منوعات

الأمن الغذائي مهدّد ووزير الاقتصاد يُطمئن اللّبنانيين عبر “أحوال”

يبدو أنّ الأمور تسير على ما يرام بالنّسبة لوزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال رؤول نعمة، فلا غلاء في أسعار المواد الغذائيّة، ولا نقص في المخزون ولا من يحزنون. هذا ما كان واضحاً في التّغريدة التي أطلقها عبر تويتر كخطوة لطمأنة اللّبنانيين، واعداً بملاحقة ومحاسبة مطلقي إشاعات رفع الدّعم عن السّلع الغذائية وعن الغلاء الفاحش، باعتبار أنهم يهدّدون الأمن الاجتماعي. علماً أن الأسعار ترتفع يومياً حتى تجاوزت الـ 50% خلال الأسبوعين الماضيين، ما رافقها من “تبخّر” للسلة الغذائية المدعومة من الأسواق تماماً، والتي نادراً ما كانت تصل إلى أصحاب المتاجر.

ورغم أنّ خلفيّة السّلة الغذائيّة لم تكن لتأمين الأمن الغذائي للشّعب اللّبناني، بل وجدت لدعم بعض التّجار المحسوبين على أفرقاء سياسيّة معيّنة، فهل سنرى هذه السّلة مجدداً على الرّفوف في السّوبرماركت بعد انتهاء فترة الاقفال التّامّ، أم أن رفع الدّعم قد بدأ تدريجياً، وأين أصبحت البطاقة التّموينيّة؟  وماذا عن مخاوف انخفاض المخزون الغذائي إلى النّصف، وهل الأمن الغذائي في لبنان بخطر؟

الدّعم مستمرّ

“أحوال” نقل وجع اللّبنانيين ومعاناتهم اليوميّة مع مسلسل البحث عن المواد الغذائيّة المدعومة،  وتفاوت أسعارها حتّى تبخّرها من الأسواق، إلى وزير الاقتصاد الذي جزم مسالة رفع الدّعم عن المواد الغذائيّة الأساسيّة قائلاً: الأمر غير وارد أبداً، إنّها مجرّد إشاعات، وسنحاسب مطلقيها.

وزير الاقتصاد: غياب مؤقّت

ولأنّنا في خضم أزمة اقتصادية هالكة، لا بد من أنّ نستوضح سبب غياب السّلة الغذائية المدعومة عن رفوف بعض المحال. وفي هذا السياق يشير نعمة إلى أنّ السّلة لا زالت موجودة في السّوبرماركت الكبيرة، ولكن قد تكون بكمّيات أقلّ، حيث أنّ الإقفال التّامّ قد يعثّر حصول المواطنين على هذه السّلع، ما يدفعهم إلى إطلاق الشّائعات حول نفاذها أو رفع الدّعم عنها في المستقبل القريب.

ويضيف، اليوم نعاني من انخفاض كميات السّلع الغذائيّة في الأسواق بشكل عامّ، بسبب الظّروف الاستثنائيّة والاقفال التّام، ولكن المستوردون سيستوردون مجدداً هذه المواد بعد انتهاء هذه الفترة، وسيتمكن النّاس من الحصول عليها.

تأخير الاعتمادات

من جهته، يشير طوني طعمه، رئيس اللّجنة الاقتصاديّة في غرفة تجارة وصناعة وزراعة زحلة والبقاع،  لـ “أحوال”، أنّه بالنّسبة للسّلة الغذائية المدعومة تحديداً، وفقدانها من غالبية الأسواق، فالموضوع مرتبط بمصرف لبنان الذي يتأخّر ويتريّث بفتح اعتمادات لهذه السّلع بسعر المنصّة الالكترونيّة، بسبب عدم وصولها كاملةً إلى المستهلك، وتهريب جزء كبير منها من المعابر غير الشرعية لدول مجاورة ، واحتكار جزء آخر لبيعه لاحقاً بسعر السّوق السّوداء؛ وقد تم مداهمة مستودعات في مناطق عديدة تخزّن مواد مدعومة، وهذا ما نلاحظه بأسعار المفرّق، وسيظهر الأمر واضحاً اكثر بعد انتهاء التّعبئة العامّة.

ويرى طعمة أنّ الحلّ هو بإصدار بطاقة تموينيّة، توزّع بشكل عادل وتكون بمثابة دعم لكل عائلة لبنانيّة بمبلغ ١٠٠ دولار شهرياً، وهو يكلّف الدّولة حوالى مليار دولار سنوياً تقريباً، بينما الدّعم الحالي يكلّف أكثر من ٥ مليارات دولار تذهب هدراً، ولدينا دراسة كاملة لهذا المشروع عندما يقتضي الأمر.

هنا يؤكّد نعمة، أنّ هذه الخطوة قيد الدّراسة؛ ويتابع، “إنّه قرار حكومي، ولكن في الوقت الرّاهن مستمرّين بمشروع السّلة الغذائيّة”.

الأمن الغذائيّ مهدّد

في المقابل، يشير نقيب مستوردي المواد الغذائيّة هاني بحصلي في حديث لـ “أحوال”، إلى أنّ مخاطر غياب الأمن الغذائي بدأت تلوح في الأفق، وسط مخاوف من تراجع المخزون الغذائي إلى حدود النّصف أو أكثر، وذلك بفعل عوامل عديدة ترتبط بالتّعقيدات الحاصلة في دورة الأموال من جهة، وتداعيات الإغلاق العامّ من جهة أخرى.

ويؤكّد بحصلي أنّ ما يمرّ به لبنان من ظروف صعبة، بدءاً من الأزمة الماليّة والاقتصاديّة والشّح في العملات الأجنبيّة وانهيار اللّيرة، وصولاً إلى الإقفال العامّ وما يرافقه من إجراءات، تحدّ من انسيابيّة الإمدادات الغذائيّة المدعومة وغير المدعومة من المخازن إلى المستهلك؛ لذلك يلاحظ معظم اللّبنانيين نقصاً كبيراً في سلع السّلة الغذائيّة المدعومة في المحال التّجارية.

ويلفت إلى تخوّف المستوردين من تفاقم الأمور في الأيّام المقبلة، لا سيّما مع صعوبة الحصول على السّيولة باللّيرة  والدّولار، وصعوبة الحصول على الدّعم، فضلاً عن إقفال المصارف، في ظلّ الإقفال العامّ مع تحديد يوم واحد في الأسبوع لعمليّات المقاصّة، وانخفاض وتيرة الطّلبيات مع إقفال السّوبرماركت؛ ما يعني انخفاض وتيرة حصول الشّركات المستوردة على الأموال، التي تشكّل الوسيلة الوحيدة لإجراء عقود جديدة لشراء المواد الغذائية من الخارج، بما فيها سلع السّلة الغذائية.

ويناشد بحصلي الحكومة لوضع خطة طارئة، لتدارك هذا الوضع والحفاظ على أمن اللّبنانيين الغذائي، أي استمرار وجود مخزون غذائي يكفي اللّبنانيين لأكثر من ثلاثة أشهر، وتأمين كميات إضافية من السّلع المدعومة في السّلة الغذائيّة  للمواطن اللّبناني.

مراقبة الأسعار

وعلى صعيد التّلاعب بالأسعار، يوضح راوول نعمة أنّ مراقبة هامش الأسعار سيستمر، والوزارة ستتّخذ الإجراءات اللّازمة بحقّ المحتكرين الذين تلاعبوا بأعصاب اللّبنانيين وحجبوا البضائع واحتكروها.

وعن دور المراقبين الميدانيين شّبه المعدوم، يؤكد أنّهم يتفقدون المتاجر ومحلات بيع المواد الغذائيّة باستمرار لضبط الأوضاع.

ارتفاع الأسعار

تصريح وزير الاقتصاد اصطدم بمعطيات نائبة رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتورة ندى نعمة. وفي هذا الإطار، تشير في حديث لـ “أحوال” إلى أنّ أسعار السّلع الغذائيّة تواصل ارتفاعها بشكل يومي، وسط غياب لأي دور رقابي، وفي مناخ تسيطر عليه الاحتكارات ويتحكم فيه التّجار بالأسعار.

وتضيف، الحلّ بعيد المنال. فالجميع يعاني من الأزمة؛ وعلى الجميع تحمّل نتائجها وليس المواطن فقط. المفترض أن لا يستغلّ التجّار الأوضاع الرّاهنة، ويرفعون من نسب الأرباح أو يخفون البضائع. فأين المراقبون المسؤولون عن حماية المستهلك وأين دور البلديات في تحمّل المسؤولية؟

غياب الرّقابة

وتتابع نائبة رئيس جمعية حماية المستهلك، يبدو أنّ الأجهزة المعنيّة تنصّلت من القيام بمهامها هذه الفترة، حتى وصلنا إلى أسوأ مرحلة في تاريخ لبنان، خصوصاً بعد كشف الفضائح التي أظهرت كيف يقوم بعض التّجار بإخفاء السّلع المدعومة في المستودعات وبيعها بأسعار عالية، وهذا ما حذّرت منه جمعيّة حماية المستهلك منذ بداية الدّعم.

وترى نعمة  أنّ الحلّ الوحيد، هو رفع الدّعم عن كلّ الأصناف، والتّوجه إلى طريقة الدّعم المباشر للأسر المحتاجة فقط.

كما توقّعت مزيداً من الارتفاع في أسعار السّلع الغذائيّة بعد انتهاء فترة الإقفال التّامّ،  في ظلّ غياب أيّ آليات ضبط للأسعار ومراقبتها، والحديث عن نقص المخزون الغذائيّ الى النّصف.

ناديا الحلاق

 

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى