مجتمع

   “Homeschooling” مشروع  قديم يتجدّد في مواجهة المدارس

التعليم المنزلي أوHomeschooling  فكرة تتداولها بعض الأمهات، ويُحكى فيها مؤخراً بشكل كبير، وتتلّخص في أن يحضر المعلم إلى المنزل ليلّقن التلميذ دروسه بديلاً عن المدرسة، على أن يتم ترفيعه من صف إلى صف أعلى، تماماً كما هو الحال في المدرسة، بعد امتحان، دون أن يكون الطالب مسجّلاً. هي فكرة ضد التعليم المدرسي، أو فكرة التعليم المنزلي الخاص، لكن هل هي شرعيّة وممكنة؟

يُخفف الحَشو

على طريقة تعليم أولاد الملوك والأمراء، والتي راجت في القرون السابقة، تنقسم المواد التدريسية إلى قسمين، قسم علمي وقسم أدبي، ولكل طفل أستاذه الخاص، مما يُخفف الحشو الموجود في الكتب المدرسية، ويُحذف الكثير من المنهاج، وهي تختلف عن تدريس”الأونلاين” الذي راج مؤخراً بسبب كورونا. هي فكرة إقتصادية، إذ لا أقساط، وبعيداً عن خدمة التدريس ما بعد الدوام. فهل هي فكرة يمكن تطبيقها؟

سلبيات التعليم المنزلي

في محاولة لإستشراف آراء المعنيين، توَاصَل “أحوال” مع مجموعة من التربويين.  واعتبر نقيب الأساتذة الثانويين المتعاقدين الأستاذ حمزة منصور، أنّ “قرارالأهالي بالتعليم المنزليHomeschoolingله سلبياته الكبيرة، فالمواد التدريسيّة كثيرة، مع الحاجة لمتخصصين للمواد العلميّة، إضافة إلى انتشار الكورونا، وإقلاق راحة الأهل”.

ويستدرك إلا إذا اجتمع أكثر من طالب في مكان واحد، لكن هذا يعيدنا إلى تجنّب إنتشار كورونا. وإن كان ذلك صعباً بالنسبة للمدارس الرسميّة، فثمة عقبات كبيرة أمامها، خاصة بوجود الكورونا، وأن يدور الأستاذ على الطلاب من منزل إلى منزل، ثمة عقبات، خاصة إذا كان عدد الطلاب يفوق الـ20 طالباً مثلاً”.

لا وجود لشهادة ترفيعيّة

في حين رأت الباحثة والخبيرة التربوية د. ماهرة مروة، مديرة دار المعلمين والمعلمات للتربية الرياضية، أنه “لا وجود لشيء إسمه التعليم المنزليّ Homeschooling. نعم هناك ما يُسمى التعليم الخصوصيّ، يُقدِم عليه الأهالي المقتدرين من أجل أولادهم الضعفاء دراسياً”.

وبرأيها أنه “لا وجود لشهادة ترفيعيّة. لكن بالمقابل قد يتم الاحتساب الجزئي من علامات الطالب، لكن ذلك ليس بديلاً عن التعليم المدرسيّ”.

وتتابع مروّة “وفي حال رواجه، نحن ذاهبون نحو تدنيّ مستوى التعليم، ومستوى المعلومات المكتسبة لدى الطلاب. وللأسف النمط المطروح ينقصه الكثير من الجدّية، ومن المتابعات اللوجستية، ومن التقييم في الإختلاف المتفاوت”.

فبحسب مروّة، يلزمنا اهتمام أكبر من وزارة التربية. وهذا يؤدي إلى ترسيخ أفكار سلبية برؤوس التلامذة، على سبيل المثال، كأن يظنون أنهم سينجحون دون إمتحان في الصفوف العادية”.

وتسألت “أين وزارة التربية، وأين متابعتها لهذا النوع الجديد من التعليم، ألا يجب وضع خطة طوارئ تربوية”. كأن “يتم تشكيل لجنة من مديري المدارس والثانويات، ودُور المعلمين والجامعات من ذوي الخبرات العالية، والتجارب التربوية للإستفادة من خبراتهم القيّمة”.

وبرأيّ مروّة “يوجد في لبنان قامات تربوية رائعة، وخبرات كبيرة في حقول التعليم، وعلى وزارة التربية الاستفادة من خبراتهم وتجاربهم الميدانية، وليس على خبراء ومستشارين تنظريين من داخل مكاتبهم”.

 

لم تنجح الفكرة عربيّاً

 

من جهة أخرى، يتوّسع الباحث التربوي خضر الموسوي، فيقول رداً على سؤال  حول هذا النمط الجديد من التعليم، حيث تفقد المدرسة أساس وجودها؛ إنّ “التعليم المنزليّ عبارة عن تعليم يتحمّل الأهل فيه المسؤولية مباشرة، وقد بدأت في أميركا 1980، وهي تحمل فكرة تربوية متقدّمة جداً، وتشمل حتى اليوم 3 ملايين طفل أميركي، لكنهم لا يشكلّون أكثر من 3% من الطلبة، وهي فكرة تعود إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حيث كان التدريس منزليّاً فقط”.

أما الأسباب التي دعت إلى ذلك، فهي، برأي الموسوي “القلق الكبير من البيئة المدرسيّة أوالتنّمر أو عدم الرضا عن المدارس، أو لوجود حاجيات خاصة عند الطفل، أو بسبب سفر الأهل الدائم، أو الاقامة في مناطق ريفيّة بعيدة”.

ويشير الموسوي إلى أنّ “الفكرة حضارية كونها تتيح حرية التعليم وسهولة التعلّم والمعرفة، بعيداُ عن القيود، وتعزّز قوة الأسرة، وتخفّض الكلفة على الأهل مع حرية التنّقل”.

فالتعليم المنزليHomeschooling، بحسب متابعات الموسوي الحثيثة “بدأ في كل من أوروبا، وكندا، والمكسيك، وأستراليا، وشرّعه القانون الأميركي عام 1993، لكن ألمانيا رفضته كليّاً. ومن شروطه، ضرورة إعلام السلطات البلدية بذلك، مع زيارة المشرفين الى البيوت، على أن يكون الأهل أساتذة أيضاً”.

ويكشف أنه قد تم تجربة التعليم المنزلي عربياً، فـ”مصر، والإمارات، والسعودية، جرّبوا ذلك، لكن لم يصلوا إلى المطلوب، أما في لبنان فهو تعليم غير موجود”.

ويختم الموسوي بالقول إننا “كلبنانيين لا نريد للتعليم المنزليّ أن يزيد مشاكل الأهل من خلال الدروس الخصوصيّة، في ظل الوضع الإقتصادي السيئ. والتعليم المنزلي لم يأخذ دوره التربوي والفعّال، خاصة في جوّنا الإقتصادي والسياسي السائدين، كما أنّ البيئة اللبنانية غير مؤهلة لهذه الخطوة، لأنها مليئة بالمعوّقات، وتبقى المدرسة هي الأساس والرونق في التعليم”.

سلوى فاضل

 

 

 

سلوى فاضل

صحافية لبنانية، تحمل شهادة الدراسات العليا في الفلسفة من الجامعة اللبنانية، تهتم بقضايا حقوق النساء والفتيات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى