منوعات

ما الذي يتمتّع به سعد الحريري ويفتقده بهاء؟!

أعلنت مجموعاتٌ من الشباب اللبنانيّ في شوارع طرابلس غضبَها من الأوضاع المعيشيّة القاهرة، ورفعت لواء العصيان لقراراتِ الحكومة اللبنانيّة القاضية بالحجر المنزليّ، ثمّ تجاوزت سلميّتها وأحرقت السرايا الحكوميّة ومبنى البلديّة، وجعلت المحلّلين فريقين؛ أحدُهما يرى البطالة والفقر أسباباً تخفيفيّة للثائرين، والآخرُ ينظر إليهم من زاوية السياسة.

وسط المشهد الشماليّ العُنفيّ، ثمّة أصابع كثيرةٌ وأنظارٌ اتّجهت تلقاء السيّد بهاء الدين الحريري، فحمّلته جزءاً من مسؤوليّة الفوضى التي تستهدف رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري وتيّاره الأزرق، خصوصاً بعد أن ظهر مستشاره جيري ماهر ليُعلن مواقف سياسيّة ممّا يجري، وليشدّد أيضاً على دور إنقاذيّ للحريري الأخ.

هل يكون بهاء الحريري قائد السنّة الجديد؟

ولماذا العنف في “طرابلس الشام” “عاصمة المسلمين السنّة” (وفق تعبير أبو العبد كبّارة)؟

لربّما أراد الحريري الأخ أن يستغلّ رمزيّة المدينة، وأن يُخاطب مِخيال المسلمين السنّة في لبنان، فيكرّس جاذبيّته القياديّة في الميدان، بعد أن فشل في خوض غمار النوادي السياسيّة المذهبيّة والرسميّة اللبنانيّة.

وفي تحليلنا لظاهرة الحريري الأخ ثمّة اتّفاق بين الخبراء على حاجة البيئة السنيّة في لبنان إلى قيادات فاعلة، وأن تكون من آل الحريري، بغضّ النّظر عن هلاميّة الطرح العتيد وآليّاته التنفيذيّة.

فما الذي يُمكن للمعنيّين قولُه حول هذه الظاهرة الآتية من رحم “الحريرية” “السنيّة”، في عصر “كوفيد 19” والإقفال الشامل؟

علّوش: ما إنجازات بهاء في 15 عاماً؟

سأل “أحوال” الدكتور مصطفى علوش (نائب رئيس تيار المستقبل) حول موقف تيّاره من حركة السيد بهاء الحريري، أحد أبناء مؤسس التيّار، فأبدى انفتاحاً موارباً، وقال: “نحن في بلد ديمقراطيّ مفتوح على كلّ الخيارات السياسية، وحركة بهاء الحريري مرحّب بها في المجال السياسي. لكن الأمر الأهمّ يتمثّل في عرض أفكاره، وفي الإعلان عمّا يُريد. وأنا – في الحقيقة – لا أعلم حتى الآن ما الذي يُريده بهاء الحريري في السياسة، ولا أدري أيضاً ما خياراته. فما الذي أنجزه في السياسة؟ ثم ما هي فلسفته السياسيّة، وما مشروعه الاقتصادي – الاجتماعي للبلد”.

وأضاف د. علوش غامزاً من قناة الحريري الأخ الغائب منذ أكثر من عقد: “لو كان بهاء الحريري مهتمّاً حقيقة بالسياسة، فما الذي فعله خلال خمسة عشر عاماً؟ نحن لم نرَ منه شيئاً، في وقتٍ قدّمنا خلاله الكثير من التضحيات والعمل النضاليّ”.

المستقبل: نحن تيّار نضالات

ونصح د. علوش بهاء الحريري بمدّ اليد إلى أخيه وتيّار المستقبل، معتبراً شرعية المستقبل نضاليّة لا وراثيّة، وقال: “كان الأجدر به، والأجدى له، أن يمدّ يده إلى أخيه سعد الحريري، إذا كان حقيقة يحمل فكر رفيق الحريري، ومنهج رفيق الحريري؛ وكونه ابن رفيق الحريري وأخاً لسعد الحريري لا يُعطيه أيَّ أفق في السياسة. فنحن في تيّار المستقبل لنا هيكليّتنا، ولنا مكتبنا السياسيّ، ولنا رئيسنا الشيخ سعد الحريري”.

ورفض الدكتور علوش أيّ احتكار لـ”الحريرية السياسية”، وأعتبر أن “تيار المستقبل يحمل عناوين سياسيّة ونضاليّة منذ أيام رفيق الحريري، وبعد رفيق الحريري، وأنا لا أرى أيّ شرعية لأيّ شخص، مهما كانت صفته، أن يأتي ويستولي على خياراتنا. نحن لا نستطيع منعه من أن يمارس حقه، على الرّغم من أنّني لحدّ الآن لا أدري ما هو لون بهاء الحريري السياسيّ،….على الأقل، فليأتِ وليُنافس على الأرض، وقد يجد أناساً إلى جانبه، وقد يعدّل من خياراته، وقد يجد أنّه من الأفضل أن يكون منضوياً ضمن تيّار المستقبل”.

ممتاز: نازك وجنبلاط وعبده أسقطوا بهاء

من جهة أخرى، ينظر الكاتب والمحلّل السياسي خالد ممتاز إلى حركة بهاء الحريري كاستحقاقٍ جرى تأجيلُه لفترة طويلةٍ، ويقول لـ “أحوال”: “كان من المفترض أن يكون الشيخ بهاء خليفة والده، فهو الابن الأكبر بين إخوته؛ وذلك لولا اختيار السيدة نازك والسفير السعودي يومها ووليد جنبلاط وجوني عبده لسعد الحريري، لكن طرحه السياسيّ ضبابيّ حتى السّاعة”.

ويذكر ممتاز خلفيّة تفضيلِ الرئيسِ سعد الحريري على أخيه بهاء، فيقول: “اختياره كان بسبب قرب الرئيس سعد الحريري من السيدة نازك، وبسبب شخصيّته المختلفة عن شخصية الشيخ بهاء، وجراء التوتّر الذي ساد العلاقة بين الرئيس رفيق الحريري والشيخ بهاء على خلفية وفاة المرحوم حسام الدين الحريري”.

القيادة السنيّة لن تكون إلا حريرية؟

ويُقدّم ممتاز موجبات تقدّم بهاء الحريري لقيادة الشارع السنيّ في قوله: “منذ عام 2015، شهدت قيادة الرئيس الحريري تآكلاً لصالح قيادات مناطقيّة، وانهياراً على مستوى العلاقة بالعائلة المالكة في السعودية، في الوقت الذي شهدت رغبة الشيخ بهاء في العمل السياسي تصاعداً، بعد أن تعزّزت بالعلاقة مع الأستاذ نبيل الحلبي المشرف على “المنتديات”؛ وذلك قبل أن تخرج المنتديات من تحت عباءة الشيخ بهاء، وقبل أن نسمع بمشكلات واستقالات كاستقالة أمير عديلة مستشار الشيخ بهاء”.

من هو جيري ماهر مستشار الشيخ بهاء؟

وينفي ممتاز وجود أيّ دعم إقليميّ لحركة بهاء الحريري، كما قلّل من تفاؤله بالمستقبل السياسي لحركة الحريري الأخ بقوله: “لا أرى حركة سياسية لبهاء الحريري في بيروت ولبنان، فالحركة السياسية تحتاج إلى هيكليّة ومراكز قياديّة ومكتب سياسيّ ورئاسة ظاهرة، لا كما هي حال الشيخ بهاء. فحتى الساعة كلّ ما يصدر عنه يأتي عبر صوت بيروت، وهي الذراع الإعلامية لمكتب بهاء الحريري؛ وكل مواقفه تأتي عبر إطلالات جيري ماهر الذي يقول: “هذا من بهاء الحريري. وإنّ هذا رأي الشيخ بهاء”، في وقت لا ندري كيف نبت جيري ماهر في عالم السياسة، وكيف انطلق من البلاد الاسكندنافية…. على الرّغم من جهل الأوساط السنية في لبنان له”.

ويتفق ممتاز مع الدكتور علّوش في التعليق على افتقاد بهاء إلى طرح سياسيّ، حيث يقول: “الشيخ بهاء رجل يريد العمل في السياسة بطريقة مبهمة، ويتّكئ على وضعه الماليّ واسم الحريري، ولكن العمل في السياسة اللبناية لا يكون من مونت كارلو وسويسرا، ولا من اسكندنافيا”.

ياسر الحريري: بهاء جزء من البيت الذي أغرقنا

يؤكّد الصّحافيّ ياسر الحريري لـ “أحوال” حاجة السّاحة السنيّة في لبنان إلى قيادات جديدة، مشدّداً على استعدادها نفسيّاً لذلك، في وقت تمتدّ الرّعاية الخليجيّة والتركيّة لتشمل السيّد بهاء الحريري، على الرّغم من افتقاد الحريري للثوريّة في حركته. ويقول “دور السيد بهاء الحريري في الساحة اللبنانية، وعلى الساحة السنّيّة تحديداً يأتي في سياق المنافسة داخل البيت الواحد، عبر اتّهام تيار المستقبل والآخرين بالفساد، دون أن يعترف بأنّه جزءٌ من البيت السياسيّ الذي أوصل البلاد إلى ما وصلت إليه؛ هذا البيت الذي يوجد في الحكومة منذ عام 1992، وقبل ذلك”.

هل يكون ظهور بهاء الحريري السياسي صدفة؟

يرى الحريري أنّ “توقيت ظهور بهاء على الساحة السياسية اللبنانية وتحشيد الأنصار في مناطق الطائفة السنيّة ليس صدفة. البعض يقول إنّ الإمارات تقف وراء بهاء الحريري، والبعض الآخر يقول هي السعودية التي ليست راضية عن الرئيس سعد الحريري، في وقت لا إمكانية معقولة لظهور قيادة سياسية سنيّة من خارج بيت الحريري”.

ويُشدّد ياسر الحريري على “أهميّة الدعم الإقليميّ للسيد بهاء، بالإضافة إلى امتلاكه قدرات ماليّة كبيرة يستطيع أن يقدم المساعدة على الطريقة اللبنانيّة؛ فالكلّ يعرف أن أيّ حزب أو تنظيم لا يقوم على الفكر والتنظير بل على دفع الأموال وتأمين الوظائف وأشكال الدعم الأخرى”.

ويجزم الحريري بأنّه “في الدائرة السنيّة ثمّة اعتراف بأنّها متمذهبة حتى الحدّ الأقصى، لكنّها تفتقد قائداً مشابهاً لما هو موجود على الساحات الشيعية والمارونيّة والدرزيّة”.

هل يفترق بهاء وسعد في الموقف من المقاومة؟

ويرى الحريري أن “مآل الأحداث المتوقّع يتمثّل في دخول بهاء في تحالف مع القوات اللبنانية أو حزب الكتائب أو بعض الشخصيات المعروفة في لبنان، التي تُثير الحديث عن سلاح المقاومة وحزب الله والاستراتيجيا الدفاعيّة والقضية الفلسطينيّة والحياد الإيجابي، ما يسمح للحريري الأخ بتركيز أقدامه في الداخل السنيّ، وبتأمين مساحة للتعبير، ليقول تالياً: “نحن ننحاز إلى ما انحاز إليه العرب”، فيتكامل مع المنحى التطبيعيّ في المنطقة، بغضّ النظر عن مدى نجاح هذا المشروع أو عدمه”.

ويتوقّف الحريري في تحليله عند المتغيّرات الدوليّة والإقليميّة بعد مجيء بايدن واحتمالات الحوار الخليجي –  الإيراني، ويرى رمالاً متحرّكة أمام “الشيخ بهاء مرجّحاً أن يواجه الرئيس سعد الحريري محاولات إقصائه وأن يكون خطابه المعتدل فرس الرهان الرّابح لديه”.

ما بين الأخوين سعد الدين وبهاء الدين رابطة دمٍ وتاريخ وسياسة وأموال…لكن السياسة لطالما أفسدت روابط وقِيَماً!

طارق قبلان

 

طارق قبلان

مجازٌ في الصحافة واللغة العربيّة. كاتب في السياسة والثقافة، وباحث في اللهجات والجماعات الإسلامية والحوار الديني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى