منوعات

دياب للحاكم في السراي: “خدها بصدرك يا رياض”

سلامة: قمت بما عليَ ولا أستطيع أكثر

 لا يزال قانون “الدولار الطالبي” في مهبّ سياسة التسويف والمماطلة التي يتّبِعها حاكم مصّرف لبنان وجمعية المصارف مجتمعةً وبعض المصارف منفردة؛ واضعين مصير حواليّ 20 ألف طالبٍ لبناني في الخارج أمام مصيرٍ مجهول.

أربعةُ أشهر مضت على إقرار القانون 193 في المجلس النيابي، ولم تلّتزِم جمعية المصارف ولا “المركزي” بتطبيقه رغم كل التعاميم والقرارات التي صدرت من “الحاكمية” و”الجمعية”؛ ورغم أنّ القانون نصّ بشكلٍ واضح على “إلزام المصارف العاملة في لبنان بصرف مبلغ عشرة آلاف دولار أميركي وفق سعر الصرف الرسمي للدولار، عن العام الدراسي 2020-2021 للطلاب اللبنانيين الجامعيين الذين يدرسون في الخارج”.

ويتوزّع هؤلاء الطلاب بين من لم يُكمِل سنوات التخرج، وبين من تخرّج؛ لكن إدارة الجامعة رفضت منح الشهادات قبل تسديد ثمن الأقساط المتوجبة كاملة.

أهالي الطلاب: الحلّ أو التصّعيد

وشكا أهالي الطلاب أنّ أولادهم لم يعد باستطاعتهم الإستمرار في الخارج، بظل أوضاعهم الصعبة وأنّهم مهددون بالتشرّد. وشرحت أوساط الأهالي لـ”أحوال” معاناة أبنائهم، مشيرين إلى “أنّنا أرسلنا أولادنا إلى الجامعات الخارجية، نظراً لارتفاع الأقساط في جامعات لبنان الخاصة، وعلى أساس سعر صرف الدولار 1500 ليرة؛ لكن احتُجِزت ودائعنا في المصارف بعد أحداث 17 تشرين ولم نعُد نستطيع إكمال تعليم أولادنا في الخارج، ما يتطلب من المصارف تحرير أموالنا أو جزء منها لتلبية حاجات أولادنا أو التحويل وفق الدولار المدعوم”.

وأضافت: “لا يُمكِننا إعادة أولادنا إلى لبنان وخسارة للعام الدراسي وإعادة تسجيلهم في الجامعات الخاصة في لبنان التي بدأت تحتسِب الأقساط وفق سعر المنصة الرسمية 4000 ليرة”. ولفتت الأوساط إلى أنّ “كل التعاميم التي صدرت عن مصرف لبنان بقيت حبراً على ورق ولم تُنفذ، سيما التعميم للصرافين بتحويل 2500 دولار لكل طالب في الخارج على سعر 4000 ليرة”. ورأت أنّ “الأهالي أحق بالدولار المدعوم من المافيات التي تحتحر بعض المواد والسلع وتهرّبها إلى الخارج”.

وبحسب معلومات “أحوال”، فقد تمّ تحويل 150 مليون دولار من عدة مصارف إلى الطلاب اللبنانيين في الخارج في العام 2019. كما تبيّن وفق المعلومات أنّ 4 أشخاص فقط من أصل 1400 عائلة تمكنوا من تحويل أموال إلى أولادهم في الخارج عبر بعض المصارف. وأضافت المعلومات أنّ “عدداً من المصارف أبلغ الأهالي أنّ المصارف غير ملزمة بتعاميم مصرف لبنان، ولا بقانون مجلس النواب ولا حتى بتعاميم جمعية المصارف”. فيما اجتمع وفد من الأهالي مع النائب الأول للحاكم وسيم منصوري مرتين، ونصحهم الأخير بتقديم دعاوى إلى هيئة الرقابة على المصارف.

حاكم مصرف لبنان: قمتُ بما عليّ

وبعد مراجعات ومناشدات أهالي الطلاب للمسوؤلين، عقد رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب اجتماعاً موسعاً أمس، في السراي الحكومي حضره وزيرا المالية والخارجية والحاكم رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، ووفد من الجمعية اللبنانية لأولياء الطلاب في الجامعات الأجنبية.

وأًصرّ دياب خلال الاجتماع على المعنيين، المباشرة فوراً بتنفيذ القانون، وإلزام المصارف بتحويل الأموال إلى الطلاب. وطلب من جمعية المصارف إصدار بيان للإعلان عن التزام المصارف تطبيق القانون.

أما الحاكم رياض سلامة، فحاول خلال الاجتماع نفضِ يديه من الملف وقال إنّ مصرف لبنان قام بما عليه، وأصدر التعاميم للمصارف لتطبيق القانون، معلّلاً أنّ هذ هو الهامش الذي يستطيع التحرّك ضمنه، ولا يستطيع أكثر من ذلك. ودعا الأهالي إلى إبلاغ هيئة الرقابة على المصارف خطياً بطلبات التحويل التي رفضتها المصارف مع أسباب ذلك.

فسأل الرئيس دياب الحاكم: ما الحل إذاً يا رياض؟ فأجاب: “نحنا إللي علينا عملناه”. إلا أنّ المثير للدهشة، هو نفي سلامة عِلمه بأنّ المصارف لا تحّول الأموال للطلاب، فرد الأهالي بأنّنا “أعلنا ذلك في أكثر من مؤتمر صحافي ما يُعتبر إخباراً للحاكمية وهيئة الرقابة على المصارف”.

وكرّر سلامة الرّد على أسئلة الرئيس دياب والأهالي، بأننا أصدرنا التعاميم ووصلت بشكل مغاير للأهالي. وطلب سلامة من رئاسة الحكومة إرسال مراسيم تطبيقية للقانون 193 ومن ثم يعمد “المركزي” لإلغاء التعاميم السابقة وإصدار تعاميم جديدة وفق المراسيم. فرفض دياب قائلاً: يا رياض هذا الأمر لا يحتاج إلى مرسوم تطبيقي، وإن كنت مستعداً لتوقيع مراسيم إن كان هو الحل، لكن القانون واضح وأصر على تنفيذه”. فخاطب سلامة: إعتبر الطلاب أولادك “وخدها بصدرك وحل الموضوع”.

وتشير أوساط الأهالي إلى تلكؤ سلامة وصفير في تنفيذ القانون. ولاحظوا بأن كل التعاميم كانت تصدر بعد تحركات الأهالي في الشارع.

جمعية المصارف

أما صفير، فاعتبر أنّ كل مصرف يخدم زبائنه؛ مشيراً الى أنّ “تحويلات عدة جرت من حسابات عبر أحد البنوك إلى طلاب في الخارج، لكن جمعية المصارف لم تتلقَ أي شكاوى من الأهالي، مؤكداً بأنّ المصارف تقوم بالتحويل لمن لديه حسابات لديها بالدولار الأمر الذي ينفيه الأهالي.

وتبيّن أنّ هناك شقين في الموضوع: أصحاب الودائع والحسابات في المصارف، والثاني من هم لا حسابات لديهم. وحتى الطرف الأول بحسب ما يؤكد الأهالي، لم يستطع التحويل لأبنائه من حساباته.

وأشارت المعلومات إلى أنّ المبلغ المطلوب تحويله إلى الخارج لعشرين ألف طالب لا يتجاوز 200 مليون دولار شهرياً، إذا احتسبنا 10 آلاف دولار لكل طالب؛ وبالتالي يمكن توزيع هذا الملبغ على عدد كبير من المصارف.

إلا أنّ توصية جمعية المصارف اليوم التي دعت جميع المصارف العاملة في لبنان “الالتزام الكلي باستمرار تنفيذ التحاويل الى الطلاب اللبنانيين في الخارج الذين كانوا مسجلين في الجامعات عام 2019، وذلك بحسب تعميم مصرف لبنان ذي الصلة”، لم تأتِ وفق الإتفاق الذي حصل في اجتماع السراي بحسب أوساط الأهالي، الذين شككوا بالتوصية ملاحظين عدم ذكر كلمة “قانون الدولار الطالبي” معتبرين أنّ المصارف نكثت بتعهدها. وحذروا المعنيين بأنّهم سينفذون تحرّكات واسعة في الشارع، ضد مصرف لبنان والمصارف التي تتمنع عن التحويل، وتحرّك موازٍ وعلى المستوى القضائي ضد المصارف إذا لم تُحلّ قضيتهم.

وزير المال: المشكلة بصعوبة تنفيذ القانون  

برأي وزير المالي غازي وزني، فإنّ هناك صعوبة بتطبيق القانون ويجب الإنطلاق من كلام جمعية المصارف، والتفاهم بين الجمعية والحاكم لإيجاد الحل، ويجب اتخاذ قرار واضح بتحويل الأموال لمن لديهم حسابات بالدولار على الأقل.

وبحسب مصادر مواكبة للملف، فإنّ محور النقاش والخلاف حول القانون في مجلس النواب كان كيفية التعامل مع من ليس لديه حسابات. ودعت إلى الفصل بين من لديه حسابات، حيث يترتب هنا التحويل الفوري، والبحث عن حل في ما يتعلّق بالشق الثاني. لكن مصادر الأهالي قالت إنّ القانون يلزم بتحويل الأموال الى كل الطلاب في الخارج، بمعزل عما إذ كان لديه حساب أم لا.

ونقل سفراء دول أوروبية في الخارج إلى وزير الخارجية اللبناني صورة سوداوية عن أوضاع الطلاب في الخارج، بحسب معلومات “أحوال”، التي لفتت إلى تحرّك هذه السفارات في الخارج لدعم الطلاب عبر بعض اللبنانيين المقتدرين في بعض الدول الأوروبية.

محمد حمية

 

 

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى