منوعات

موازنة 2021.. أزمةٌ جديدة تُنذر بالإضرابات!

رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي لـ"أحوال": المواد المطروحة في موازنة 2021 هي "مواد متفجرة"

منذ عام بالتمام والكمال، زار وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال، طارق المجذوب، منزل التلميذة “آية جابر” في بلدة “يانوح” الجنوبية، بعد أن وجّهت له رسالة طالبت من خلالها بأن “يُقتصر دوام التدريس على 4 أيام بدلاً من 5″؛ يومها، قال الوزير المجذوب للطالبة إن طريق النجاح يستوجب الالتزام بالدوام الحالي، لكنه ربّما لم يكن يعلم أن أمنية الطالبة جابر ستتحقّق بطريقة مشابهة في عهده، فالأساتذة المتعاقدون يدخلون أسبوعهم الثالث من الإضراب المفتوح للمطالبة باحتساب عقودهم كاملة، ما أدّى إلى تقليص ساعات التعليم “أونلاين” الى النصف في جميع المدارس والثانويات الرسمية.

وفي الوقت الذي لم يظهر فيه أي أفق لحلّ أزمة الأساتذة المتعاقدين، ظهرت أزمة أخرى تُهدّد ما تبقّى من التعليم عن بعد، حيث أعلنت الهيئة الإدارية لرابطة أساتذة التعليم الثانوي عن إضراب تحذيري يومي الثلاثاء والأربعاء 2 و3 شباط المقبل، للمطالبة بسحب المواد 105- 106-107 من مشروع قانون الموازنة 2021، وتضمين مشروع القانون تصحيحاً للرواتب والأجور، والتهديد بالاضراب المفتوح في حال إقرار مسودة الموازنة بصيغتها الحالية.

المواد المذكورة تنصّ على تخفيض التصنيف الاستشفائي لموظفي الفئة الثالثة، من الدرجة الأولى الى الدرجة الثانية (المادّة 105)، وحرمان الموظّف الجديد القادم للوظيفة العامّة من المعاش التقاعدي بعد إقرار الموازنة، حيث يُعامل مُعاملة المنتسبين للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، وهذا ما يفتح باب التعاقد الوظيفي (المادة 106)، بالإضافة إلى حرمان ورثة الموظف المُتوّفي من المعاش التقاعدي واحتساب نسبة 40 بالمئة فقط (المادة 107).

وفي هذا الصدد، قال رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، نزيه الجباوي، في حديث لـ”أحوال” إن المواد المطروحة في موازنة 2021 هي “مواد متفجرة”، “ونحن فوجئنا بها وبتسريب الموازنة، وبمجرّد اطّلاعنا عليها عقدنا اجتماعًا واتخذنا موقفًا بالاضراب”، مشيرًا إلى أنهم يقومون بالتواصل مع المعنيين على أعلى المستويات، حيث تتم مناقشة تلك المواد.

وأضاف الجباوي لموقعنا: “وفق معلوماتنا، فإن رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب، عند اطّلاعه على مشروع الموازنة، قال إنها لا تمرّ، إلّا أن الكلام غير كافٍ بل المطلوب التراجع عن هذه المواد بشكل رسمي”، لافتًا إلى أن تصحيح الرواتب والأجور هو مطلب قديم لكنّه بات اليوم أولويّة، إذ لا يجوز أن تتراجع قيمة الرواتب بهذا الشكل في ظلّ ارتفاع الأسعار.

وفي السياق عينه، قال الجباوي إن “المواد المذكورة ستحرمنا من حقوقٍ مكتسبة، ولا يجب اتخاذ هذه الخطوة لإرضاء البنك الدولي، فالإصلاح لا يتم بمد اليد إلى جيوب الموظّفين والأساتذة، بل يبدأ من الأموال المنهوبة والأملاك العامة البحرية وتهريب الأموال وغيرها من الملفات المعروفة للجميع”.

وعلى صعيد قضية الأساتذة المتعاقدين، أكد رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي لـ”أحوال” أن تلك المواد في موازنة 2021 ستحرمهم من حقوقهم، “لذا نحن على تنسيق معهم إذ لم تعد القضية مقتصرة على احتساب كامل عقودهم، بل باتت أكبر من ذلك، ونحن وهُم في المواجهة”، مضيفًا: “لقد وضعنا خريطة طريق تصل إلى الإضراب المفتوح بهدف توجيه رسالة لوزير المالية والحكومة، أما في حال عدم سحب تلك المواد من الموازنة، فنحن حتمًا سنتّجه لتنفيذ هذا الإضراب”.

هذا ولم تقتصر الاعتراضات على مشروع موازنة 2021 على الأساتذة فحسب، بل شملت رابطة موظفي الإدارة العامة ورابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية وغيرها من القطاعات النقابية الإدارية، إذ أن المواد المذكورة أعلاه ستلغي الوظيفة العامة وتحوّل طبيعتها الى “تعاقدية”.

من هنا، شرح الخبير في الشؤون المالية والأستاذ في الجامعة اللبنانية، د. مروان القطب، في حديث لـ”أحوال”، الفارق الذي ستُحدثه هذه المواد في حال إقرارها، حيث أشار إلى أن الوظيفة العامة المعمول بها في الوزارات والإدارات العامة والقضاء والجامعة اللبنانية والجيش، تكون فيها علاقة الموظّف مع الدولة “علاقة نظامية”، بمعنى أن الفرد يدخل إلى الوظيفة ويكرّس كل حياته لها، كما يخضع لنظام الموظّفين ويستفيد من تقديمات تعاونية الموظفين، ونتيجة لذلك لا يمكنه ممارسة أي عمل أو مهنة أخرى، ويحصل بالمقابل على معاش تقاعدي، في حين أن “العلاقة التعاقدية” تقوم على العقد والذي يمكن فسخه بأي وقت، إذ يخضع فيها الموظف للضمان الاجتماعي ولا يُمنح معاش تقاعدي.

وفي السياق، شدد القطب على أن المعاش التقاعدي ليس هبة من الدولة بل هو حقّ للموظفين، إذ يتم حسم 6% كل شهر من راتب الموظف في القطاع العام كمحسومات تقاعدية، على خلاف القطاع الخاص، مضيفًا: “في جميع دول العالم تذهب هذه الاموال إلى صندوق للتأمينات الاجتماعية، وتُستثمر من خلال شراء أسهم بشركات أو استثمارها بالمشاريع، وبالتالي يصل الموظف لنهاية الخدمة ويتمكن من الحصول على معاش تقاعدي”.

أما في لبنان، أضاف القطب، فيعتبرون هذه النسبة كإيراد بالموازنة العامة، وتُصرف في مزارب الهدر والفساد في الدولة، خاتمًا حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن صناديق المنظمات الدولية بدل أن تؤكّد على ذلك، تعتبر أن المعاشات التقاعدية عبء على الدولة ويجب التخلص منها، “وهذا أمر خطير”، بحسب قوله.

مهدي كريّم

مهدي كريّم

صحافي وكاتب لبناني يهتم بالقضايا السياسية والإقتصادية. حائز على ماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى