ميديا وفنون

الإعلام اللبناني يغرق مجدّداً… صورة من إسبانيا تعرّي MTV وزميلاتها

نشر صورة من إسبانيا على أنّها في لبنان لزيادة معاناة قطاع صحّي ينهار

مرّة جديدة، يثبت بعض الإعلام اللبناني أنّه إعلام يفتقد إلى حسّ المسؤوليّة، وأنّه يبحث عن زيادة عدد المشاهدات على حساب المصداقيّة وأعصاب النّاس.

ففي منتصف الليل، قامت إدارة مستشفى القدّيس جاورجيوس بنشر صورة لطاقمها الطبّي، أربع ممرّضين يسند أحدهم الآخر، ينامون تعباً وهم جالسين، بعد يومٍ مضنٍ يضاف إلى الأيام المضنية التي يقضونها في أروقة المستشفيات يمدّون مرضى كورونا بما تيسّر من دواء وعبوات أوكسيجين وجرعات معنويّة.

صورة تلخّص وضع الطّاقم الطبّي والتمريضي في لبنان، حيث يسجّل الممرّضون والأطبّاء والعاملون في المستشفيات بطولات، أنهكهم الوباء، يعملون على مدار السّاعة بأجورٍ تساوي تقريباً لا شيء، يقفون في الجبهات الأماميّة في معركة الوباء، يحتاجون إلى القليل من الدّعم المعنوي، ليقووا على السّير قدماً في معركة لا يُعرف إلى متى ستستمر.

بعدها بساعات، لم تجد محطّة MTV  سوى صورة من إسبانيا، تظهر الطّاقم الطبّي منهاراً يفترش الأرض، بما يؤشّر إلى انهيار منظومة القطاع الطبّي والتمريضي أمام ضربات الوباء.


صورة تضاف إلى سلسلة صور لمرضى لا يجدون سريراً في المستشفى، وممرّضين أمام اختبار صعب، تحديد الأولويّات من يحق له دخول المستشفى ومن عليه أن يعود أدراجه إلى منزله حيث ينتظره مصير مجهول، أسقط في يدهم، فلا أسرّة في المستشفيات. لا نعاني أبداً من شحّ المصائب لنستورد مصيبة ونتبنّاها لنقصف على إنجازات حكومة لم تنجز شيئاً بالأصل.

لم تعتذر المحطّة رغم الهجوم الحاد الذي شنّه عليها مواطنون رأوا في استيراد المآسي من الخارج لزيادة المأساة اللبنانيّة سوداويّة، لا يصنّف في خانة أنّ المحرّر غارق في تغطية أخبار كورونا، وأنّه في ذروة انشغاله لم يجد وقتاً للتأكّد أنّ هذه الصورة ليس من عندنا، وإن كان ما عندنا أكثر مأساويّة، ففي عصر الوباء الذي يخطف الأرواح تصبح الجنحة جناية في بلد يعيش على التنفّس الصّناعي.

فما الهدف من نشر صورة من إسبانيا والقول إنّها في لبنان، وإنّ الممرضين هنا انهاروا أرضاً، وإنّكم أيها المواطنون لو وجدتم سريراً في المستشفى، لن تجدوا حتماً ممرّضة تهتم بكم، فالممرضون ملقون على الأرض لا حول لهم ولا قوّة، وأنتم في أسرّتكم تختنقون ولا تجدون من يمدّكم بجرعة أوكسيجين.

لا يقتصر الأمر على محطّة MTV  بل معظم الإعلام اللبناني لا يزال ينفّذ أجاندات حتى في زمن الوباء والناس تموت قهراً قبل أن تموت مرضاً، ثم تعود وتلقي على المواطن محاضرات للالتزام بالحجر المنزلي، على طريقة النّاظر الذي ضاق ذرعاً بتلميذ بليد لا يتجاوب، يهزّ له العصا على قاعدة “العصا لمن عصى” في مشهد يظهر كم أن بعض الإعلام يحتقر المواطن ويتعامل معه بصفته قاصراً، وليس ثمّة من هو قاصر أكثر من إعلام احترف التّهويل، حتى في نشرات الأحوال الجويّة، حيث يخبر المواطن أنّ ثمّة عاصفة قادمة “تشبّثوا” فيشعر هذا الأخير بأنّ سقف منزله سيطير ولن يجد جدراناً تأويه.

في زمن الكل فيه يعاني، قد نجد عذراً لصحافي اختلطت عليه الأمور، لكن العذر لمن اعتذر، أمّا من يكابر، فيضع نفسه في خانة المتآمر، الذي يصفّق للمآسي، للتّصويب على فشل دولة لم تعد تجد أصلاً من يدافع عنها.

إيمان إبراهيم

صحافية لبنانية، خريجة كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. كتبت في شؤون السياسة والمجتمع والفن والثقافة. شاركت في إعداد برامج اجتماعية وفنية في اكثر من محطة تلفزيونية.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. إنما الأمم الاخلاق ما بقيت.. فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا..
    عندما تنعدم الأخلاق تنعدم معها الإنسانية. ويقال إذا لم تستح فافعل ما شئت.
    ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي تبث فيها قناة mtv اشاعات واكاذيب وتحريض على الفتنة وتشويه الحقائق.. هذا دينها وديدنها منذ ان عرفناها.
    عندما تسود القلوب بالاحقاد نتجاوز كل الحدود حتى الانسانية.
    انه الحقد الدفين والكراهية العمياء والعمالة للخارج، هذه هي الحقيقة ببساطة.
    لو كانوا يحترمون انفسهم لبادروا الى الاعتذار وهي فضيلة لمن يعطي للفضائل قيمة..
    لكن فاقد الشيئ لا يعطيك.
    ابحث عن الحقد والكراهية العمياء تجد امثال ام تي في والعربية وما شاكل من ابواق الدجل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى