صحة

الطفرة الجديدة من كورونا تضع لبنان في مهب الكارثة

سلالة جديدة من فيروس كورونا المستجد تنتشر في لبنان كالنّار في الهشيم، من المرجح أن تكون النّسخة البريطانية الجديدة منه، إلّا أنّ ذلك لم يُحسم بعد. أمّا المعروف حتى الآن، وبناءً على دراسةٍ يجريها الباحثان في الجامعة اللّبنانية الدكتور في العلوم البيولوجية فادي عبد الساتر والدكتور في العلوم الجرثومية قاسم حمزة، بالتعاون مع مستشفى بهمن ومستشفى الرسول الأعظم، أنّه منذ أوائل كانون الأوّل بدأ رصد إصاباتٍ بفيروس كورونا المتحوّر أي الذي ينقصه البروتين التّاجي المسؤول عن الاحتكاك المباشر مع الخلايا البشرية. شيئًا فشيئًا، بدأت تزداد هذه الحالات، ليستنتج الباحثون في الجامعة اللّبنانية أنّ هذه الظاهرة الغريبة في عددٍ من فحوص الـPCR دليلٌ على طفرةٍ جديدة.

إعلان بريطانيا في العشرين من كانون الأوّل عن السلالة الجديدة التي ظهرت هناك في تشرين الأوّل، تلاه بعد أيامٍ قليلةٍ إعلان وزارة الصحة اللّبنانية عن تسجيل أوّل إصابة بالسلالة الجديدة من الفيروس المستجد على متن طائرة وصلت من بريطانيا وفق نتائج مختبرات الجامعة اللبنانية المعنية بتحليل فحوصات المسافرين الوافدين إلى لبنان التي تُجرى في المطار.

في هذا الإطار، يشير د. عبد الساتر إلى أنّه في الفترة التي سبقت الإعلان لم تكن تُجرى فحوصات للوافدين من لندن في المطار، ما يعني أنّه من المرجّح أنّ هناك أشخاصًا وصلوا لبنان حاملين السلالة الجديدة قبل الإعلان الرّسمي عن أوّل إصابة، لتنتشر السلالة البريطانية في لبنان من دون أن يُعرف ذلك، ما يلتقي مع تقديرات الباحثين الذين رصدوا حتى أواخر كانون الأوّل خمسين حالة في مختبرين فقط وفق الطريقة ذاتها المستخدمة في بريطانيا.

ويضيف د. عبد الساتر أنّنا بحاجةٍ لاستخدام تقنية الـsequencing لتحديد تسلسل الشيفرة الجينية للفيروس لنتأكّد ما إذا كانت السلالة الجديدة في لبنان هي نفسها السلالة البريطانية أم لا، ولهذه الغاية أُرسلت عينة إلى الخارج بانتظار النتيجة، مؤكّدًا أن الطفرة الجديدة خطيرةٌ لسرعة انتشارها، ففي بداية كانون الثاني كانت 16% من الحالات الإيجابية ضمن الفحوصات في المستشفيين هي لإصابات بالفيروس المتحّور، لترتفع النّسبة تدريجيًا إلى 70% في منتصف كانون الثاني.

حتى اللّحظة، لم يُرصد أيُّ اختلاف في العوارض بين الفيروس الأصلي والمتحّور، ولكن سرعة انتشار الطفرة الجديدة تتسبّب بارتفاع عدد الإصابات بشكلٍ سريعٍ، وهو ما يُرصد حاليًا في لبنان، بحسب ما يشير د. عبد الساتر، شارحًا أن ارتفاع عدد الإصابات في لبنان يعود، بالإضافة إلى التجمعات خلال الأعياد، إلى انتشار السلالة الجديدة التي تسببت بارتفاع عدد الإصابات في العالم لقدرتها على الانتشار بسرعة تزيد بـ 70% عن سرعة انتشار الفيروس الأصلي، علمًا أن هذه السلالة البريطانية هي الأسرع انتشارًا بين مختلف السلالات المكتشفة، والوقاية منها تتطلّب مزيدًا من التّشدّد في تطبيق الإجراءات الوقائية.

ومن هنا، يلفت د. عبد الساتر إلى أن ارتفاع عدد الإصابات يعني أن الأشخاص الذين يعانون من مشاكلَ صحيةٍ سيكونون أكثر عرضةً للإصابة، وهم معرّضون بشكلٍ أكبر للموت، ما يرفع نسبة الوفيات من مجمل عدد الإصابات، ولا سيما أن المستشفيات في لبنان بلغت قدرتها الاستيعابية القصوى، محذّرًا من أنّنا تخطّينا السيناريو البريطاني في ما يتعلّق بانتشار الطّفرة الجديدة.

ويشير د. عبد الساتر إلى أن هذه السلالة باتت منتشرةً في كافّة المناطق اللّبنانية، إلّا أنّ المختبرات لا تتمعّن في تفاصيل التركيبة الجينية، بل تكتفي بتحديد ما إذا كانت النتيجة إيجابيةً أم سلبيّة، مضيفًا أنه ما من معطياتٍ إضافيةٍ متوفّرة حول الطفرة الجديدة، بما في ذلك مدى استجابة الفيروس المتحّور للقاحات المتوفّرة، ولا سيما أن أيًّا من شركات الأدوية لن تعترف بنقيض ذلك خوفًا من خسارة مليارات الدولارات.

 

آلاء ترشيشي

آلاء ترشيشي

مذيعة ومقدمة برامج. محاضرة جامعية. حائزة على ماجستير في العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى