صحة

خطّة التلقيح: مناعة مجتمعية تتعدّى 70 في المئة

هل تحّول اللقاح إلى "فيزا" وشرط للوظيفة؟

أطلق لبنان الحملة الوطنية للتلقيح ضد وباء كورونا، بعد اجتماعات متتالية شهدتها السراي الحكومي، بحضور كافة المعنيين بالشأن الصحي. وفنّد وزير الصحة حمد حسن تفاصيل الخطة في مؤتمرٍ صحافي، عُقِد في السراي بحضور عددٍ من الوزراء والنواب، ورئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي، وعضو اللجنة العلمية لمكافحة كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري.

اللقاح في منتصف شباط

وأشار حسن إلى أنّ “كل شخص بحاجة إلى جرعتين من لقاح فايزر مع فاصل زمني 3 أسابيع. وسيُعطى بشكلٍ مجاني حتى في مراكز التلقيح الخاصة، ولكنّه غير إلزامي”. مضيفًا: “تم حجز حوالي مليونين و100 جرعة من لقاح فايزر، وتم تحديد أول 5 دفعات لتصل أسبوعيًا ابتداءاً من منتصف شهر شباط”.

وشرح البزري التفاصيل التنفيذية للخطة، وأكد على “أهمية المنصة بأنّها تسمح للمواطن بأن يتسجّل، والتسجيل يمكن أن يكون فرديًا أو قطاعيًا، ومنه سنسير على أساس علميّ؛ وسنذكّر بالجرعة الأولى والثانية، وكيف يتم التبليغ في حال ظهور أي أعراض جانبية”.

أربع خطط لمواجهة الوباء

كان اليوم الصحي الماراثوني في السراي قد بدأ باجتماع لعرض خطة لقاح كورونا، برئاسة الرئيس حسان دياب، الذي أكد على العدّ العكسي لانطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ما يعني أنه اقترب الوقت لاستعادة حياتنا الطبيعية تدريجيًا.

كما عُقدت في السراي سلسلة اجتماعات متلاحقة لمناقشة أربع خطط: الطوارئ الصحية، وتحديد السلالة التحورية لكورونا، ومواجهة مرحلة ما بعد الإغلاق لمواجهة الوباء، وخطة المساعدات الاجتماعية في فترة الإقفال العام.

المعايير المعتمدة للتلقيح

أشارت مصادر اللجان الصحية لـ”أحوال” إلى أنّ “الهدف من خطة التلقيح هو الوصول إلى نسبة مناعة مجتمعية فوق 70 في المئة في نهاية العام الحالي”. ولفتت إلى أنّ “تلقي اللقاح ليس إلزاميًا، لكن الخطة ستركز في بعض بنودها على كيفية إقناع المواطنين بأخذه بناءً على استبيانات علمية. كما ستتم مراقبة مراكز التلقيح لكي لا تتحوّل إلى مصدر لانتشار الوباء”. وعلِم “أحوال” أنّ منصة “كوفاكس” وضعت لبنان أولوية لتزويده باللقاحات لسرعة تسديده ثمن اللقاحات مع مراعاة بالأسعار بسبب ظروفه المالية والاقتصادية.

وكشفت المصادر أنّ “التلقيح سيجري وفق معايير الفئات العمرية والوظيفة وفق التالي:

-كل الفئات العمرية ما بين 65- 75 سنة سيشملهم التلقيح من دون تمييز.

-الإختيار  لما بين 55- 65 سنة سيكون بحسب الأمراض المزمنة والوظيفة، مع أولوية للعاملين في القطاع الصحي، وتحديدًا  من هم في الخطوط الأمامية (الذين يعالجون ويعتنون بمرضى الكورونا في المستشفيات والمنازل).

-دور العجزة: سيجري تلقيحهم في مراكز وجودهم.

-الأشخاص المكلفون بحسن السير المجتمعي من قوى أمنية وعسكرية والإعلام وغيرهم.

-السجون: سيُصار إلى تشكيل لجنة خاصة من أطباء وقضاة وضباط أمن ومحامين، لتلقيح المساجين على أن يجري استخدام لقاح “إسترازينيكا” بدل “فايزر” لجهة الحفاظ على جودته إذا ما تأخر إيصاله.

-التلقيح في المدارس والجامعات مؤجّل لستة أشهر، وبالتالي التعليم عن بعد سيمتد إلى نهاية العام؛ فيما طُرح على بساط البحث تلقيح 120 ألف طالب لإنقاذ العام الدراسي الحالي.

-اللاجئون والنازحون السوريون سيشملهم اللقاح، لكن الإشكالية في عدم وجود إحصاءات رسمية دقيقة حول أعدادهم.

– أما الفئات العمرية ما دون 16 عامًا فلن يتلقوا العلاج، أي ثُلث عدد السكان، إضافة إلى الذين أصيبوا (300 ألف مواطن) لن يشملهم اللقاح في مراحله الأولى.

وتضيف المصادر: “العودة إلى الحياة الطبيعية مرتبطة بالتغيّر التدريجي لنسبة التلقيح، حتى الوصول إلى نسبة 80 % مناعة مجتمعية؛ وهناك عامل مساعد هو أنّ لبنان يتمتع بفئات عمرية شابة.  هذا، وسيصار إلى اعتماد 40 مركزًا للتلقيح، والأولوية للعاملين في خطة التلقيح؛ على أن تضع زارة الصحة عنوانًا للدخول إلى المنصة، وتعبئة إستثمارة لطلب الحصول على اللقاح، تتضمن كل المعلومات التفصيلية سيّما العمر والوظيفة والوضع الصحي ورقم الهاتف”.

المصادر تشير إلى أنّ “وزارة الصحة طلبت من كل المؤسسات الإستشفائية معلومات عن كل الموظفين المشمولين بالضمان الاجتماعي بالتعاون مع نقابات الأطباء واللجان الطبية، أو أولئك الذين لديهم سجلات صحية، على أن يتم إدخالها في نظام المعلومات، وبالتالي يمكن كشف أي عمليات غش وتلاعب؛ كما ستصدر الوزارة بطاقات صحية تثبت تلقي العلاج. وتم تكليف وزير الداخلية بتأمين المواكبة الأمنية لنقل اللقاحات من المطار إلى مراكز التخزين ثم مراكز التوزيع بالتنسيق مع وزارة الدفاع ومحافظي المناطق.

وأشار وزير الخارجية شربل وهبي إلى أنّه تلقى مراسلات من سفارات دول أجنبية في لبنان، تطلب الإذن لتولّي عملية تلقيح الموظفين في سفاراتها. واتخذ القرار بقبول طلبها شرط أن يتم ذلك عبر المنصة الإلكترونية الرسمية.

أما الذين تلقوا اللقاح في الخارج ويأتون إلى لبنان، فلن يتلقوا اللقاح مرة ثانية. وتتوقف المصادر عند نقطة هامة ستجّبر المواطنين على تلقي اللقاح، وهي أنّ عدة دول تفرض على من يدخلها التلقيح، وهذا ينطبق أيضًا على بعض الشركات التي باتت تضع التلقيح شرطًا للتوظيف، ما يعني تحول اللقاح إلى “فيزا” وشرط للوظيفة.

خوري: العبرة بتنفيذ الخطة

وفي هذا السياق، يلفت مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية الدكتور وليد خوري، الذي حضر اجتماعات السراي، إلى أنّ “العبرة في تنفيذ الخطة”.

وعدّد خوري جملة ثغرات قد تواجه التنفيذ، سيّما الخطر الذي يسببه دخول المواطنين إلى مراكز التلقيح لجهة الإختلاط الاجتماعي، خاصة وأنّ مساحة هذه المراكز لن تكون كبيرة، وستستقبل 400 شخص يوميًا. وأردف، “كان من الأفضل إنشاء مجمعات كبيرة megacenter  في كل محافظة لاستيعاب أعداد المواطنين للحفاظ على مسافة آمنة، وتباعد بين المتلقحين، ومنع الإكتظاظ”.

لكن خوري أكد لـ”أحوال” إلى أنّه “في حال جرى تنفيذ الخطة بشكلٍ مدروس، فإنّنا بحاجة إلى عام لنصل إلى نسبة مناعة لازمة للجم انتشار العدوى، وتخفيض عدد الإصابات، ووقف النزيف الحاصل في قطاع المستشفيات. وبعد ذلك يمكن إعادة فتح البلد بشكلٍ طبيعي من دون الإجراءات الوقائية الصارمة، والإكتفاء بإجراءات وقائية عادية”. كما شدّد خوري على “وضع خطة إعلامية بالتعاون مع البلديات لإقناع المواطنين بتلقي اللقاح، في ظل الأخبار الكاذبة التي تتحدث عن مضاعفات سلبية للقاح، ولكي تصل نسبة التلقيح إلى 80 في المئة من المقيمين على الأراضي اللبنانية. وإلا فإنّ الإكتفاء بنسبة 30 في المئة لن يصلنا إلى الأهداف المرجوة من خطة التلقيح وبالتالي استمرار العدوى”.

وأشار خوري إلى أنّ “تحوّل الفيروس يستوجب القيام بعملية التلقيح بأسرع وقت ممكن، للحدّ من نسبة الإصابات قبل حصول مستجد على صعيد تحوّر الفيروس بشكلٍ لا ينفع معه اللقاح”. ولذلك بحسب خوري،  يُسرع الأميركيون بعملية التلقيح التي وصلت إلى مليون شخص يوميًا لمواجهة تحولات الفيروس”.

واقترح وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي توقيع كل متلقي للقاح تعهد رفع مسؤولية عن أي تداعيات سلبية محتملة.

عراجي: المواكبة بخطة اجتماعية

ويرى النائب عراجي في حديث لـ”أحوال” أنّ “الخطة الوقائية واستراتيجية التلقيح لن تؤتيا بثمار، ولن يُكتب لهما النجاح إذا لم تترافقا مع خطة للمساعدت الاجتماعية وتعزيز صمود المواطنين المحجورين في منازلهم”. ويوضح أنّ “الأوضاع الاجتماعية الصعبة ستدفع بالمواطنين الأكثر فقرًا إلى الولوج للطرقات بهدف التظاهر؛ ما يؤدي إلى الإختلاط وزيادة عدد الإصابات، وهذا ما حصل خلال اليومين الماضيين في أكثر من منطقة”.

ويلفت إلى أنّ “خطة التلقيح ليست سهلة وقد تمتد لعام كامل لكي نصل إلى مناعة مجتمعية شاملة، وهذا الأمر لا يقتصر على لبنان فحسب؛ بل حتى خطة التلقيح في الولايات المتحدة الأميركية لن تنتهي قبل الصيف المقبل”. والأهم برأي عراجي، هو ردة فعل المواطنين تجاه اللقاح وتمنعهم عن تلقيه لأسباب متعددة.

وفيما يدعو عراجي إلى اعتماد إلزامية التلقيح، يلفت وزير الصحة لـ”أحوال” إلى أنّه “لا يمكننا إلزام المواطن باللقاح، لكن نسبة الإقفال ارتفعت 50 في المئة بعد خوف المواطنين من ارتفاع عدد الإصابات والوفيات، إضافة إلى التثبت عالميًا بأن لا مضاعفات سلبية للقاح فايزر باستثناء بعض الوفيات”.

وطرح عراجي أيضًا في اجتماع اللجنة إشكالية تلقيح النازحين السوريين، سيّما في مخيم برّ الياس الذي يحوي مئة ألف نازح، والتداعيات المتوقعة لاختلاط هؤلاء مع أهالي المنطقة. كما شدّد على أولوية تلقيح الحّجاج بعدما طلبت السعودية ذلك.

محمد حمية

 

 

 

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى