منوعات

بعد انهيار الإقتصاد اللبناني أي دور تبقّى للمصارف اليوم؟

أزمة المصارف اليوم هي في غياب دورها الأساسي الذي قامت لأجله

شهد العامان الماضيان اعتصامات أمام المصارف، وصولاً إلى حدّ إحراق بعض الفروع واقتحام محتجّين مبنى جمعية المصارف في وسط بيروت.

خلال عقود، بنى لبنان مجده على القطاع المالي وأهمها السرية المصرفية. لكن أيضاً دخلت المصارف في كل مفاصل الحياة الإقتصادية للقطاعين العام والخاص. المصارف كانت تقرض الدولة والأفراد على حد سواء.

لكن تدهور الوضع الإقتصادي ثم الفوضى التي تضرب القطاعين المالي والإقتصادي، تاركة الناس نهباً للخوف والقلق على مدخراتهم، باتت سبباً في طرح العديد من الأسئلة عن دور القطاع المصرفي اليوم. ما هو مستقبله؟ وما هو مصير الآلاف من موظفيه؟ هل سيعلن الإفلاس أو يصار إلى دمج المصارف؟ ما الدور الذي تلعبه المصارف اليوم في حياة الناس والإقتصاد؟

الخبير المالي والإقتصادي وليد أبو سليمان يقول في اتصال مع “أحوال” إنّ “المصارف بدأت بتخفيض مصاريفها بالفعل. ويظهر هذا بوضوح خارج لبنان كما داخله. فقد عمدت بعض المصارف في الخارج إلى بيع أصولها، أما في الداخل فقد لجأ بعضها إلى إقفال فروعه”.

ويضيف: “هذه خطوات أولى للإستجابة للخسارة. ومن المؤكّد أنّ الخطوة الثانية ستكون من خلال تسريح موظفين، ثم تخفيض رواتب من يتبقّى منهم”.

يعزو أبو سليمان سبب ذلك إلى أن المصارف، قبل الأزمة، كانت تنفق على مصاريف تشغيلية كبيرة لكنها طبعاً لا تقاس بحجم الأرباح التي كانت تحققها طوال السنوات الماضية. وهذا دفعها إلى افتتاح فروع كثيرة وتشغيلها.

لكن هذا الأمر بات من الماضي. وأزمة المصارف اليوم هي في غياب دورها الأساسي الذي قامت وتوسّعت من أجله. فقد كانت تعمل على تمويل الإقتصاد والدولة، لكنها اليوم لم تعد كذلك. لقد انتفى هذا الدور ببساطة. ذلك أن الأفراد والمؤسسات لم تعد تقترض، ولا قدرة لها على الإقتراض أصلاً. وكذلك الأمر بالنسبة للودائع، حيث أن الأفراد والمؤسسات أقلعوا عن إيداع أموالهم في المصارف بعد المصائب التي حلّت بالمودعين. وهذا بالتالي يفقد المصارف القدرة على الإقراض.

ما الدور الذي تبقى للمصارف اليوم؟

يجيب أبو سليمان أن المصارف: “باتت اليوم مقتصرة على أداء دور الكونتوار، أو العمل المصرفي البسيط. صرف الرواتب للموظفين وتحصيل القروض من المؤسسات والأفراد”.

وحول هذه النقطة يشير أبو سليمان إلى أن المصارف تحاول الإنتفاع قدر الإمكان من هذه العمليات المالية البسيطة، حيث أنها تفرض عمولات على السحوبات المالية وبنسب عشوائية يفرضها كل مصرف على حدة، من دون العودة إلى مصرف لبنان أو الاتفاق على سقوف محددة للعمولات بين جميع المصارف.

ويأتي دور العمولات في مساعدة المصارف على تسديد رواتب موظفيها وتغطية المصاريف التشغيلية في ما تبقى لها من فروع.

ويقول أبو سليمان إن “قروض القطاع الخاص من البناء وصولاً الى الصناعة، ثم قروض التجزئة والقروض الشخصية تعادل فوائدها نحو مليار دولار، الأمر الذي يساعد المصارف على الإستمرار في عملها بالحدّ الأدنى”. إضافة إلى نحو مليون حساب لمؤسسات وأفراد في المصارف، تعمل الأخيرة على فرض رسوم على حركتها سواء في التوطين أو كشوفات الحسابات والقروض”.

لكن ماذا عن تأخير المصارف إعلان إفلاسها؟

يقول أبو سليمان إنه “بمجرد أن يطلب مصرف لبنان من المصارف إعادة الرسلمة لتكوين سيولة وإعادة الحسابات عند مصارف المراسلة، فإن هذا يعني فعلياً إفلاس لكن مع وقف التنفيذ”.

ويشرح الخبير المالي اللبناني أن “المصارف اليوم تعيش شبه عزلة. فهي غير قادرة على استعادة دورها أو أقله أداء المهمات التي كانت في عهدتها. لقد أصبحت المصارف اليوم أشبه بصندوق للسحوبات، وفي حال فرض عليها من الخارج تطبيق معايير بازل 3 وفشلت في التطبيق فإن هذه العزلة ستتحول إلى عزلة داخلية وخارجية في آن واحد”، أو بتعبير آخر، إنتهاء المصارف.

 

نانسي رزوق

صحافية منتجة ومعدة برامج تلفزيونية وأفلام وثائقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى