منوعات

لبنان دائرة واحدة… والمسيحيون: “أكلونا الاسلام”

منذ ساعات وصف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إعادة طرح قانون الانتخاب في اللّجان النيابية المشتركة بالمؤامرة.

هي اذن مؤامرة على المسيحيين باقتراح قانون يذوبون من خلاله في الديمغرافيا الجديدة. مؤامرة اعتماد لبنان الدائرة الواحدة على أساس نسبي. من يطرح “هذه المؤامرة” هو رئيس مجلس النواب نبيه بري. سرعان ما توحد التيار الوطني الحر والقوات اللّبنانية خلف خط دفاع واحد. هذه معركة وجودية بالنسبة لهم. هل هو أحد أرانب بري قرّر اليوم أن يرفعه بوجه مطالبة الثنائي المسيحي بالتدقيق الجنائي؟ لا يهم. ما يهم أنّ ثمة ما هو خطر على الصيغة اللّبنانية كما يقولون. إنّه النظام اللّبناني الذي يضمن وجود الطوائف فيه على الأحجام المتوازنة. وعندما يقرّر أي فريق الإخلال بهذا التوازن يواجهه الفريق الآخر من خاصرته الرخوة. أي، عندما يقترح المسلمون دولة مدنية على أساس لبنان دائرة واحدة بنظام نسبي خارج القيد الطائفي، يبادلهم المسيحيون بالمطالبة بالدولة العلمانية وبنظام قانون أحوال شخصية مدني. هكذا يعود الفريقان إلى قواعدهما الأساسية في النظام الطائفي. أمّا بالأمس في مجلس النواب، كان المشهد أشبه بمظاهرة نواب لم تعتد عليها جلسات اللّجان النيابية المشتركة.
‎زحمة نواب لم تشهدها ساحة النجمة في مناسبة كهذه.
‎وصل النواب وعلى جدول الأعمال اقتراح قانون انتخاب مقدّم من النائبين أنور الخليل وابراهيم عازار
‎واقتراح قانون انتخاب مقدّم من كتلة الرئيس نجيب ميقاتي، واقتراح قانون انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ مقدّم أيضًا من النائبين الخليل وعازار.
‎تمحورت هذه الاقتراحات على قانون انتخابي للبنان دائرة واحدة مع النسبية.
‎فكان الانقسام طائفي بين مسلمين ومسيحيين.
‎عاد التيار الوطني الحر والقوات اللّبنانية واجتمعا تحت قبّة البرلمان لمعارضة الاقتراح.

ماذا حصل في داخل الجلسة المقفلة وكيف عبّر ممثلو الكتل عن هواجسهم “الوجودية”؟
‎استهلّت الجلسة بكلمة للنائب أنور الخليل ردّ فيها على الهواجس التي سمعها في الإعلام قائلاً إنّهم طلاب وحدة وليس هناك من مؤامرة لا كبرى ولا صغرى على المسيحيين من هذا الطرح.
‎ثم قرأ النائب جورج عقيص كلمة مكتوبة باسم القوات اللّبنانية داعيًا إلى سحب هذا الفتيل مؤكدًا مطالبة القوات بتطبيق اتفاق الطائف قائلا :”نعلم أنّ اليوم الذي سنقرّر فيه جميعاً إمّا تطبيق كامل للطائف أو تعديله آت لا محالة لكنّنا ندعو قبله إلى تهيئة الظروف”.
‎النائب علي فياض أثنى على ما قاله عقيص قائلاً إنّ صندوق الاقتراع ليس الضمانة الوحيدة للديمقراطية بل يجب ضمان صحة التمثيل وفاعليته قائلًا إنّ قانون الـ2017 حقّق ذلك إلى حدٍّ كبير.
‎النائب آلان عون فأكّد أنّ القانون الحالي قائم إلى حين الاتفاق على قانون آخر وأنّ الاقتراح ليس تعديلاً تقنيًا بل تعديلاً يرتقي إلى تغيير النظام السياسي. داعيًا إلى تحويل هذا النقاش إلى طاولة الحوار التي ينوي رئيس الجمهورية عقدها.
‎النائب علي حسن خليل أجاب من جهته بأنّ لا نية انقلابية لدى طارحي القانون وأنّ هناك احترام للقوانين التي تصدر عن المجلس.
أمّا رئيس اللّجان المشتركة النائب إيلي الفرزلي فيقول إنّ الثابت أنّ هناك قانون انتخابي أنتجه مجلس النواب منذ عامين هو يبقى قائم حتى الاتفاق على آخر.
النائب جميل السيد خرج من الجلسة قبل انتهائها منتقداً التوقيت الخاطئ للطرح بينما الأولويات في مكان آخر ومستغرباً زحمة النواب التي كرّست الانقسام الطائفي.
‎أمّا نواب التكتل الوطني فغابوا عن الجلسة.

‎وفي الوقت التي كانت فيه التوقعات أن تكون جلسة صاخبة، مرّت بهدوء انتهى بمشاورات بين مختلف المتحدثين باسم الكتل قبل انتهاء الجلسة.
خرجوا تباعًا بهدوء وبانسجام. وفي الوقت الذي وقف فيه ممثلو القوى خلف هواجسهم، كان حزب الله يحاول أن يكون جسرا بينهم في ثنائه على القانون السابق وعدم معارضته أي اقتراح تعديل.
‎وفي معلومات  “أحوال”، فإنّ البحث جار على الالتقاء بين الفريقين.‎ فلا القانون الحالي سيحكم الانتخابات المقبلة ‎ولا لبنان سيكون دائرة واحدة على أساس نسبي، بل إنّ اللّقاء سيحصل على تعديل في الصوت التفضيلي ليصبح صوتين في الدائرة وليس في القضاء.
هكذا سيجترّ النظام اللّبناني نفسه كما فعل دوماً. وسيكون قانون الانتخاب على قياس القوى السياسية إلى حين عقد مؤتمر تأسيسي جديد. يقول المسيحيون إنّهم عالمون أنّ ساعته قد تدنو قريباً وأنّهم قد يدفعون من رصيدهم ثمن خياراتهم السياسية الخاسرة من جهة وتبدّل موازين القوى من جهة أخرى. لكنّهم قبل هذا كلّه، وإن كانت لحظة التغيير حتمية، فسيقاتلون لعلمانية الدولة حتى الرمق الأخير.

 

جوزفين ديب

جوزفين ديب

اعلامية ومقدمة برامج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى