صحة

علماء مستاؤون من الإعلام: لقاحات كوفيد لا تسبّب الوفاة

في وقت عيون العالم شاخصة نحو لقاحات كوفيد_ 19، تستغل الجماعات المناهضة للقاحات معاناة وموت الأشخاص الذين يصادفهم المرض بعد تلقيهم لقاح كوفيد، في حملات إعلانية تهدّد بتقويض حملات التطعيم. ويساهم الإعلام ووسائل التواصل في نشر معلومات مضلّلة عن اللقاحات، تطيح بتجارب يمكنها تخفيف وطأة الوباء القاتل.

بالمقابل، نفى علماء وأطباء أوبئة أن تسبّب اللقاحات بوفاة الأشخاص، مبديين استئياءهم من انتشار الشائعات عبر الإنترنت.

تقرير يدحض الشائعات

نشرت اليوم شبكة CNN تقريراً إخبارياً يدحض الشائعات حول لقاحات كوفيد_19، مستشهدة بعلماء أوبئة وأطباء، لفتوا أنّه في بعض الحالات، يقوم النشطاء المناهضون للقاحات بتلفيق قصص وفيات لم تحدث حتى.

وقال الدكتور بيتر هوتيز، أخصائي الأمراض المعدية ومؤلف كتاب “منع الوباء التالي: دبلوماسية اللقاحات في زمن مناهضة العلم”: هذا هو بالضبط ما تفعله المجموعات المناهضة للقاحات.

وزعمت المجموعات المناهضة للقاحات زوراً على مدى عقود أنّ لقاحات الطفولة تسبّب التوحد، ونسجت نظريات مؤامرة تشمل الحكومة والشركات الكبيرة ووسائل الإعلام.

وقال هوتيز إنّ المجموعات نفسها تلقي باللوم في حالة الوفاة على حقن فيروس كورونا، حتى عندما يكون من الواضح أنّ العمر أو الظروف الصحية الأساسية هي المسؤولة. وأضاف: “سوف ينسبون أي شيء يحدث إلى اللقاح”.

وقال عالم الأوبئة مايكل أوسترهولم، مدير جامعة أوسترهولم، إنّه مع تلقي المزيد من كبار السن لجرعاتهم الأولى من مرض كوفيد -19، سيعاني الكثيرون حتمًا من نوبات قلبية، وسكتات دماغية، ومشكلات طبية خطيرة أخرى- ليس بسبب اللقاح، بل بسبب تقدمهم في السن وتدهور صحتهم.

على سبيل المثال، في مجموعة من 10 ملايين شخص، يموت ما يقرب من 800 شخص تتراوح أعمارهم بين 55 و 64 عامًا بسبب النوبات القلبية أو أمراض الشريان التاجي في أسبوع واحد؛ على حد قول أوسترهولم، الذي حذّر من أنّ مسؤولي الصحة العامة “ليسوا مستعدين” لهجوم الأخبار وقصص وسائل التواصل الاجتماعي في المستقبل”.

وأردف العالِم أنّ بعض وسائل الإعلام تكتب قصة “فلان” الذي حصل على لقاحه في الساعة 8 صباحًا والساعة 4 مساءً أًصيب بنوبة قلبية؛ ويضعون افتراضات أنّ اللقاح هو السبب والنتيجة.

وتابع العالم الذي خدم في المجلس الاستشاري الانتقالي للفيروس التاجي للرئيس جو بايدن، أنّ مسؤولي الصحة العامة بحاجة إلى القيام بعمل أفضل للتواصل مع المخاطر- الحقيقية والمتخيلة – من اللقاحات؛ “لديك فرصة واحدة لتترك انطباعًا أوليًا، حتى لو عدنا لاحقًا وقلنا لا علاقة للوفيات بالتطعيم، لقد كان مرضًا في الشريان التاجي مثلاً، فلقد تم بالفعل الضرر”.  لافتاً إلى أنّ المجموعات المضادة للقاحات مثل المركز الوطني لمعلومات اللقاح والدفاع عن صحة الأطفال، التي أسسها روبرت إف كينيدي جونيور، تثير بالفعل مخاوف بشأن عدد قليل من الوفيات- معظمها في أوروبا – التي أعقبت إطلاق التطعيمات في جميع أنحاء العالم.

وفيات حصلت بعد تلقي اللقاح

وكشفت الـ CNN في تقريرها عن حالات وفيات حصلت بعد تلقي أصحابها لقاح كوفيد_19. وقالت: في الولايات المتحدة، انتقد معارضو اللقاح مأساة الدكتور غريغوري مايكل، طبيب أمراض النساء والتوليد البالغ من العمر 56 عامًا في فلوريدا، لإثارة الشكوك حول سلامة اللقاحات والرقابة الحكومية. توفي مايكل في 5 يناير بعد تعرّضه لانخفاض كارثي في الصفائح الدموية، مما يشير إلى أنّه ربما يكون قد طوّر نقص الصفيحات المناعي.

وفقًا لما نشرته زوجته هايدي نيكلمان على فيسبوك، جرّب الأطباء مجموعة متنوعة من العلاجات لإنقاذ زوجها، لكن لم ينجح أي منها.

في هذا الإطار، قال متحدث باسم مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، إنّ الوكالة تحقق في وفاة مايكل، كما تفعل مع جميع المشكلات الصحية المشتبه بها المتعلّقة باللقاح.

وأوصت سلطات كاليفورنيا بوقف التطعيمات بدفعة معينة من لقاحات كوفيد التي تصنعها شركة موديرنا بسبب ارتفاع معدل الحساسية. بعد إجراء تحقيق، استؤنفت اللقاحات بعد بضعة أيام.

حول الموضوع، قال العالم  أوسترهولم: “سنشهد مثل هذه الأحداث، وعلينا متابعة كل حالة من هذه الحالات “.  وتابع، “لا أريد أن يعتقد الناس أننا نكتسحهم تحت البساط. كان العديد من الأميركيين قلقين بالفعل بشأن لقاحات فيروس كورونا، حيث قال 27٪ إنّهم “على الأرجح أو بالتأكيد” لن يحصلوا على حقنة، حتى لو كانت اللقاحات مجانية واعتبرها العلماء آمنة.

في هذا الإطار، قال روري سميث، مدير الأبحاث في First Draft، وهي منظمة غير ربحية تقدم معلومات مضلّلة عبر الإنترنت، إنّ هؤلاء الأشخاص قد يكونون عرضة بشكل خاص للمعلومات الخاطئة عن اللقاحات.

وفاة مايكل غر يغوري حالة نادرة

قال سبع خبراء في اضطرابات الدم إنّه لا توجد معلومات كافية متاحة لإلقاء اللوم بوفاة مايكل على أحد اللقاحات، مؤكدين أنّ الفوائد الموضحة للقاحات فيروس كورونا تفوّقت إلى حد كبير أي خطر محتمل للنزيف. حتى لو خلص المحققون إلى أنّ لقاح مايكل تسبب في وفاته، فسيظل ذلك حدثًا نادرًا للغاية.

وقال الدكتور جيمس زيندر، أخصائي أمراض الدم ومدير قسم علم الأمراض السريري في ستانفورد ميديسن: “لا ينبغي أن يشكّ أي شخص عما إذا كان اللقاح آمنًا أم لا”.

وقال الدكتور آدم كوكر، مدير مركز بن لاضطرابات الدم في مستشفى جامعة بنسلفانيا، إنّ اضطراب نزيف مايكل كان يمكن أن يتطوّر بصمت لبعض الوقت؛ وقال إنّه قد يكون من قبيل المصادفة أن تظهر الأعراض على مايكل بعد وقت قصير من التطعيم.

وقال الأطباء إنّ توقيت مرض مايكل يوحي بأن له سببًا آخر. وبحسب منشور زوجته على فيسبوك، بدأت مشاكل نزيفه بعد ثلاثة أيام من إصابته بالفيروس. فيما قالت الدكتورة سيندي نيونرت، أخصائية أمراض الدم لدى الأطفال في مركز إيرفينغ الطبي بجامعة كولومبيا في مدينة نيويورك، إنّ الجسم يستغرق من 10 إلى 14 يومًا بعد التطعيم لتكوين الأجسام المضادة، والتي ستكون ضرورية لإحداث نقص الصفيحات المناعي.

وقال الدكتور ديباك بهات، المدير التنفيذي لبرامج القلب والأوعية الدموية التداخلية في مستشفى بريغهام والنساء في بوسطن، إنّه في معظم الحالات، لا يُعرف سبب قلة الصفيحات أبدًا.

وقال الدكتور سفين أولسون، الأستاذ المساعد لأمراض الدم والأورام الطبية في كلية الطب بجامعة أوريغون للصحة والعلوم، إنّه يمكن أيضًا أن يكون سببها الفيروسات نفسها، بما في ذلك الحصبة وفيروس كورونا الجديد.

وسائل التواصل تنشر أخباراً كاذبة

قال ريتشارد كاربيانو، أستاذ السياسة العامة وعلم الاجتماع بجامعة كاليفورنيا في ريفرسايد، إنّ معارضي التطعيم قلّلوا من شأن مخاوفهم بشأن فيروس كورونا الجديد لأشهر، وعارضوا الأقنعة ومحاربة أوامر البقاء في المنزل.

وقال كاربيانو: “لقد عارضوا كل إجراءات الصحة العامة للسيطرة على الوباء”. لقد قالوا إنّ الصحة العامة هي العدو رقم 1.”

في الآونة الأخيرة، كان النشطاء المناهضون للقاحات حريصين للغاية على تشويه سمعة التطعيمات لدرجة أنّهم ألقوا باللوم على كوفيد في وفاة أشخاص..

وقالت دوريت ريس، الأستاذة في كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، إنّ مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي قاموا بشكل انتقائي بتحرير مقطع فيديو لممرضة من ولاية تينيسي، تيفاني دوفر، ليجعلها تبدو وكأنها ميتة بعد تلقيحها، بينما في الواقع أُغمي عليها ببساطة. على الرغم من تعافي دوفر بسرعة، نشر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي شهادة وفاة ونعي مزيفة. وتابعت ريس، “إنّ النشطاء المناهضين للقاحات قاموا أيضًا بمضايقة دوفر وعائلتها عبر الإنترنت؛ وكانوا بارعين في التلاعب بالفيديو.

ترجمة عن CNN: لطيفة الحسنة

 

لطيفة الحسنية

صحافية متخصصة في الإعلام الرقمي. أطلقت حملة لمكافحة الإبتزاز الالكتروني عام 2019، تناولت تدريب الضحايا على كيفية التخلّص ومواجهة جرم الابتزاز تضمنت 300 حالة حتى تموز 2020. عملت كمسؤولة إعلامية في منظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى