب قولها.

في المقابل، لا تنكر سرحال تخوّفها وزملائها من إعادة سيناريو إقفال النادي، خصوصاً أن إطلاق النادي العلماني جرى دون أي تنسيق مع الإدارة، “لذلك نعمل حالياً على إطلاق حملة لكي يلحظ نظام الجامعة وجود نوادٍ طلابية، وبذلك يُصبح محمياً بموجب القانون، ويبتعد عن الاستنسابية”، لافتة إلى أن النادي يضمّ في الوقت الحالي 25 عضواً، وسيركز عمله على إقامة النشاطات وفي مقدمتها الندوات لنشر الفكر العلماني وأُسس المواطنة، وصولاً الى خوض الانتخابات الطلابية وإحداث تغيير بالجامعة، لكي لا تبقى كل كلية تابعة لحزب معين.

وتختم سرحال حديثها لموقعنا بالإشارة إلى أنه وفور إنجاز المهمة الأولى القاضية بتشكيل النادي، ستكون الخطوة الثانية باتجاه الضغط لإجراء انتخابات طلابية.

اللافت أن إنشاء النادي العلماني لم يقتصر على الفرع الخامس للجامعة اللبنانية فحسب، بل سبقه الفرع الثاني الذي أطلق طلابه هذا النادي في تشرين الثاني الماضي، بعد تلاقي مجموعة من الطلاب المستقلين على فكرة إنشائه.

وفي هذا الصدد، يشير الطالب شربل البيسري في حديث لـ”أحوال” إلى أن النادي يضم حالياً 30 طالبًا، ويرتكز على بُعد وطني بتأسيس دولة علمانية، وبُعد خاص متعلّق بالجامعة الوطنية من خلال المطالبة بتعزيز مكانتها وزيادة ميزانيتها، فضلاً عن المطالبة بإجراء الانتخابات الطلابية على أساس قانون نسبي، يضمن صحة التمثيل.

ويؤكد البيسري أن حالة الإغلاق الناجمة عن انتشار فيروس كورونا شكلت صعوبة لهم من حيث إمكانية التواصل مع الطلاب، “خصوصاً أننا لا نملك البيانات التي تساعدنا على تحقيق ذلك”، بحسب تعبيره، “لكن هذا العائق لم يمنعنا من القيام بثلاثة نشاطات عن بُعد، كان آخرها محاضرة لنقيب المحامين ملحم خلف، حضرها نحو 180 طالبًا”، مضيفًا: “كما أننا وضعنا القانون الداخلي للنادي وسنقوم بإجراء إنتحابات داخلية لاختيار رئيس خلال آخر الأسبوع القادم”.

بدوره، يؤكد عضو شبكة “مدى”، كريم صفي الدين، لـ”أحوال” على أهمية دور لجنة الاستقطاب في الشبكة التي تضم خريجين وناشطين من مختلف الجامعات، من حيث تقديم الدعم بالخبرات والتدريب والعمل السياسي والتنظيم الداخلي للطلاب الذين أسسوا هذه النوادي، حيث يصف “شبكة مدى” بأنها “طاولة تنسيق” بين نوادٍ مختلفة في الجامعات، شرط أن تتمتّع تلك النوادي باستقلالية وخصوصية تامّة، لافتًا بالمقابل إلى أن تجاوب طلاب الجامعة اللبنانية كان إيجابيًا رغم التخوفات السابقة من تأسيس النادي، إلا أن وجود هيمنة لفكرة النوادي العلمانية بالإعلام والثقافة، خصوصًا بعد الانتخابات الطلابية بالجامعات الخاصة، جعل الطلاب أكثر تقبلاً للفكرة.

أما حول صعوبة العمل السياسي في الجامعة اللبنانية، فيوضح صفي الدين أنه وخلافاً لما يعتقد البعض، كان هناك تكتلات علمانية ويسارية وتقدمية في الجامعة اللبنانية، كانت تسيطر على الجامعة حتى قبل الأحزاب الطائفية، ليختم كلامه بالقول: “وبالرغم من أن سيطرة بعض الأحزاب على بعض الكليات في الوقت الراهن قد يعرقل عمل هذه النوادي، إلا أن وجود معارضة أكثر شجاعة في البلد، سيصعّب المهمة على هذه الأحزاب”.

مهدي كريّم

مهدي كريّم

صحافي وكاتب لبناني يهتم بالقضايا السياسية والإقتصادية. حائز على ماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى