مجتمع

كورونا لبنان: أطباء الخطوط الأمامية محرومون من النقابة!

الطّبيب المقيم في الجامعة اللّبنانية عاجز عن دفع رسوم النّقابة التي تبلغ قرابة خمسة ملايين ليرة لبنانية

منذ أن أُعلِن عن أول إصابة بفايروس كورونا في لبنان في شباط العام الماضي، هرع مجموعة من الأطبّاء المقيمين في الجامعة اللبنانيّة لنداء الواجب، يومها لم يكن لبنان يدرك هول المصيبة القادمة، إلّا أنّ هؤلاء الأطبّاء كرّسوا وقتهم، ووضعوا حياتهم على المحكّ في أوّل تواصل مباشر مع مرضى الكورونا في لبنان، في مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت، وأسّسوا لهذه المهمّة (وحدة كورونا).

كرة الفايروس المستجد بدأت تتدحرج بشكل سريع جدًّا، رغم كل الخطوات التي قامت بها وزارة الصّحة ولجنة كورونا، وبقي هؤلاء الأطباء في خط الدّفاع الأول لمواجهة كورونا، وأبلوا بلاءً حسنًا في وطيس الحرب على الجائحة، وكما شاهدنا الفيديوهات التشجيعية والحملات الإعلانية التي بُثّت على وسائل الإعلام لشدّ أزرهم، ولا ننسى حملات التصفيق للفرق الطبية وفي طليعتها وحدة كورونا، كما حصل في عشرات الدول، إلّا أن الفرق بين تلك الدول ولبنان، أنّها حفظت حق أطبائها، وقدّمت لهم كل ما يلزم من دعم مادي ومعنوي، أمّا لبنان فلم يفعل شيئًا سوى التصفيق.

الحلّ الوحيد والأجدى في هذه القضيّة هو الانتساب إلى نقابة الأطبّاء في لبنان

عدد كبير من الأطباء المقيمين في الجامعة اللّبنانيّة يكرّسون حياتهم لمحاربة الجائحة، معرّضين نفسهم للإصابة بالفايروس وربّما الوفاة، وهذا ما حصل في العديد من الحالات، إلّا أنّه في حال إصابتهم من يتكفّل بمعالجتهم؟ يسأل الطبيب المقيم في الجامعة اللّبنانية الدكتور حسين طفيلي في حديثه لـ”أحوال”، ويشير إلى أنّ أطبّاء الجامعة اللّبنانية منتسبين إلى الصّندوق الوطني للضّمان الإجتماعي كأي مواطن، أي أن الضّمان لا يغطّي كلّ تكاليف العلاج من أي مرض بل جزء منها، كذلك لا يغطّي تكاليف كورونا وأدويتها ذات السّعر المرتفع، أما في حال الوفاة فمن يعوّض على عائلة الطّبيب وأهله وأولاده؟ طبعًا لا أحد، وفق ما يؤكّد طفيلي.

الحلّ الوحيد والأجدى في هذه القضيّة هو الانتساب إلى نقابة الأطبّاء في لبنان، كي يضمن الطّبيب استشفاءه وتعويضًا لعائلته في حال وفاته، إلّا أنّ الطّبيب المقيم في الجامعة اللّبنانية عاجز عن دفع رسوم النّقابة التي تبلغ قرابة خمسة ملايين ليرة لبنانية، بالمقابل يتراوح راتب الطّبيب في الجامعة اللبنانية بين 800 ألف ل.ل و مليون ونصف المليون ل.ل، فكيف يمكن أن يقتطع الطّبيب من معاشه الزهيد هكذا مبالغ حتى لو تم تقسيطه شهريًّا نظرًا لانهيار الليرة اللبنانية، وفي ظلّ الغلاء الفاحش؟ وفق ما يؤكّد الطّبيب طفيلي.

النّقابة اتّفقت مع عدد من المصارف على تقديم قروض ميسّرة بفوائد منخفضة لدفع رسوم النّقابة

“أحوال” نقل القضيّة إلى نقيب الأطبّاء الدكتور شرف أبو شرف الذّي أكّد تعاطفه مع هؤلاء الأطباء وشعوره بحالهم، ولفت إلى محاولته القيام بما يلزم من أجل تنسيبهم للنّقابة، واعتبر أن المشكلة قانونية بالدّرجة الأولى، إذ لا يحق له التّصرف بأموال النّقابة، وإذا أرادت النّقابة أن تنسبهم دون رسم، فهذا يحتاج إلى جمعيّة عموميّة، ومن الصّعوبة عقد جمعيّة عموميّة في ظلّ تفشّي الجائحة، كذلك يحتاج الأمر إلى قانون.

ولفت أبو شرف إلى أنّ النّقابة اتّفقت مع عدد من المصارف على تقديم قروض ميسّرة بفوائد منخفضة لدفع رسوم النّقابة، وبعض الأطباء استفاد من هذا الإجراء، إلا أن الباقين لم يتقدّموا للمصارف بطلب للاستحصال على القرض بسبب الوضع المالي الصّعب الذي يمر به معظم الأطبّاء، وأشار إلى أنّ النّقابة ستعمل ما بوسعها مع لجنة الصّحة النيابيّة، من أجل إيجاد الحل القانوني لتنسيب هؤلاء الأطبّاء إلى النّقابة.

وضع الأطبّاء بشكل عام صعب، إلّا أنّ الأطبّاء الذين يتصدّون لجائحة كورونا وضعهم أصعب، على أمل أن تتحق مطالب الأطبّاء المقيمين في الجامعة اللبنانيّة بالانتساب للنّقابة، كي لا تدفعهم ظروفهم الصّعبة إلى التّخلي عن مهمّتهم الإنسانيّة، أو هجرة الوطن، بحثًا عن دولٍ تقدّر جهود مح من يضحّون في سبيل شعوبها.

 

منير قبلان

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى