منوعات

رسائل “ترميها” المسيّرات الإسرائيلية… هل يرتكب العدو حماقة؟

سياق واحد من الصراع بين “إسرائيل” ومحور المقاومة بدأ منذ أكثر من سنة. هذا السياق مترابط، وعنوانه واحد: الطائرات المسيّرة . بدأت الأسطر الأولى لهذا الفصل الجديد تكتب من العراق، وتحديدًا في النصف الثاني من عام 2019، حينما بدأت تستهدف مراكز الحشد الشعبي العراقي، المقرّب من حزب الله وإيران، بطائرات مسيّرة  “مجهولة المصدر”. يومها اتّهم الحشد “إسرائيل” وأعوانها بالوقوف خلف هذه العمليات.

 

من العراق إلى الضاحية

بعد تكرّر تلك الحادثة في العراق، انفجرت طائرة مسيّرة  في قلب الضاحية الجنوبية في آب من العام نفسه. تبيّن في ما بعد أن طائرتين مسيّرتين تابعتين للعدو الاسرائيلي، حاولتا تنفيذ مهمّة معيّنة في قلب الضاحية. تلقّف حزب الله هذا الفصل الجديد من الصراع وفهمه، وأعلن الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله ذلك صراحة، مشدّدًا على أنّ الحزب لن يتهاون في هذا الصراع، ولن يسمح في تحويل لبنان إلى ساحة شبيهة بالعراق من ناحية تنفيذ عمليّات بطائرات مسيّرة.

ترافقت هذه الأحداث أيضًا مع تطوّر كبير في طائرات حزب الله المسيّرة، التي استخدمها أكثر من مرّة لاستطلاع الحدود الجنوبية، إضافة لمعاركه في سوريا. مع مرور الوقت، ومع كلّ حدث أمني يضرب لبنان (بدءًا من مرفأ بيروت وصولًا إلى الانفجار المجهول الذي ضرب مركزًا لحزب الله في عين قانا)، كانت الطائرات المسيّرة هي  المتّهم الأوّل، دون وجود دلائل على ذلك.

هذا السياق المذكور، لا يمكن فصله عن تكثيف “إسرائيل” لطلعاتها الاستكشافية فوق لبنان، وكان آخرها ما حصل في الضاحية الجنوبية الثلاثاء الماضي، إذ استنفر الحزب، ومعه الجيش اللّبناني مع تحليق مسيّرات العدو على علوٍّ منخفض فوق الضاحية الجنوبية، وتحديدًا فوق منطقة معوّض، المنطقة المستهدفة في آب 2019. لم تُعرف الأسباب، ولا إن كانت سلطات الاحتلال تهدف حقًا لتنفيذ عمليّة هناك.

 

رسائل داخلية ودولية

في هذا السياق، ترى مصادر مطّلعة أنّ “الهدف ممّا حصل في معوّض، هو إرسال إسرائيل رسالة مزدوجة، الأولى لحزب الله مفادها أنّ إسقاط المسيّرات في الجنوب لن يُخيفها، ولن يُثنيها عن غزو الضاحية الجنوبية وبيروت بالمسيّرات، وأنّ كلّ تحركاته في عقر داره مكشوفة لها. أمّا الرسالة الثانية فهي أكبر من صراع الحزب وتل أبيب، وموجّهة إلى الدول التي تعمل على حلّ الخلافات مع إيران، ومفادها أن أيّ اتفاقات لا تضمن أمن إسرائيل، فستكون الأخيرة قادرة على حماية نفسها بمعزل عن كلّ اتفاقات الدول”.

حاول العدو الإسرائيلي استدراج المقاومة إلى ردّ يُعيد خلط الأوراق في المنطقة قبل نجاح محاولات لمّ شمل الاتفاق النووي، هذا ما فعله في الضاحية الجنوبية، وما حاول فعله مجدّدًا في سوريا اللّيلة الماضية، ولكن بحسب المصادر فإن حزب الله من جهته لن يُعطيَ “إسرائيل” ما تُريد، وسيستمر بمقاربة الأمور وفق رؤيته ومصلحته، معتبرة أنّ رد المقاومة على رسالة العدو لم يحصل في الضاحية، إنّما في الجنوب.

 

الإعلام الإسرائيلي يكشف قلق العدو

أوضحت المصادر أنّ “محاولة حزب الله إسقاط الطائرة في الجنوب، ورغم فشلها، إلّا أنّها أوصلت رسالة إلى إسرائيل أنّ حزب الله يمتلك السلاح والقرار لضرب المسيّرات، ومن يراقب الإعلام الإسرائيلي يعلم ذلك”، فالقناة 13 الإسرائيلية اعتبرت أنّ “جرأة حزب الله في التوقيت الحالي بإطلاق صاروخ مضاد للطائرات ضد طائرة مسيّرة  تابعة للجيش الإسرائيلي توضح المخاطرة التي من المستعدّ أن يتحملها نصر الله”، وأشارت إلى أن المحاولة تأتي في سياق التحضير لما هو مقبل، ومن جهتها قناة “كان” لفتت إلى أنّ حزب الله لديه (SA-8) وهو صاروخ مضاد للطائرات متطور نسبيًا”، مشددةً على أن “حزب الله لن يتهاون أبدًا في مواجهة المعادلة الجديد التي تحاول إسرائيل فرضها عن طريق المسيّرات”.

وتؤكّد المصادر أن “إسرائيل” ستظلّ تحاول جرّ الحزب لاستعمال أسلحة مضادة للطائرات الحربية لاستكشاف ما يمتلكه في هذا المجال، الأمر الذي لم ينجح ولن ينجح، لأنّ السلاح الجويّ للمقاومة هو من أبرز المفاجآت التي تحضّرها لأيّ حرب مقبلة.

وتكشف المصادر أنّ ارتفاع وتيرة الأحداث الأمنية في لبنان، من جنوبه إلى عاصمته وشماله، يأتي في سياق المسار الذي تتّجه إليه الملفّات في المنطقة، مشيرة إلى أنّه كلّما اقترب الإيراني والأميركي من العودة إلى الاتفاق النووي، دون ذكر الصواريخ طويلة المدى، كلّما زادت نسبة قيام “إسرائيل” بتصرفات مجنونة، فهل يرتكب العدو “حماقة” قريبًا؟.

 

محمد علوش

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى