منوعات

مطالبة بحصر اللّقاح باللّبنانيين… عنصرية بقناع الوطنية

لم تكن تغريدة عضو المكتب السياسي في التيار الوطني الحر وديع عقل والتي دعا فيها إلى حصر لقاح كورونا باللّبنانيين، مجرّد زلّة تعبير. فالرجل تشبّث برأيه بعد أن لاقت تغريدته استهجان فئة واسعة من الناشطين متهمين إياه بالعنصرية والانعزالية، معتبرًا أنّ اقتراحه هذا نابع من وطنيته.

وفي الردود، لم يكن وديع عقل وديعًا ولا عاقلًا، بل انبرى لاتهام معارضيه بـ”التشاطر”، وبرّر اقتراحه بالقول: “الدول الأغنى في العالم حصرت التلقيح بالمواطنين وحاملي الإقامات وهم الأولوية. نحن اللّبنانيون ندفع من عرق جبيننا لقاء حماية أهلنا، ونحن مسروقون. فمن يريد أن يأخذ اللّقاح فليدفع ثمنه وأهلا وسهلاً”.

عقل لم يبقَ وحيدًا في “ساحته”، بل انضمّ إليه جوقة من المدافعين، الذين اعتبروا أنّ الإمعان في رفض “الغريب” ينمّ عن انتماء وولاء للوطن، ومعظم هؤلاء ينتمون للتيار الوطني الحر، على رأسهم الناشط السياسي ناجي حايك.

فكتب هذا الأخير عبر حسابه: “لا بلد في العالم يسمح بتلقيح اي شخص موجود على أرضه قبل تلقيح مواطنيه. يعني على الأمم المتحدة استكمال إيصال الطعم لجميع اللبنانيين قبل أن نسمح بإيصال أي جرعة لأي غريب”.

ولاقى حايك، حاله حال زميله عقل، حصته من التوبيخ عبر تويتر، ما استوجب تجييش الفرق الالكترونية للدفاع عنهما، إلاّ أنّ هؤلاء المدافعين فاتهم أنّ هذه المواقف المتكررة والتي تأخذ منحىً عنصريًا، فهي وإن كانت تسيء لأحد فهي أكثر ما تسيء للتيار الوطني الحر نفسه، إذ يقدّم بعض المنتمين لهذا الفريق صورة لا تعكس المبادئ التي لطالما نادى بها الرئيس ميشال عون عبر مطالبته بتحسين ظروف عيش اللّاجئين الفلسطينيين في لبنان.

كما استدعت هذه المطالبات ردًا من اللّجنة الدولية للصليب الأحمر في لبنان عبر صفحتها على تويتر رأت من خلاله أن توزيع لقاح كورونا يجب أن يكون بشكل متكافئ على كل فئات المجتمع، مع التركيز على الأكثر عرضة للإصابة والأكثر تأثراً بالمضاعفات، مشدّدةً على عدم التفرقة في حماية أرواح البشر بين الأغنياء في المدن والفقراء في المجتمعات الريفية، والمسنين في دور الرعاية والشباب في مخيمات اللاجئين.

المطالبون بحصر اللّقاح باللّبنانيين فاتهم ربما أنّ الفيروس لا يسأل عن هويّة حين يصيب، هو يفتك وحسب، فكيف لهؤلاء “السوبر لبنانيين” أن يتصرّفوا حين يصيب كورونا “اللّالبنانيين” في لبنان؟ وماذا ينفع لقاحهم عندئذٍ ، ما دام الاختلاط سيعود بين من حظيوا باللّقاح ومن حُرموا منه بذريعة أنّهم “دون الجنسية المطلوبة”؟.

 

نُهاد غنّام

صحافية تمارس المهنة منذ العام 2007، حائزة على الماستر في الصحافة الاقتصادية من الجامعة اللّبنانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى