منوعات

دراجة نارية تُشعل “الليلكي” وبيئة المقاومة تكاد تنفجر

الأحزاب في الضاحية ترفض الاصطدام بالعشائر

يوم أمس الأحد، كان سكّان الضّاحية الجنوبيّة على موعد مع صدمات نفسيّة ومعنويّة جديدة، فمن حيث لا يدري أحد، يُسمع صوت انفجار، بعد منتصف الليل تصل أصداؤه إلى مناطق بعيدة عن الضاحية، ترتعش قلوب السكان، ويستيقظ الأطفال على وقع الصدمة، وكل هذا لأن أحدهم قرر إطلاق قذيفة خلال إشكال مسلّح في منطقة الليلكي.

منذ تاريخ 8 شباط حتى اليوم، وقعت في الضاحية الجنوبية عدّة إشكالات مسلحة، منها على سبيل المثال لا الحصر، إشكال مسلّح في بئر العبد بين عشيرتين، بسبب ملف مالي، إشكال مسلح في مخيّم صبرا على خلفية “محل قهوة”، بين (و.ع)، (خ.ع)، و(ف.س) من جهة، و(ف.ع)، (ج.ع)،و (و.ح) من جهة أخرى، أدى لسقوط جريح.

قيام مجهولون ملثمون يستقلون سيارة مرسيدس سوداء، لوحاتها مغطّاة، بإطلاق النار على اكسبرس (م.د) في محلّة عين السكة ببرج البراجنة ما أدى لإصابته بكتفه، وإصابة عامل سوري بجروح.

قيام المدعو (ع.د) في محلّة صبرا بإطلاق النار من بندقية كلاشينكوف في الهواء على خلفية ملف مخدرات، وأيضاً في صبرا، إشكال مسلّح بين أحد الأشخاص ولقبه “الإحدعشري”، و(ح.ل) من جهة، و(أ.ف)، و(ع.ف) من جهة أخرى على خلفية ملف مخدرات أيضاً.

ولعلّ أبرز الأحداث الأمنية في الأسبوع الماضي بالضاحية الجنوبية كانت “معركة الليلكي” بين آل زعيتر وآل حجولا، فماذا في التفاصيل؟

دراجة نارية أشعلت النار

منذ فترة خرج (ز.ح) من السجن بعد أن كان موقوفاً، وقرر نهاية الأسبوع الماضي سرقة دراجة نارية، وقام بتنفيذ السرقة، الأمر الذي دفع بصاحب الدراجة لطلب المساعدة من آل (ز). وتشير المصادر الأمنية إلى أن هذه الحادثة تسبّبت باندلاع الإشتباكات بعد أن قام أشخاص بمحاولة الهجوم على المتهم بسرقة الدراجة، لمحاولة استعادتها.

وتُضيف المصادر عبر “أحوال”: “وقعت الإشتباكات بالأسلحة الرشّاشة، ولكن تم استعمال قاذف الـ آر بي جي، مرتين، الأولى في المعركة الأولى التي وقعت ليل الأحد، والثانية فجر الإثنين”، مشيرة إلى أنّ الإشكال تجدّد الساعة 1 بعد منتصف الليل، بعد إعلان وفاة (ع.ص)، الشاب الذي أتمّ الـ 28 عاماً في الأول من شباط، والذي أُصيب خلال الإشكال الأول، وتم نقله إلى مستشفى البرج”.

تدخّل الجيش اللبناني لحظة وقوع المعركة، ونفّذ دورية مؤللة ضخمة، وحاول السيطرة على الأمن، ونجح، قبل أن تعود الأمور لتتفلّت بعد منتصف الليل.

تاريخ الخلاف بين العائلتين

لا يختلف انتماء آل زعيتر الطائفي أو المذهبي، أو السياسي، عن انتماء آل حجولا، لكي يُفهم سبب العداوة بينهما، إنما سبب الخلاف بحسب مصادر لـ”أحوال” هو إشكال فردي وتضارب بالأيدي، حصل منذ 9 أعوام، بين (ع.ح)، و(س.ز)، تضخّم، ليُدخل العائلتين في صراع دموي، لم ينته بعد.

وتضيف المصادر: “بعد التضارب كبُر الإشكال ودخل السلاح على الخط، فسقط ضحايا، وجرحى، وحُرقت ممتلكات، وأصبحت المنطقة تُعاني، إذ كل فترة يتجدد الصراع وتندلع الإشتباكات، ولغاية اليوم لم يتمكن المجلس الشيعي، ولا أحزاب الطائفة من إيجاد نهاية لهذا الصراع الأليم”.

المشكلة بالإكتظاظ السكّاني وعديد قوى الأمن

تؤكد المصادر الأمنية أنّ الأجهزة الرسميّة تحاول القيام بعملها في الضاحيّة، فهي تنفّذ المداهمات، وتوقف الأشخاص، وتُصدر الوثائق، ولكنها بكل بساطة لا تملك العديد الكافي للسيطرة على منطقة جغرافية تضمّ حوالي 850 ألف ساكن، مشيرة إلى أن أغلب الإشكالات التي تحصل تكون ذات طابع فردي، ولكن المخيمات في الضاحية، والأحياء المكتظة، والأوضاع الإجتماعية، وتواجد السلاح في كل بيت لبناني، كلها عوامل تساهم بوقوع مثل هذه الحوادث.

بين الدولة… والأحزاب

في السابق كنا نسمع أنّ “الأحزاب” تمنع أجهزة الدولة من دخول الضاحية، وهذه الرواية، بحسب مصادر حزبية، لا تقدّم الحقيقة كاملة، فمن جهة، نعم كانت الأحزاب تطلب التنسيق معها بكل تفصيل تُريد أجهزة الدولة القيام به، ولكن بالمقابل لم تكن أجهزة الدولة تنوي أصلاً ممارسة دورها في الضاحية الجنوبية، مشيرة إلى أن ذلك الزمن انتهى واليوم تعمل الأجهزة الأمنية في الضاحية بحريّة.

وتضيف المصادر عبر “أحوال”: “الأحزاب في الضاحية أكّدت مراراً أن “الأمن لا يكون بالتراضي”، وأنها لا تستطيع بسط الأمن، والحلول مكان أجهزة الدولة، لأنه ليس من واجبها هي أن تصطدم بالعشائر والعائلات، وهي بكل تأكيد لا تغطّي أي مرتكب، بل تدعو الدولة للقيام بواجبها كاملاً، على صعيد الأمن، والتنمية الإجتماعية”.

بيئة “المقاومة” تعاني

في خضمّ كل ما يجري، تدفع الأحزاب في الضاحية الجنوبية الثمن، فبيئتها هي المستهدفة، وهي التي تُعاني، وهي التي تموت برصاص مجنون، وتتعرض للسرقات، ولخطر انتشار المخدرات، وهي التي تدفع خوّات لعصابات معروفة.

هذه البيئة التي لطالما أعلنت جهوزيتها لمواجهة كل عدوّ، ودفعت من أرواحها في سبيل العيش بكرامة، ها هي تُعاني اليوم، وتحمّل المسؤولية لأحزابها أولاً، والدولة ثانية، لأن الدولة بالنسبة إليها، مخلوق غريب، لم يهتم بشؤونها سابقاً. هذه البيئة تدفع من استقرارها، وأمنها، ومعنوياتها، وهناء أطفالها، وهي ترفع الصوت بوجه السلاح المتفلّت، وتؤكد أنّ سلاح المقاومة، في واد، وهذا السلاح القاتل في واد آخر، فكفى تعذيباً لمن آمن بالمقاومة وبمجتمعها، ولتتحرّك الأحزاب، والدولة، لتأمين حياة كريمة لمئات آلاف اللبنانيين الذين يستحقون العيش بسلام، في ضاحية العز والكرامة، لا ضاحية السرقة والموت.

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى