مجتمع

مصادر وزارية لـ”أحوال”: الإقفال العام يترنّح تحت وطأة الغضب الشعبي

من حرّك الشارع: الجوع أم السياسة؟

من خارج سياق ما يجري في لبنان، انطلقت أمس واليوم تحركات شعبية في أكثر من منطقة لبنانية، اعتراضاً على قرارات الإقفال التام الذي أتعب الفقراء، في وقت تغيب فيه الدولة عن تقديم لهم أبسط مقومات الصمود. من طرابلس انطلقت التحركات في ليلة عصيبة شهدت ما أسماه البعض “إنتفاضة” فقراء طرابلس على ما يعانون منه، وذلك بعد كثرة الحديث عن عدم التزام أهل المدينة بالإقفال العام.

الإقفال العام يترنّح

بعد أن أكمل الإقفال العام فترته الأولى، ودخل أمس فترة التمديد التي تستمر حتى الثامن من شباط، تعرّض القرار لهجوم كثيف من أكثر من جبهة، والبداية كانت من أصحاب السوبرماركات ومحلات الخضار والفواكه والمزارعين، ومن ثم من قبل أصحاب السيارات العمومية والعاملين في مجال النقل العام الذين يتحضرون ربما لإعلان العصيان على قرار الإقفال، والنزول إلى الشارع للمطالبة بحقهم في العمل، ومن قبل الصناعيين الذين رفعوا الصوت في السراي الحكومي خلال لقاءهم مع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، وأخيراً من قبل مواطنين غاضبين في أكثر من منطقة
لم يسقط “الإقفال العام” بعد، ولكن يبدو بحسب مصادر وزارية متابعة أن هناك صعوبة في استكماله حتى 8 شباط، ويمكن وصف حالته بأنه “يترنّح”، لأن المعارضين أصبحوا كثر، والمخالفين أكثر، ولا يمكن للقوى الأمنية أن تمنع غالبية الشعب اللبناني من الخروج بحال قرروا هم ذلك، مشيرة إلى أن الأسبوع الحالي يشهد ارتفاعاً ضخماً بأعداد المخالفات، فالمحال التجارية باتت تفتح بضع ساعات في النهار، والكل يرفع الصوت بوجه قرار الإقفال، كما أن النزول للشارع لأجل الإعتراض يبدو أنه بطريقه لكي يصبح على كامل الأراضي اللبنانية، خصوصاً بعد بروز دعوات لتحرك غداً في النبطية من قبل “ثوار المدينة”.

ماذا عن علاقة التحركات بالسياسة؟

فتحت التحركات الشعبية الباب أمام مجموعة من التساؤلات حول ما إذا كانت هذه التحركات ذات أهداف سياسية أو فقط ذات طابع معيشي بحت، لا سيما أنها في الصورة العامة اقتصرت على المناطق ذات الأغلبية السنية: طرابلس، صيدا، برجا، بعض أحياء العاصمة بيروت، تعلبايا.
وفي هذا السياق، لا تجزم المصادر الوزارية سبب التحركات، مشيرة إلى أن التساؤلات في هذا السياق منطقية، ومصدرها يعود إلى أن تيار “المستقبل” قد يكون مستفيداً من تحريك الشارع إنطلاقاً من العناوين المعيشية، من أجل الضغط على رئيس الجمهورية ميشال عون بهدف الموافقة على الصيغة الحكومية التي كان قد تقدم بها، وبالتالي بالطروحات التي لديه على هذا الصعيد، أو حتى انتفاع لاعبين آخرين على الساحة السنية من تحركات كهذه تزيد من الضغط على السلطة.
وما يزيد من منطقية هذه الطروحات بالنسبة للمصادر الوزارية هو إقفال طريق الجنوب، لأن هذا الفعل بالتحديد لم يتعلق يوماً بمطالب شعبية بل سياسية، داعية للإنتظار لبعض الوقت قبل الحكم على شكل وأسباب التحركات بشكل حاسم.
بالتزامن، هناك من يربط بين ملف التحقيقات المتعلقة بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة في سويسرا وهذه التحركات، على قاعدة أن الساحة اللبنانية مفتوحة أمام أي جهة قد يكون لها مصلحة في الإستثمار فيها، إلا أن المصادر الوزارية نفسها تعتبر أنه من الصعوبة في مكان الوصول إلى هذا الإستنتاج.

طرابلس يحرّكها جوع أهلها

في المقابل، تنفي مصادر طرابلسية مسؤولة، ربط التحركات في المدينة بالملفات السياسية، وتشير عبر “أحوال” إلى أن المحرك الأساسي للتحركات في طرابلس هو فعلاً الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية التي يعاني منها المواطنون هناك، مشددة على أن البيئة السنية تفتقد بشكل أساسي إلى نظام الرعاية الإجتماعية الموجود في باقي الطوائف، حيث تتولى العديد من الجهات أو الشخصيات السياسية تقديم المساعدات، كما هو الحال في البيئتين الشيعية والدرزية على سبيل المثال.
وتلفت هذه المصادر النظر إلى أنه إنطلاقاً من ذلك لم يكن من المستغرب أن تكون عاصمة الشمال هي أول المناطق المنتفضة على قرار تمديد الإقفال العام، نظراً إلى عدم توازيه مع تقديم مساعدات إجتماعية تساعد المواطنين على الصمود أو الإلتزام في بقاء منازلهم، لا سيما أن نسبة الفقر في المدينة مرتفعة جداً، وتذكّر بأن طرابلس كانت قد شهدت العديد من التحركات في أوقات سابقة، سواء خلال الإقفال الحالي أو في الإقفالات السابقة.

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى