مجتمع

ما التفسير السايكولوجي لإقبال اللّبنانيين على فيديوات طوني كتورة؟

آلاف المشاهدات وملايين التعليقات... طوني كتورة يخطف اهتمام اللّبنانيين

في ظلّ التخبط العجيب الذي يعيشه الشعب اللّبناني المنهمك بحربه ضد فيروسات السياسة والفقر والكورونا، بات المواطن اللّبناني يهرب من الواقع المرير ويتوجه نحو صانعي المحتوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي بغض النظر عن المستوى المُقدّم من قبل هؤلاء الأشخاص الذين تحوّلوا بين ليلة وضحاها إلى مشاهير تتحدّث عنهم القنوات والمواقع الإخبارية، ويتأثّر بهم روّاد السوشال ميديا لدرجة الهوس!

طوني كتورة، رجل بسيط، عفوي، ويحسب نفسَه محبًّا للفن، دخل عالم الفايسبوك منذ أكثر من خمس سنوات، دون أن يفكّر أنّه سيصبح ملاذًا للشعب اللّبناني الهارب من همومه ومشقات حياته اليومية.

يقدم الكتورة محتوى، أقل ما يقال عنه، أنه فارغ، ولكن… استطاع بلطافته وتصرفاته الطريفة أن يخطف اهتمام اللّبنانيين في أوج انشغالهم بلقمة عيشهم، بالرغم من تعرّضه لبعض حملات التنمر والسخرية من متابعيه.

ولكن الاستمتاع بمحتوى يترنّح بين الفن الهابط، والكوميديا غير التقليدية وغير الأكاديمية، يعتبرها خبراء علم الإجتماع، ظاهرة خطيرة، إذ تدل على الكثير من المشاكل المتربصة بالمجتمع الإنساني وتعكس واقعًا سيِّئًا يسقطه هؤلاء المتابعون على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي عند الوجوه المعروفة.

وتقول الأخصائية الاجتماعية والمعالجة النفسية لانا قصقص لـ”احوال” أنّ تعلّق الشعب اللّبناني بمحتوى فارغ وغير مفيد مثل المحتوى الذي يقدّمه طوني كتورة، يدلّ على مشكلة كبيرة في قدراته النقدية، وهذا الأمر، يُفسّر سبب ركوده وانعدام ردّة فعله تجاه كل التعدّيات التي يمارسها رجال السلطة عليه على كلّ الأصعدة.

الجزء الثاني متعلّق بالكبت النفسي والاجتماعي الذي خلّفه الجلوس في البيت دون نشاط يذكر بسبب الحجر المنزلي.

ثالثًا، بحسب علم النفس الترويجي، يميل الإنسان لكلّ ما هو غريب وغير مألوف، وبما أنّ “الكابتن” قدّم محتوى فريد من نوعه، تهافتت الناس نحوه، من باب الدهشة.

وللأسف، هناك الفئة التي تتابع محتويات طريفة وغير مهمّة لإسقاط مشاعرهم السلبية والمكدّرة على مقدّم المحتوى، وهذا ما يفسر حملات التنمر التي يتعرّض لها المدعو طوني كتورة، ولكن قد تؤدي هذه الحملات الشرسة ضد مقدم المحتوى إلى تدميره نفسيًا إذا لم يدعم نفسه بحجج منطقية تبرّر سخرية الأشخاص منه.

باختصار شديد، طوني كتورة ما هو إلا مرآة كشفت الجرح الكبير المتمكّن من المواطن اللّبناني، الذي تحوّل من شخص مشهود له بفكره وثقافته، لشخص يبحث عن خشبة خلاص بأشخاص عفويين وغريبي الأطوار مثل الكتورة، والفضل اوّلًا وأخيرًا لكلّ من سمح لنفسه أن يشرذم هذا الشعب ويحطّم آماله.

 

جويل غسطين

 

جويل غسطين

صحافية لبنانية تهتم بالشؤون الاجتماعية والثقافية، حائزة على شهادة البكالوريوس في الإعلام من الجامعة اللبنانية الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى